مالك صقور
سألوني عن أولى المسرحيات التي انطلقت من سوريا ، والتي كنت ُ قد أتيت على ذكرها في الزاوية الماضية عند الحديث عن الهوية الوطنية والثقافية . وفي الجواب أقول :
في كتابه ” تاريخ سوريا “، يقول المؤرخ الكبير فيليب حتّي : ” تدور إحدى قصائد الأدب الكنعاني حول النزاع السنوي بين إله النبات بعل وخصمه موت . وينتصر موت على بعل في أول الأمر . وهذا طبيعي في بلاد يضع جفاف الصيف حداً لحياة النبات فيها . ولكن عندما تتجدد الأمطار في الخريف ، فإن بعلاً يعود فينتصر على موت .” ويقول المؤرخ الكبير فيليب حتّي : كانت هذه القصيدة تُمثّل كمسرحية على الساحل السوري ، قبل أن يفكر اليونان بالمسرح بعدة قرون . وإذا صح هذا ، فيكون السوريون قد سبقوا اليونان الذين يُعدون هم من أنشؤوا التمثيل المسرحي في العالم ” .
وأنا ، لم أذكّر بقول فيليب حتّي عن هذه القصيدة الكنعانية ومسرحتها على الساحل السوري ، من باب المباهاة والتغني بالماضي السوري الماجد ، ولا من باب الفخر بالأجداد ، فحسب ؛ بل ذكرتها لأضيف هذه العلامة الفارقة الممتازة إلى الهوية الحضارية الثقافية السورية .
وللبرهان على ذلك ، أقول : من يزور موقع عمريت الأثري جنوب طرطوس ، ويعرج على المسرح الأثري القديم المنحوت في الصخر ، يرى هذا المسرح الذي مازال قائماً حتى الآن ، رغم القرون الكثيرة المتعاقبة المنصرمة ، وعلى الرغم من عوامل الطبيعة ، وعلى الرغم من عوامل الحّت ، وعلى الرغم من الإهمال يستنتج الزائرويدرك إن هذا المسرح كان عامراً في يوم من الأيام الخوالي في الماضي السحيق .
وللأسف ، يوجد من لايعرف قيمة الآثار والعاديات ، ويوجد من يريد مسح هذه الحضارة وإلغاء الذاكرة ، وسرقة آثارنا وبيعها للأجنبي خير برهان على ذلك .
(أخبار سوريا الوطن-1)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
