هني الحمدان
أعيادٌ ومناسبات وأيام فضيلة، وغلاء وفقر، وكان اللـه في عون العباد. تحمّل السوريّون الكثير من أوجاع وآلام كانت مبرحة جدّاً، وظروف حياة صعبة لا تطاق، سنوات طويلة بمرارتها، نعم تحمّل الشعب السوري الكثير.
كانت أزماته المتلاحقة بمنزلة اختبار لمدى قدرة تحمّل هذا الشعب على المواجهة والصمود، وتحمّل الصعاب والظروف المعيشية الثقيلة، وكعادته نجح الشعب في قدرة تحمّله وصبره على ما ذاق من مرارات ومآس، أعطى الجميع دروساً في نكران الذات وتقديم المصلحة العامة للوطن على مصالحه الشخصية، وليسجّل من جديد أنه شعب مؤمن بأن تاريخه مملوء بمراحل صمود كثيرة ومراحل تحدٍّ أكثر، وسجل مملوء بالانتصارات التي يحتفل بمثلها اليوم، عيد الجلاء وخروج آخر جندي فرنسي محتل عن أرض الوطن، وهذا لم يكن ليحصل لولا وقوف الشعب إلى جانب جيشه وتحمّله مقارعة الظروف ليبقى صامداً شامخاً.
انتصارات ومواقف جعلتنا نمشي بكل اقتدار ومنعة واثقي الخطوات، مفتخرين بما تحقّق من سجلّ يشعّ بياضاً ووطنية، لتأتي الحرب على سورية وما تلاها من سنوات عجاف أدمت القلوب وأفرغت الجيوب، لتحوِّل معيشة العباد إلى بؤس وفقر لا يوازيهما بؤس وفقر في العالم، إلا أن السوري بقي مؤمناً بوطنه، يده للخير ممدودة، ضرب مثالاً في الإخاء والوقوف سدّاً منيعاً للدفاع عن كل ذرّة تراب، وكانت مواقفه مضرب الأمثال في الإنسانية ومساعدة بعضه بعضاً، ووقوفه قلباً واحداً وقت الزلزال الذي ضرب سورية، ليبقى ذكرى ناصعة تدرسها الأجيال القادمة، وهاهو يقدّم كل يوم خلال أيام شهر رمضان المبارك، الذي أوشك على الرحيل، أخلص المعاني والعبر في مدّ يد الخير والمساعدة، صار التحمّل ديدنه مهما اشتدت الصعاب، وكذلك المؤازرة لقهر أي أزمات وتحقيق النجاح.
صحيح كان النزف قويّاً، لكن كان إيمان الجميع أنه سيأتي الوقت الذي سيتوقف هذا النزف وتزول الغمّة. هذا هو الشعب السوري، صانع المعجزات. شعب يملك طاقات جبّارة كامنة بداخله، تجعله ينسى كل شيء ويعلن التحدّي والصبر، وكثيرة هي الشواهد على قوة عزيمة هذا الشعب.
اليوم نحتفل بأعياد وطقوس مناسبات غالية على قلوبنا، والعيون تترقب فرحة العيد بعد أيام قليلة بقلوب مؤمنة صابرة، تبعث عبق المحبة رغم ظروف الحياة الصعبة. فلنجعل أيامنا مسرّات، ولنرسم البسمات على وجوهنا ونشكّل جسور محبة وتعاون وإخاء فيما بيننا بعزيمة أقوى، وكل عام وأنتم سالمون.
سيرياهوم نيوز1-الوطن