غوى خيرالله
تشهد الساحة الفنزويلية منعطفاً حاداً مع تصاعد لهجة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتهديداته المباشرة للرئيس نيكولاس مادورو، فيما تكشف تقارير عن خطط سرّية في واشنطن لمرحلة ما بعد رحيله. وفي خضم الضغط العسكري والديبلوماسي، يواصل مادورو التشبث بالسلطة وسط الأزمة المتفاقمة.
حذّر الرئيس الأميركي من أن “أيام مادورو معدودة” كرئيس لفنزويلا، وسط تكهنات بأن الولايات المتحدة قد تغزو ذلك البلد. ورفض ترامب، في مقابلة مع “بوليتيكو”، استبعاد هذا الاحتمال، إذ كرّر عزمه على مكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات، بحسب ما نقلت وكالة “بلومبرغ”.
الإطاحة بمادورو
بعد أشهر من حملة الضغط الأميركي والتهديدات المتكررة، تعمل إدارة ترامب على وضع خطط لما سيحدث في اليوم التالي، إذا جرت الإطاحة بمادورو، بحسب ما نقلت شبكة “سي ان ان” عن اثنين من كبار المسؤولين في الإدارة، وشخص مطلع على المناقشات. وقالت المصادر إن الخطط تصاغ بسرية في البيت الأبيض.
وتشمل هذه الخطط خيارات متعددة لما يمكن أن تكون عليه الإجراءات الأميركية لملء الفراغ في السلطة واستقرار البلاد، إذا غادر مادورو طواعية أو أُجبر على المغادرة.
وقد صرح المسؤولون علناً بأن الهدف من التعزيزات العسكرية في البحر الكاريبي والضربات التي تستهدف قوارب المخدرات هو الحدّ من تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة. لكن التخطيط الداخلي هو إشارة واضحة إلى أن ترامب يفكّر في إجبار مادورو على المغادرة. وأكد مسؤولون أميركيون أن ترامب غير مهتم بمفاوضات طويلة.
مادورو يرفض التنحي… حالياً
بعد 5 أشهر من التعزيزات العسكرية الأميركية في البحر الكاريبي، يشعر مادورو بالضغط، لكنه يرفض الذهاب إلى المنفى، بحسب ما نقلت “واشنطن بوست” عن أشخاص مقربين من حكومته، وبدلاً من ذلك يختار الصمود وانتظار انتهاء تهديدات ترامب.
وشدد مادورو الإجراءات الأمنية، وقلل من ظهوره العلني، لكن دائرته المقربة لا تظهر أي علامات على انهيار وشيك. ومع تصعيد الضغوط، استمر في الظهور “بمزاج جيد”، إذ يبدو أن دائرته المقربة، التي تضم نائب الرئيس ووزير الداخلية ووزير الدفاع ورئيس الجمعية الوطنية، لا تزال صامدة.
وقال شخص على اتصال بمسؤولي مادورو: “لا أرى حاليا أي انقسامات داخلية. في أعماقهم، هم متوترون، لكنهم يعتقدون أن شيئاً لن يحدث”.
مع ذلك، يسافر مادورو برفقة حراسة أمنية أكبر، وقد ألغى أخيراً مقابلة مع وسيلة إعلام غربية بعد أن أصرّ على إجرائها في مكان عام، خوفاً من أن يتم استخدامها كفخّ.
ويُحتمل أن يقبل مادورو التنحي فقط وفق شروطه، إذ يخشى أن يكون المنفى أكثر خطورة من البقاء. ويرى أن الاعتماد على حكومات أجنبية يعرّضه لمصير مشابه لقادة لاتينيين قُتلوا بعد نفيهم مثل خوان خوسيه توريس وأناستاسيو سوموزا. وأشارت “واشنطن بوست” إلى أن تركيا ستكون واحدة من الوجهات المحتملة للمنفى.
شدد مادورو أمنه، وعمّق تحالفه مع روسيا وكوبا، ما عقّد المفاوضات. ويحذّر محللون من أن هافانا، المعتمدة على نفط فنزويلا، ستعرقل أي اتفاق؛ فالاستخبارات الكوبية المحيطة بمادورو لن تسمح له بالاستسلام أو مغادرة السلطة بسهولة.
“ابن تشافيز” لا يستهان به
كانت السخرية من مادورو موجودة حتى قبل توليه منصب رئيس فنزويلا في 2013، لكنه أثبت أن الاستخفاف به كان خطأً كبيراً. فبعد أكثر من 12 عاماً في الحكم، أصبح أطول رئيس بقاءً في السلطة في أميركا اللاتينية. ورث السلطة بعدما سمّاه هوغو تشافيز خليفةً له في 2012 قبل سفره للعلاج في كوبا ووفاته لاحقاً. لم يكن مادورو الأكثر نفوذاً داخل “التشافيزية”، لكنه استفاد من دعم كوبا، إضافة إلى دوره كوزير خارجية “مطيع ومخلص”، بحسب تقرير آخر لـ”سي ان ان”، الذي قالت إنه تحدى كل التوقعات.
منذ وصوله إلى الحكم، دخلت فنزويلا في دورة متكررة: انتخابات مثيرة للجدل، احتجاجات معارضة، اتهامات بالقمع، ثم بقاء مادورو عبر توزيع السلطة داخل حركة تشافيز وتحييد منافسيه.
ويعتمد بقاءه على شبكة معقدة من توازنات القوة. فعلى الرغم من الأزمات والهجرة الجماعية، استغل الظروف لترسيخ سلطته، معتمداً على الجيش الذي يمنحه امتيازات واسعة، وعلى قادة التشافيزية والأجهزة الأمنية والجماعات شبه العسكرية. عبر توزيع النفوذ والمال، وبناء تحالفات متشابكة، جعل سقوطه مكلفاً لجميع الفاعلين المرتبطين بنظامه.
واليوم، وفي ظل ضغط أميركي غير مسبوق، يواجه مادورو “خطراً وجودياً”. ومع ذلك، وكما فعل مراراً، يحاول مرة أخرى تحدي الصعوبات والبقاء في السلطة. هل سينجح؟
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
