لم تعد أفلام الخيال العلمي بعيدة أو مستحيلة، بل أصبحت واقعاً يختبره الإنسان اليوم مع تطوّر الاختبارات والروبوتات والأجهزة الذكية، وتأكيداً على التحولات التي يشهدها العالم مع التطور الرقمي قام علماء سويديون مؤخراً بابتكار أول جهاز كمبيوتر مصنوع من أنسجة المخ البشري، وهو الكمبيوتر الذي ظهر في كثير من الأفلام والمسلسلات العلمية، وفي كثير من الرسوم والكوميكس.
ونشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية مؤخراً تحقيقاً خاصاً حول أول «كمبيوتر حي» في العالم مصنوع من أنسجة المخ البشري.
ووفق الصحيفة، فقد نجح عدد من العلماء في تحويل الخيال العلمي إلى حقيقة، حيث نجحوا في استخدام خلايا من دماغ الإنسان في صناعة جهاز كمبيوتر بمواصفات وإمكانات خارقة، وهو ما يُمكن أن يُطلق عليه اسم “كمبيوتر حي” أو “كمبيوتر حيوي” بسبب ذكائه الكبير والمأخوذ من الإنسان.
وقالت الصحيفة: إن الكمبيوتر يتألف من 16 جزءاً عضوياً، أو كتل من خلايا الدماغ التي تمت زراعتها في المختبر التي ترسل المعلومات فيما بينها، وهي تعمل بشكل يشبه إلى حد كبير شريحة الكمبيوتر التقليدية، حيث ترسل وتستقبل الإشارات من خلال خلاياها العصبية التي تعمل مثل الدوائر، إلا أن ما يجعلها مميزة هو أن «الآلة الحية» تستخدم طاقة أقل، لأن الخلايا العصبية الحية يمكنها استخدام طاقة أقل بمليون مرة من المعالجات الرقمية المستخدمة حالياً.
وتم التوصل إلى هذا الابتكار في السويد، وتم تطوير هذا الكمبيوتر الحي من العلماء في شركة «فاينال سباركس» التي تركز على إيجاد حلول مع الشبكات العصبية البيولوجية.
وقال العلماء: إنهم تمكنوا من زراعة خلايا الدماغ البشري في المختبر واستخدموها في إنتاج هذا الكمبيوتر الذكي، مضيفين: إن هذا الجهاز الخارق من الممكن أن ينجح في التغلب على أزمة الطاقة التي يعاني منها العالم.
وعند مقارنة الجهاز الجديد بأفضل أجهزة الكمبيوتر في العالم وجد العلماء أنه بالسرعة نفسها وذاكرة أكبر بواقع ألف مرة، كما أنه يتفوق على الدماغ البشري الذي يستخدم ما بين 10 و20 واطاً، مقارنة بالكمبيوتر الذي يستخدم 21 ميغاوات.
في السياق، قال الدكتور فريد جوردان الرئيس التنفيذي المشارك لشركة «فاينال سبارك»: إن هذه الفكرة شائعة في الخيال العلمي، ولكن لم يكن هناك قدر كبير من الأبحاث الحقيقية حولها، مضيفاً: إن “العضوانيات” التي تم استخدامها في تطوير الجهاز هي عبارة عن مزارع أنسجة صغيرة ثلاثية الأبعاد ذاتية التنظيم مصنوعة من الخلايا الجذعية، وقد تم بناء أدمغة «فاينال سباركس» الصغيرة مما يقدر بنحو عشرة آلاف خلية عصبية حية، يبلغ قطرها حوالي 0.5 مم، ويتم تدريب الكائنات العضوية، وعندما تؤدي المهام بشكل صحيح فإنها تحصل على تدفق من المادة الكيميائية كمكافأة.
ومن المعروف أن العالم يواجه أزمة طاقة بسبب نقص الوقود وتعطل سلاسل التوريد والتوترات الجيوسياسية والانتقال إلى الطاقة المتجددة، ناهيك بصعود الذكاء الاصطناعي الذي من المتوقع أن يستخدم 29.3 تيراواط ساعة سنوياً «تيراواط واحد يساوي تريليون واط»، حيث يقول العلماء: إن هذا الكمبيوتر الحيوي قد يقضي على هذه الأزمة.