ناقش “تحالف الراغبين” خلال اجتماع انعقد أخيراً في باريس كيفية ضمان وقف إطلاق النار أو السلام المحتمل بين أوكرانيا وروسيا، حيث أبدت 26 دولة غربية استعدادها لنشرقواتها على الأراضي الأوكرانية لحماية البلاد من عدوان جارتها لاحقاً، لكن هذه التوجهات واجهت تشكيكاً من خبراء وسياسيين أوروبيين. فماذا عن المعوقات التي تعترض تحقيق الضمانات الأمنية المستقبلية لكييف؟
بينت الردود أن أوروبا في وضع استراتيجي حرج، وحيث يواجه قادتها عجزا في تحقيق ضمانات أمنية كافية ومن منطلق أن الطموحات أكبرمن القدرات، وبفعل غياب الموثوقية بمواقف ترامب المتضاربة بشأن السلام بين موسكو وكييف.
وفي خضم ذلك، نقلت شبكة “ايه اردي” الاخبارية عن الباحث العسكري الفرنسي غيوم غارنييه أن الردع الفعال يتطلب بين 50 إلى 60 ألف جندي، كما أن التناوب سيكون ضروريا كل بضعة أشهر، وشكك بقدرة الأوروبيين على حشد العدد الكبير من الجنود. توازياً، أعرب العديد من السياسيين الأوروبيين عن قناعتهم بأن نجاح المهمة ليس سهلا من دون الأميركيين. ويعود ذلك جزئيا إلى أن القوات الأميركية وحدها ستمثل رادعا حقيقيا لروسيا.
وفي حين يفاد أن ترامب يفضل ترك مهمة الضمانات في أوكرانيا للأوروبيين والمساعدة فقط في الاستطلاع والعمل الاستخباراتي، اعتبرالبروفسور في جامعة البوندسفير في ميونيخ كارلو ماسالا أن الضمانات الأمنية لا تجدي نفعا إلا إذا كانت موثوقة وفعالة، وأكد ما حرفيته بأن الضمانات يجب أن تكون “ملزمة”، مع وعود بأن تحصل كييف على دعم دفاعي وليس على شكل شحنات أسلحة في حال تجدد العدوان الروسي، ولكي يشعر بوتين بأنه وإذا ما تجرأ على مهاجمة أوكرانيا مرة أخرى فانه سيكون في حالة حرب مع أوروبا، ومشددا في الوقت نفسه على أهمية منع التنازل عن الأراضي الخاضعة للسيطرة الأوكرانية حتى ولو هدد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة الكامل من المواجهة ضد روسيا أو وقف المساعدات التي تقدم لأوكرانيا.
السلام غير واقعي حاليا
وعلى وقع المواقف والشروط بين الأطراف المتحاربة والمناقشات بخصوص الضمانات الأمنية، قال الباحث السياسي راينر ديفرث مع “النهار”، إنه من المجدي تسريع شحن الامدادات العسكرية لكييف مع تزايد الهجمات الروسية على البنية التحتية والمدنيين، وتقديم المساعدات المالية بدلاً من العمل على سيناريو حفظ السلام لأنه غير واقعي تماما في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن بوتين لا يريد حتى مناقشة فكرة وجود قوات غربية في أوكرانيا أو وقف إطلاق النار، ولن يتراجع إلا إذا تعرضت قواته لضربات موجعة.
ومع تعدد الاعتبارات، لم يستبعد ديفرث اعتماد ما ينطوي عليه “الحل الكوري” على أوكرانيا، ويتضمن وقفا للأعمال العدائية على طول خط المواجهة، وشارحا أنه وفي الوضع الراهن تمثل عمليات تسليم الأسلحة المستمرة وتدريب العسكريين وبيانات الاستخبارات الغربية والامدادات نوعا من الضمانات الأمنية، على أن تكون قوات دول “تحالف الراغبين” على أهبة الاستعداد للانتقال الى أوكرانيا لتقديم الدعم في حال حدوث تطورات خطيرة. وهكذا ستجد روسيا على حدودها دولة مسلحة على غرار كوريا الجنوبية مجهزة بأحدث المعدات والعتاد وتحت الحماية الكاملة من الغرب.
تجارب فاشلة
وتعتبر فكرة الضمانات الأمنية ليست جديدة وقد اثبتت التجارب التاريخية صعوبة تطبيقها بفعالية، ففي العام 1938 وقعت فرنسا معاهدة ثنائية مع تشيكوسلوفاكيا تنص على أنها ستقدم لها الدعم في حال تعرضها لهجوم من ألمانيا إلا أن باريس لم تفعل وكان ذلك أحد أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية. كما وأن طرح ضمانات أمنية محتملة لأوكرانيا نوقشت أيضا خلال مفاوضات بين كييف وموسكو في اسطنبول عام 2022، وحسب ما هو معروف أرادت روسيا نفسها أن تكون إحدى القوى الضامنة، حتى أنها طالبت بحق النقض الفيتو ضد تدخل قوى ضامنة أخرى في حال نشوب صراع، وهذا ما لم يكن مقبولا من كييف ولا القوى الغربية ما أدى حينها إلى توقف المفاوضات.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار