شهدت بلدة كويا في ريف درعا الغربي، صباح الثلاثاء، اشتباكات نادرة مع قوة إسرائيلية حاولت التوغّل إليها للمرة الثانية خلال آذار/ مارس الحالي. وفيما ذكرت تقارير إعلامية أن سكّان البلدة هم من اشتبكوا مع القوة الإسرائيلية، أكّد مصدر في الإعلام المركزي لـ”جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” (أولي البأس)، لـ”النهار”، أن “عدداً من المشتبكين وبعض الذين سقطوا قتلى جراء الاشتباكات هم من عناصر الجبهة”.
ومن شأن هذا التبنّي الصريح لتبعية مشتبكين وقتلى للجبهة تنظيمياً أن يغيّر كثيراً من طبيعة النظرة إلى المشهد الجاري في الجنوب السوري، ولا سيما أنه يؤكد سردية إسرائيل بشأن وجود خطر على أمنها القومي، ويمنحها كذلك ذريعة لتبرير توغلاتها في المنطقة، وهو ما ردّ عليه المصدر بقوله إنّ “إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة”.
تبنّي الاشتباك في كويا
انتشر على منصات التواصل الاجتماعي بيان منسوب إلى “أولي البأس” زفّ أربعة من “شهداء الجبهة” ممن اشتبكوا مع القوات الإسرائيلية أثناء توغلها في كويا: لؤي رضا عقلة، أيهم حمدان، أمين سالم مفلح، علي حنيص، وهم من بين الأسماء التي ذكرها تجمع أحرار حوران، ولكن وقع اختلاف في اسم أمين، إذ ذكر التجمع أن كنيته سليمان بينما بيان الجبهة قال إنها مفلح.
وللتأكد من صحة البيان اتصلت “النهار” بمسؤول الإعلام المركزي في “أولي البأس”، الذي أكّد ما نُشر، مشدداً على أنه “لا يمكن للجبهة أن تتنكّر لشهدائها، فهذا حق علينا في حياتهم وفي شهادتهم”، لافتاً إلى أن “الجبهة فقدت 14 شهيداً منذ بداية عملها” في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأشار المسؤول إلى أن “تبني هذا الاشتباك – بعد فترة غياب – هو بمثابة إثبات وجود مباشر لدخولنا المعركة” مع الإسرائيليين. ورأى أن ما يجري في الجنوب السوري هو “احتلال وليس اعتداءً مرحليّاً”.
ورغم أن المسؤول أكد تبنّي الجبهة لنهج المقاومة، شدد في المقابل على “عدم تلقي جماعته أيّ دعم داخلي أو خارجي لا من إيران ولا حزب الله ولا الحزب القومي السوري ولا حتى روسيا”.
وكانت قد وُجّهت إلى “جبهة المقاومة الإسلامية السورية” اتهامات بارتباطها مع هذه الجهات وخصوصاً “حزب الله” اللبناني و”الحزب القومي السوري”.
نشأة الجبهة
تأسست الجبهة، وفق البيانات المنشورة، في 7 كانون الثاني/ يناير تحت مسمّى “جبهة تحرير الجنوب”، وأصدرت حينها إنذاراً مدته 48 ساعة لإسرائيل تطالبها فيه بسحب قواتها من جنوب سوريا، وإلا فستواجهها عسكرياً باستخدام معدات استولت عليها من نظام الأسد.
لكن سرعان ما غيّرت الجماعة اسمها إلى “أولي البأس – جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا”، موضحة أن التغيير جاء بسبب وجود مجموعات أخرى تحمل الاسم السابق في المنطقة نفسها.
وذاع صيت الجماعة منذ 31 كانون الثاني عندما أعلنت عن استهدافها القوات الإسرائيلية في منطقة طرنجا في ريف القنيطرة بـ”أسلحة مناسبة”، وهو ما أكده الجيش الإسرائيلي لاحقاً.
وفي 26 شباط/ فبراير، أعلنت الجبهة أنه بأمر قائدها “تتحرك كامل الخلايا والوحدات القتالية في الجنوب السوري لضرب معاقل العدو في كل مكان داخل الأراضي السورية”.
“ليست حركة عابرة”
وفي حديثه مع “النهار”، أوضح مسؤول الإعلام المركزي للجبهة بعض التفاصيل بشأن بنيتها وهيكليتها التنظيمية وأماكن انتشارها وعملها.
وأكد أن الجبهة “ليست حركة عابرة بل هي تنظيم متكامل”، مشيراً إلى “وجود مكاتب مختصة، منها السياسي والإعلامي والاجتماعي والعسكري”، مشيراً إلى وجود مكتب قانوني خارج سوريا يعمل على “محاسبة مرتكبي الجرائم والمجازر… وخلال أيام، ستُرفع دعوى رسمية أمام محكمة العدل الدولية مرفقة بالأدلة والوثائق على الانتهاكات”.
وشدّد، كذلك، على أن الجبهة “تنتشر اليوم في كل المناطق السورية لا فقط في الجنوب”، لكنه أشار إلى “صعوبة العمل بسبب الاحتلالات الأجنبية، والعدو الداخلي الذي يمنع تحركنا بحرية”.
والجدير ذكره أن الجبهة تنظر إلى القوات الروسية على أنها “قوة احتلال” أسوة بغيرها من القوات الأجنبية مثل الإسرائيلية والتركية والأميركية، لكنها تعتبرها “أقل خطراً” لكونها متمركزة في قواعد ثابتة ومحدودة.
علاقة منتهية مع “لواء درع الساحل”
وأشار المسؤول إلى وجود علاقة سابقة بين الجبهة و”لواء درع الساحل” الذي يقوده مقداد فتيحة، وقال: “كان هناك تنسيق بين الطرفين في السابق. ولكن منذ أحداث الساحل في 6 آذار وتوزيع الاتهامات على الجبهة بالمسؤولية عنها، ابتعدنا عن هذا الفصيل”.
وشدد على أن من أهم أسباب الانفصال بينهما “عدم وجود قيادة واضحة الخط لدى درع الساحل”، مشيراً إلى أن “اتجاه بوصلتنا واضح أيضاً وهو أنّ الدم السوري على السوري حرام”.
وختم بالقول: “بالنسبة إلينا فإن أي جهة تضع يدها بيد العدو، لا تختلف عنه”.
أخبار سوريا الوطن١_النهار