صدر أمس الجمعة أول بيان عما يسمى “الهيئة السياسية للعمل الوطني” في مدينة السويداء جنوب سورية والتي تشهد تظاهرات احتجاج بدأت ضد سياسة الحكومة ورفع الأسعار وسرعان ما تحولت نحو شعارات اسقاط النظام وبروز مشاريع تحمل بصمات خارجية ترتبط بوضع الجنوب السوري والتأثيرات الامريكية والرغبات الإسرائيلية بفصل الجنوب السوري وإقامة منطقة نفوذ تستنسخ نموذج شرق الفرات. وجاء البيان الأول للهيكل السياسي من ميدان الاحتجاج في ساحة “السير” وسط مدينة السويداء، بالتنسيق مع الرئيس الروحي لطائفة الموحدون الدروز، حكمت الهجري. وجاء في البيان، بدءً من “المعاناة التي يعيشها الشعب السوري من هيمنة نظام استبدادي فاسد استأثر في السلطة، وحكم بأدوات القمع والعنف”. وأضاف البيان أن انتفاضة السويداء هي جزء من حلم السوريين بحياة “حرة كريمة تحت راية وطن موحد، فرقته أيادي تجار الأوطان والمخدرات”. ولا تخفي الجهات التي تقف تقود حركة الاحتجاج في السويداء العمل على التنسيق بين جماعات مسلحة في المحافظة وبين الهيكل السياسي الجديد، لتشكيل إدارة ذاتية بعيدا عن الحكومة في دمشق.
وشهدت السويداء امس الجمعة، احتجاجات وسط المدينة للأسبوع الرابع، طالب خلالها المحتجون بإسقاط النظام وحزب البعث، وتطبيق القرار الأممي “2254”. ووفق ذلك تحولت الحركة المطلبية الاجتماعية او حولت نحو اهداف سياسية، مع تشكيل هياكل سياسية وعسكرية، لتعزز الشكوك حول اهداف الجهات التي تقف خلف هذا التحرك سواء تلك الجهات المحلية او الخارجية.
وعلقت السفارة الامريكية الافتراضية في سورية على احداث السويداء وقالت عبر حسابها الرسمي انها “تشعر بالقلق” إزاء التقارير التي تفيد بقمع النظام السوري للاحتجاجات السويداء جنوبي سوريا. والى الان لم يسجل أي تحرك لقوات الامن السورية تجاه التحركات في السويداء على الرغم من المخاوف من دخول الطرف الأمريكي حاملا مشروع فصل المحافظة عن الجغرافية السورية خدمة للامن الإسرائيلي. واحتمالات الضغط على الأردن لفتح معبر حدودي على السويداء بحجة نقل الموارد المساعدات، بينما يدخل عبر المعبر قوات أمريكية تتمركز جنوب سورية.
وقالت السفارة الامريكية في بيانها أن واشنطن تدعم حق الشعب السوري في الاحتجاج السلمي سعيًا لتحقيق الكرامة والحرية والأمن والعدالة.
وأضافت أن الحل السياسي الذي يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم “2254” هو الحل “الوحيد” القابل للتطبيق للصراع في سوريا. وعمدت الحكومة السورية لمعالجة ملف السويداء عبر ارسال وفود وشخصيات للتحاور مع وجهاء المحافظة والوقوف عند مطالبهم، والحرص على عدم الانجرار الى الصدام الدموي. ويبدو ان السفارة الامريكية كانت تشير الى حادثة اطلاق النار التي حدثت في 13 أيلول، عندما حاولت مجموعات اقتحام مقر حزب البعث في المدينة والسيطرة عليه، حيث أفادت تقارير ان حرس المقر اطلق النار محاولا افشال الاقتحام دون وقوع إصابات. ووفق تعليقات لنشطاء سوريين على مواقع التواصل الاجتماعي فان هناك من يحاول جر المحافظة الى لعبة الدم لتأجيج الأوضاع واخراجها عن السيطرة. الا ان وجهاء ومرجعيات روحيه في المدينة وجهات رسمية سورية استطاعوا تجاوز الفخ وافشال محاولة الانزلاق نحو الاقتتال. وبعد الحادثة بيوم اغلق محتجون مقرات حزب البعث في عدد من قرى وبلدات المحافظة دون أي ردود فعل من الجهات الحكومية، وهذا اعطى مؤشرا على ادارك أصحاب القرار في دمشق لما يدبر من مصير للمحافظة.
وقد يكون ما يدبر للجنوب السوري ابعد من حركة احتجاج وغضب على سياسات الحكومة، وان كانت الولايات المتحدة تخطط لنموذج شرق فرات اخر في الجنوب السوري، فان المدخل لها هو السياسات الفاشلة وسوء الإدارة للحكومة السورية، وهذا يتطلب إجراءات قبل مطالبة الناس بالعودة الى منازلهم. وان كانت مطالب المحتجين واعتراضهم على سوء الإدارة نابعا من رغبة في تحسين الأوضاع، فان اهداف الولايات المتحدة وإسرائيل في سورية لا تهتم بمطالب الناس انما تستثمرها، لتفتت دولة كانت يوما نموذجا في الاكتفاء الذاتي وبأدوات محلية تغريها الوعود والمصالح الشخصية. اخر ما يشغل بال الإدارة الامريكية معاناة السوريين، والاهم هو امن إسرائيل واذلال سورية وشعبها. ولو كانت الإدارة الامريكية لديها ادنى اهتمام للوضع المأساوي للشعب السوري لكانت توقفت عن سرقة نفطه وغازه وقمحه، ورفعت العقوبات التي تمس حياة الناس أولا قبل أي مسؤول او حكومة.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم