آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » أوروبا تبحث عن بدائل للغاز الروسي.. أي آفاق للمهمة الصعبة؟

أوروبا تبحث عن بدائل للغاز الروسي.. أي آفاق للمهمة الصعبة؟

أظهرت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حجم اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي؛ ووفقاً لوكالة Bne IntelliNews فإنّ 27 دولة في أوروبا تعتمد على الغاز من روسيا بنسبة 40% من احتياجاتها، والذي يصل معظمه عبر خطوط أنابيب يامال-أوروبا الذي يعبر بيلاروسيا وبولندا إلى ألمانيا، و”نورد ستريم1″ الذي يذهب مباشرةً إلى ألمانيا؛ أكبر مستهلك للغاز الروسي عالمياً.

وجاءت روسيا في المقدمة في قائمة الدول الأعلى بصادرات الغاز الطبيعي ليصل حجم صادراتها لعام 2020 إلى 238.1 مليار متر مكعب، حيث تعتبر من بين الـ 5 دول الأعلى في الصادرات العالمية للغاز الطبيعي في عام 2020.

إلى أي مدى تعتمد أوروبا على الغاز الروسي؟ 

تريد المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، وقف شراء الوقود الأحفوري من روسيا قبل عام 2030، وقد قدمت تعهداً جديداً لخفض مشترياتها من الغاز الروسي بمقدار الثلثين قبل نهاية العام.

إلا أنّ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، يؤكد أنّ الاتحاد يسعى في الفترة الحالية إلى تقليل الاعتماد على الطاقة الروسية، لا حظرها تماماً. كما أعلنت ألمانيا وهولندا رفضهما لمقترحات حظر صادرات النفط الروسي.

وتسعى دول أوروبا إلى التخلّص التدريجي من إمدادات الغاز من روسيا، وذلك من خلال تنويع مصادر إمدادات الغاز للاتحاد الأوروبي مع تنسيق استخدام المحطات وأنابيب الغاز في أوروبا بشكلٍ أفضل.

وأثيرت التساؤلات بشأن إمكانية تخلي أوروبا عن الغاز الروسي بالكامل ولا سيما بعدما فرضت واشنطن عقوبات على الشركة المسؤولة عن بناء خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” الروسي الذي لم يعمل بعد، وقد علّقت ألمانيا المصادقة عليه أيضاً، بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

أما بخصوص الواردات الحالية للاتحاد الأوروبي من روسيا، فقد أوردت إحصائية صادرة عن المديرية العامة للمفوضية الأوروبية Eurostat،  أن روسيا تورّد إلى أوروبا 44.48% من حاجاتها، لتحتل النرويج المرتبة الثانية بنسبة 17.53%، أما الجزائر في المرتبة الثالثة بنسبة 8.19%، وقطر 5.65%.

وتعتمد بعض الدول الأوروبية بشكلٍ حصري على الغاز الروسي، ويبرز في هذا الجانب جمهورية شمال مقدونيا والبوسنة والهرسك ومولدوفا. كما أنّ الاعتماد على إمدادات الغاز الروسي، بلغ نسبة تجاوزت الـ 90% بالنسبة لفنلندا ولاتفيا، بينما وصل إلى 89% بالنسبة لصربيا. أما بلجيكا فبلغت نسبة استيرادها للغاز الروسي 77%، وألمانيا 49%، وإيطاليا 46%، وبولندا 40%، وأما فرنسا فوصلت النسبة إلى 24%، وهذه الإحصاءات وفق الوكالة الأوروبية للطاقة.

ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تقريراً في بداية شهر آذار/مارس 2022، جاء فيه أنّ ترك أوروبا للغاز الروسي سيكون طويل المدى، حيث “ستستغرق القارة معظم العقد لتخليص نفسها من تلك إمدادات الغاز الروسية”، مشيرةً إلى أنّ أوروبا ستستمر في الشراء من روسيا، وإذا ما استمرت أسعار الطاقة في الارتفاع، فإنّ الأموال التي تدفعها أوروبا لروسيا سترتفع لتصل إلى متوسط 850 مليون دولار يومياً في النصف الأول من عام 2022.

بدائل أوروبا الصعبة وغياب فسحة الوقت

رغم إعلان عقوبات أوروبية كبيرة ومتعددة على روسيا، إلا أنها لم تطل قطاع النفط أو الغاز في الوقت الحالي، لذلك تتطلع القارة الأوروبية إلى جلب إمدادات من الغاز المسال، والذي يتم شحنه عادة عن طريق السفن، كبديل للغاز الروسي.

وفقاً لشركة “بي بي” كانت الدول الرئيسية المصدّرة للغاز الطبيعي المسال في العالم في عام 2020 على التوالي: أستراليا وقطر والولايات المتحدة.

وكانت واشنطن طلبت من الدوحة تزويد أوروبا بالغاز القطري، حال انقطاع إمدادات الغاز من روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا، لكنّ قطر والدول المنتجة الأخرى أكدت خلال “منتدى الدوحة” صعوبة استغناء أوروبا عن الغاز الروسي بشكلٍ فوري في ظل اعتماد القارة العجوز عليه، فضلاً عن ارتفاع أسعار الغاز الأميركي المُسال وتكاليف نقله إلى أوروبا.

