| علي عبود
لم يعجبني السؤال الذي ورد في التقرير الإقتصادي لنقابات العمال: أين الحكومة من الصفعات المتكررة لمواطن أبى العيش إلا في وطنه سورية؟
لم يعحبني السؤال لأن التقرير لم يحدد الجهة التي توجه الصفعات للمواطن من جهة، ولأنه برّأ الحكومة من المعاناة التي يعيشها المواطن من جهة أخرى!
طرح هكذا سؤال هو خطأ بخطأ فالسؤال الصحيح: لماذا لم تتوقف الحكومة عن توجيه الصفعات إلى المواطن وقزّمت دخله إلى حد بالكاد يشتري الفلافل؟
أما السؤال الذي طرحه ملايين العاملين بأجر خلال السنوات الماضية فهو: أين التنظيم العمالي من رد الصفعات المتكررة التي لم تتوقف الحكومات المتعاقبة من توجيهها للمواطن؟
لقد توقف العاملون بأجر عن طرح السؤال لأنهم أيقنوا أن تنظيمهم اماعاجز أو لايريد ردّ الصفعات التي يتلقاها ملايين العاملين بأجر من الحكومة!
ولا ندري ماالجدوى من (طرح التساؤلات والقضايا التي تهمّ الشارع السوري عامة والطبقة العاملة خاصة) في جميع تقارير التنظيم العمالي في اجتماعاته العامة والدورية دون ان يكشف للمؤتمرين ماذا حُلّ منها، أو لماذا أخفق بحل بعضها الآخر؟
ليس من مهام التنظيم العمالي الإكتفاء بتشخيص واقع العاملين بأجر زهيد جدا، فهذه المهمة يتولاها يوميا محللون ومنظرون وأساتذة جامعات، ولا تخلو وسيلة إعلامية من مادة أوأكثر تتناولها بالتفصيل الممل، بل من واجب التنظيم العمل بشتى الطرق لترجمة أقواله ومطالبه وطروحاته إلى أفعال، وهو قادر لوشاء أن يحقق الكثير للعمال، لكنه لم يفعلها حتى الآن.. فلماذا؟
المؤتمرون لايريدون سماع رؤسائهم يكررون على مسامعهم عبارات من قبيل (ارتفاع تكاليف الحياة اليومية وتزايد أعبائها يشكلان في ظل الارتفاع الكبير في المستوى العام للأسعار هاجساً يقضّ مضجع شرائح كبيرة وواسعة من المجتمع السوري..) فهذا الكلام أصبح مملا جدا، المؤتمرون يريدون من التنظيم العمالي تبني آليات فعالة للضغط على الحكومة لمنعها من توجيه الصفعات المتكررة للمواطن وإلزامها بتحسين الوضع المعيشي لملايين الأسر السورية!
ويبدو إن التنظيم العمالي مقتنع جدا بأن الحل هو بزيادة الرواتب والأجور، وكأنّه يجهل إن مامن حكومة منذ عام2011 على الأقل أقرت زيادة فعلية على الأجر، بل كانت الصفعات الحكومية المؤلمة للعمال هي بتخفيض أجرهم أكثر فأكثر دون أن يُحرّك التنظيم العمالي ساكنا لرد أي صفعة حكومية تُوجّه للعمال!
ونؤيد التنظيم العمالي بطرحه للسؤال: أما آن الأوان لمعالجة هذه المشكلة على نحو جديّ لأنها تجاوزت قدرة الناس على التحمّل نتيجة الهوة الكبيرة بين دخل العامل وإنفاقه، وخاصة مع المتغيّرات الأخيرة (ارتفاع أسعار المحروقات) التي أدّت إلى ارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية وبشكل يومي دون رقابة تموينية على الأسواق؟.
لكننا نتساءل مع ملايين الأسر العاملة بأجر: أين التنظيم العمالي من رد الصفعات الحكومية التي تجسدت بقرارات تخفيض القدرة الشرائية للطبقة العاملة إلى حد لم تعد قادرة على تأمين الحد الأدنى للمعيشة؟
لاحظوا أن تقرير التنظيم العمالي يكرر ماينشره إعلامنا حول الظروف المعيشية، (أن الواقع يشير إلى تدهور المستوى المعيشي وحدوث فجوة هائلة بين الأسعار والرواتب، حيث يلاحظ زيادة في تعرفة الكهرباء وأسعار المكالمات الأرضية والخلوية، ورفع سعر الخبز والغاز المنزلي والمازوت والبنزين والسكر والأرز، إضافة إلى ارتفاع أسعار الخضار والفواكه والمواد الغذائية الأخرى بسبب زيادة الطلب عليها)…يكررها دون أن يكشف ماذا فعل أساسا لمنع حدوثها!
وبدلا من أن يؤكد التنظيم العمالي علىى ضرورة العمل المستمر والسعي الدائم لدى الجهات الوصائية من أجــل تحسـين الرواتب والأجـور، لماذا لايطلب من ممثليه في مجلس الشعب باستجواب الوزراء المعنيين بضبط الأسواق والأسعار، والوزراء الذين لايتوقفون عن صفع المواطن بقرارات تُخفض قدرته الشرائية؟
والأهم من المطالبة بزيادة وهمية أو ورقية للرواتب فليضغط التنظيم العمالي من خلال ممثليه في مجلس الشعب على تنفيذ المادة 40 من الدستور فهي الوحيدة الكفيلة برد الصفعات الحكومية عن المواطن!
الخلاصة: قال رئيس الحكومة لأعضاء المجلس المركزي للاتحاد العام لنقابات العمال (من حق ممثلي الطبقة العاملة الاستمرار في مطالب العمال حتى تتحقق، والسعي لتحقيقها مع الحكومة بشتى الطرق) .. ترى هل سيترجم التنظيم العمالي في القادم من الأيام قول رئيس الحكومة إلى أفعال وبشتى الطرق!
(سيرياهوم نيوز3-خاص بالموقع2-10-2022)