تشهد قارة أوروبا اليوم أقسى صيف حار تتعرض له منذ 500 عام وهو يأتي مع أزمة طاقة تعيشها جراء تداعيات العقوبات التي فرضتها على روسيا ولكن فصل الشتاء القادم سيكون بحسب التوقعات أقسى بتداعياته على الأوروبيين الذين ستصبح قساوة البرد لديهم ناراً تزداد اتقاداً بينهم وبين حكوماتهم التي أدخلتهم بقراراتها في هذه الظروف كما يرى العديد من المحللين.
فمخاوف فقدان التدفئة في طقس قارس البرودة باتت تشكل كابوساً يراود المجتمعات الأوروبية والحكومات على حد سواء نتيجة النقص الحاد في امدادات الغاز والنفط الخام والمنتجات المكررة الروسية حيث أخذت الكثير من العائلات الأوروبية تجمع الحطب استعداداً لشتاء من دون غاز فيما تعقد الحكومات الاجتماعات تلو الاجتماعات بحثاً عن بديل للطاقة الروسية دون الوصول إليه حتى الآن.
ومن محاولات الحكومات الغربية لإيجاد حلول وبدائل للغاز الروسي أقر الاتحاد الأوروبي خطة طوارئ لتقليص استهلاك الغاز مع نقص الطاقة الذي سيتفاقم مع دخول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة حيث وافقت الدول الأعضاء على خفض طلبها على الغاز بنسبة 15 بالمئة مقارنة بمتوسط استهلاكها في السنوات الخمس الماضية مع اتخاذ تدابير من اختيارهم.
وما جعل الأمر يزداد سوءاً على الدول الأوروبية هو انخفاض منسوب المياه بشكل غير معقول في نهر الراين الممر المائي الرئيس للناقلات التي تحمل الوقود من مصافي النفط الضخمة والخزانات في مركز (أمستردام وروتردام وأنتويرب) إلى ألمانيا وفرنسا وسويسرا ما أدى إلى حدوث اختناقات كبيرة على طول الممر المائي ورفع أسعار الشحن في بعض المناطق إلى مستويات قياسية وفق ما أورده موقع سكاي نيوز.
وفي هذا السياق أظهرت بيانات شركة الاستشارات الهولندية إنسايتس غلوبال انخفاض مخزونات الديزل وزيت الغاز في المواقع التجارية في مركز أمستردام روتردام أنتويرب بنسبة أقل بكثير من المتوسط التاريخي لها.
وفيما المواطن الأوروبي يجد نفسه بين مطرقة الارتفاع الكبير في فواتير الطاقة وسندان المخاوف من برد قاس وندرة الطاقة خلال الشتاء المقبل أطلقت وكالة الطاقة الدولية بالتعاون مع المفوضية الأوروبية في محاولة منها للالتفاف على النقص في احتياطاتها النفطية خطة جديدة لتقليل الاعتماد على الوقود الروسي وخفض استهلاك الطاقة عبر توفير 220 مليون برميل من النفط سنوياً.
وعلى الرغم من العواقب البيئية الوخيمة تفكر ألمانيا أخيراً في إبطاء إغلاقها المبكر للصناعة النووية في مقابل أن تزيد طاقة توليد الكهرباء المتجددة في أوروبا بنسبة 15 بالمئة هذا العام لتعويض الاعتماد على الغاز الروسي الأمر الذي عبر عنه رئيس اتحاد المدن الألمانية هيلموت ديدي بقوله: “علينا بالفعل توفير الطاقة في الصيف حتى يتسنى لنا الحصول على منازل دافئة في الشتاء”.
وفيما تبدي الحكومات الأوروبية في العلن إصرارها على مواقفها تجاه الطاقة الروسية تعترف داخل غرفها المغلقة بالمصاعب التي تهدد اقتصاداتها وتهز استقرارها السياسي بسبب أزمة الطاقة التي بدأت روسيا بكسب معركتها ليبقى السؤال الذي يجول في أذهان الأوروبيين هل ستدفع القارة العجوز ثمن قرارات حكوماتها هذا الشتاء.
سيرياهوم نيوز 1-سانا