لذلك، أكد وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال المنتدى أنّ قطر ليس لديها احتياطات كبيرة يمكن تحويلها إلى أوروبا حتى أنّ قدرتها محدودة في تحقيق إنتاج إضافي من الغاز الطبيعي المسال، موضحاً أنّ أوروبا تحتاج إلى 7 أو 8 سنوات لتأمين احتياجاتها من الطاقة بعيداً عن المصادر الروسية.

البديل الثاني هو التوجّه نحو إفريقيا، ومن الوجهات المحتملة الجزائر، والتي تعتبر عاشر أكبر منتج للغاز في العالم. وتشير البيانات الاقتصادية إلى أن شحنات الغاز الطبيعي المسال المصدّرة من هناك في عام 2021 وجهت بشكلٍ كبير إلى الأسواق الأوروبية. وهذا يضع الجزائر في المرتبة الثالثة بين مصدري الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا. والتي تعتبر ألمانيا واحدة من أكبر أسواقها.

منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعربت الجزائر عن استعدادها لزيادة صادرات الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال، ولكن وحسب رأي مديرة مركز الأبحاث Think Tanks Azure Strategy، أليس غور، فإنّ احتياطيات الجزائر من الغاز غير كافية ولا يمكنها التدخل على المدى القصير.

وبالبقاء في القارة السمراء نجد أنّ مشروعاً في نيجيريا تتعلق عليه آمال الأوروبيين في الحصول على المزيد من الواردات، ولكن لفترة طويلة لم يسمح الوضع الأمني في المنطقة والتوترات بين الجزائر والنيجر بإكمال المشروع. في عام 2021 فقط، أعادت الجزائر والنيجر فتح حدودهما وأعيد إحياء مشروع خط أنابيب الغاز. ومن المقرر إنشاء خط أنابيب للغاز يمكن أن يربط نيجيريا بعد ذلك بخطوط الأنابيب القائمة بين أوروبا والجزائر. حالياً فإنّ أكبر المشترين للغاز الطبيعي المسال النيجيري في أوروبا هم فرنسا وإسبانيا والبرتغال، وهذه الدول هي التي تملك محطات للغاز الطبيعي المسال.

لكن الكميات التي تُصدّرها أفريقيا وعلى رأسها نيجيريا لن تغطي جميع احتياجات أوروبا من الطاقة، ففي عام 2020، استوردت البرتغال 56% فقط من موارد الغاز من نيجيريا و17% من الولايات المتحدة الأميركية.

ويقول خبراء  إنّ تردد البلدان الأفريقية في الالتزام بضخ المزيد من النفط والغاز قد يكون مرجعه ضعف البنية التحتية في مجال النفط والطاقة، لاسيما خطوط نقل الغاز والنفط إلى أوروبا، و إنّ نيجيريا لم تتمكن من تحقيق هدفها لعام 2021 بشأن الغاز، ولا يرجع ذلك إلى نقص الإمكانات، ولكن البنية التحتية لا تكاد تسمح بمزيد من الإعانات والكفاءة المطلوبة.

من ناحية أخرى، تطرح أوروبا بدائل عن الغاز الروسي ففي الآونة الأخيرة اتجهت إلى ليبيا طالبةً منها زيادة إنتاج وتصدير كميات الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وبدأت الأسئلة تطرح حول واقعية هذه الطلبات والحجم الحقيقي للقدرات الليبية على تغطية بعض الحاجات المُلحّة في القارة العجوز .

وفي هذا الأمر يقلل وزير النفط والغاز الليبي، من قدرة بلاده على تعويض نقص الغاز الروسي الذي تعتمد عليه أوروبا، قائلاً: إنّ “ليبيا ليست قادرة على إنتاج الغاز الكافي لإحداث أي تغيير“، وأنه يتفهم أن الولايات المتحدة قد تطلب من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط زيادة إنتاجها من الغاز لتزويد أوروبا، “إلا أنّ ليبيا لا تملك الاحتياط الكافي الذي يتناسب مع أي زيادة للإنتاج تكون قادرة على إحداث أي فرق”.

بعيداً عن مصادر الغاز والنفط عالمياً، يوجد أمام أوروبا خياراتٍ أخرى منها استخدام الفحم والطاقة النووية بدلاً من الغاز في توليد الطاقة، لكن منظمات أممية معنية بالبيئة وأيضاً تقارير صحافية، منها تقرير لصحيفة “لا تريبين” الفرنسية، تقول إنّ الفحم وبناء محطات الطاقة النووية سيسببان أزمة احتباس حراري.

ويعدّ الفحم الحجري أسوأ وقود أحفوري، فهو مسؤول عن أكثر من 0.3% من زيادة 1% في متوسط درجات الحرارة العالمية، وهو ما يجعله أكبر مصدر منفرد لارتفاع درجة الحرارة العالمية.

تبدو المحاولات الأوروبية للاستغناء عن الغاز الروسي في أزمة حقيقية، رغم المساعي الأوروبية والأميركية التي لم تتوقف حتى الآن.. 

سيرياهوم نيوز 3 – الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها

يقيم مصرف سورية المركزي بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها بعنوان: “نحو إطار تمويلي ...