حسن حردان
كشفت التقارير الإخبارية عن بدء قوات الاحتلال الأميركية فيبناء قاعدة جديدة لها في ريف مدينة القامشلي تضاف إلىقواعدها المقامة في كلّ من سورية والعراق.. القاعدة الجديدةيتمّ إقامتها في نقطة ارتكاز في منطقة عين ديوار على مثلثالحدود السورية التركية العراقية، ايّ لها أهمية استراتيجية منحيث موقعها الجغرافي، المشرف على الحدود السورية مع تركياوالعراق، ما يكشف انّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تمارسسياسة دبلوماسية الخداع.. من جهة تزعم أنها لم تعد مسؤولةعن حماية استغلال موارد النفط والغاز في شرق سورية من قبلشركة انيرجي الأميركية المتعاونة مع قوات «قسد»، ومن جهةثانية تعمل في الوقت نفسه على تعزيز الاحتلال العسكريالأميركي بتركيز وتوضع القوات الأميركية في نقاط استراتيجيةجديدة في سورية لقطع الطريق على وصول القوات السورية أوالروسية إلى مناطق آبار النفط في محافظة الحسكة، وتسهمأيضاً في تعزيز قواتها في العراق، بقصد استخدامها من قبلالدبلوماسية الأميركية كوسيلة ضغط على بغداد ودمشق لانتزاعتنازلات سياسية تحقق الأهداف الاستعمارية للولايات المتحدة،مقابل سحب قواتها وتفكيك قواعدها في سورية والعراق. وتثبيت وجود القوى الموالية لها، انْ كان على مستوى السلطةالسياسية، أو من خلال تمكين القوى الانفصالية الكردية منانتزاع مكاسب على حساب الدولة المركزية في شمال العراق، أوشمال شرق سورية، لتبقى مرتكزاً أساسياً للنفوذ الأميركيالاستعماري لمواصلة التدخل في شؤون سورية والعراق لتحقيقالأهداف الأساسية التالية:
الهدف الأول، ضمان حصول الشركات الأميركية على الحصةالكبرى من الاستثمار في عمليات استخراج وتسويق النفط والغازفي كلّ من العراق وسورية..
الهدف الثاني، منع التواصل البري بين أطراف حلف المقاومة،بما يخدم الأمن الصهيوني، ويحول دون فك الحصار الاقتصاديالمفروض على سورية، إلا بقرار أميركي..
الهدف الثالث، تعزيز منظومة التجسّس، الأميركية الصهيونية،على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتغذية ودعم الجماعاتالإرهابية والمعارضة للعبث بأمنها واستقرارها الداخلي.. وهذاالأمر طالما عملت عليه «سي أي آي» و «الموساد»، منذ غزوالعراق، من خلال تحويل شمال العراق إلى قاعدة تجسّسيةتخريبية ضدّ إيران وسورية.. وهو الأمر ذاته الذي تقوم به قاعدة«عين الأسد» الأميركية في مراقبة إيران باعتراف الرئيسالأميركي السابق دونالد ترامب..
الهدف الرابع، تحويل القواعد الأميركية إلى منطلق أساسيلمواصلة مدّ تنظيم داعش الإرهابي بالدعم اللازم لمواصلةهجماته في سورية والعراق، لا سيما المناطق الحدودية، لمنعاستقرار البلدين، وإبقائهما في حالة استنزاف من ناحية، وربطالتوقف عن مواصلة دعم داعش وبالتالي القضاء عليها، بتحقيقالأهداف الأميركية السالفة الذكر، والتوصيل إلى تسوية للصراعمع كيان الاحتلال الصهيوني، وتوقيع اتفاقات صلح واعتراف معهمن ناحية ثانية..
فواشنطن تدرك انّ خروج سورية والعراق من الحرب، ونهايةداعش، وانسحاب القوات الأميركية من دون تسوية تضمن أمنواستقرار الكيان الصهيوني، وتحقيق المصالح الاستعماريةالأميركية، سيشكل انتصاراً وتعزيزاً لقوة حلف دول وقوىالمقاومة، مما يحول دون قدرة الولايات المتحدة على تحقيقأهدافها المذكورة آنفاً، ويشكل تحوّلاً في موازين القوى فيالمنطقة لمصلحة قوى المقاومة ضدّ الاحتلال الصهيوني.. وهوما يقلق قادة العدو وإدارة العدوان في واشنطن..
من هنا فإنّ من يراهن على جنوح إدارة بايدن نحو التخليالطوعي عن السياسة الاستعمارية، والتوقف عن محاولاتتحقيق ما هدفت إليه حروب أميركا الاستعمارية والإرهابيةالفاشلة، بواسطة الدبلوماسية المدعومة بالقوة العسكريةوالقوى المحلية المتواطئة معها، إنما هو واهم.. فالرهان الوحيدالذي يدفع إدارة بايدن إلى التراجع والتسليم بعدم القدرة علىمواصلة هذه السياسة وإجبارها على سحب القوات الأميركية،إنما يكمن في تصعيد المقاومة المسلحة والشعبية ضدّ هذهالقوات الأميركية المحتلة، والقوى العميلة لها، وجعل كلفةاستمرار بقاء القوات الأميركية تفوق كثيراً الفوائد التي تجنيها،ولا تستطيع تحمّلها ولا تحمّل تداعياتها على الداخل الأميركي،في ضوء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها أميركا،والمعارضة الشعبية للتورّط بأيّ حروب جديدة..
كما تؤكد التجربة انّ إنهاء سلطة الأمر الواقع التي تمثلها قوات«قسد»، مرتبط بإنهاء وجود قوات الاحتلال الأميركي التي توفرالدعم لـ «قسد»، وتعرقل الحوار مع الدولة السورية لإعادةبسط سلطتها المركزية على كلّ الجزيرة السورية، كلما حصلتتطورات لمصلحة إعادة استئناف الحوار، وهو ما حصل أخيراًحيث توقف الحوار على أثر إقدام القوات الأميركية البدء ببناءقاعدة جديدة لها في عين ديوار، مما أعطى إشارات شجعتقيادة «قسد»، وخصوصاً الجناح الأكثر ارتباطاً بالقواتالأميركية، على وقف الحوار، والعودة إلى الخطوات التصعيديةالمتناغمة مع تعزيز وجود قوات الاحتلال، من خلال قياممجموعات تابعة لميليشيات «قسد» بالاستيلاء، بقوة السلاح،على مطاحن الجزيرة ومانوك والحسكة في مدينتي الحسكةوالقامشلي، وسرقت مخازن الدقيق والنخالة والأكياس الفارغةفيها بالإضافة إلى المحركات الكهربائية وقطع الغيار.. وكذلكسيطرت على مرآب السورية للحبوب وأجبرت السائقين علىالعمل معهم تحت تهديد الاعتقال والخطف».
انطلاقاً مما تقدّم، فإنّ إدارة بايدن تحاول الظهور بصورة منيبدي المرونة ويطرق أبواب الحوار والدبلوماسية للانسحاب منالأزمات، لكنها في الحقيقة هي تسعى الى اعتماد دبلوماسيةالخداع والتضليل والابتزاز المستندة إلى تعزيز وجود قواتهاالعسكرية لمحاولة اتنزاع مكاسب وتنازلات فشلت في تحقيقهاعبر جيوشها الإرهابية الداعشية.. ولن تتوقف إدارة بايدن عنالاستمرار في مواصلة رهاناتها على تحقيق ذلك، إلا إذا ردعتووصلت إلى طريق مسدود، وايقنت استحالة ذلك..
(سيرياهوم نيوز-البيان)