*كتب:عبد الفتاح العوض
نعم شعب عظيم هذا الذي يحتمل كل هذه الأزمات… شعب عظيم الذي عاش هذه الحرب بكل قسوتها وجنونها .. شعب عظيم الذي يفرّ من أزمة الكهرباء فيجد نفسه أمام أزمة مازوت، يهرب منها فيجد نفسه أمام جنون الأسعار، يتحايل عليها فيقفز الدولار أمامه.
شعب عظيم الذي يسمع خطابات المسؤولين عن دعمه في هذه المادة أو تلك، بينما يقدّمون له «أجر» عصفور غير مدعوم يطير بين الصّيادين والفاسدين!
شعب عظيم هذا الذي يقف ساعات في طوابير الخبز.. ثم الغاز.. ثم البنزين.. ثم يعود للبيت يروي وجعه مثل طرائف من العالم.
وشعب عظيم هذا الذي تحمل آلام الحصار من دول البغي، والعقوبات من دول الظلم، فأربكت حياته وسمّمت عيشه وتسببت بكل هذه الأزمات المتتالية،
نعم شعب عظيم هذا الذي لديه القدرة على تصديق الكذبة رغم أنه يعرف أنها كذبة.. الذي يثق بالوعد الذي أخلفوه للمرة الألف،
شعب عظيم هذا الذي ينبغي، بأبخل الآلات الحاسبة في العالم، أن ينفق 300 ألف ليرة بينما راتبه لا يتجاوز 50 ألفاً.
شعب عظيم الذي ينشر الأمل بينما هو يغرق في مشكلاته وأحزانه ويتحدث عن الغد كما لو كان يرسم لوحة تعبّر عن الربيع.
خلال السنوات الصعبة يظهر أسوأ ما في الشّعوب كما يظهر أفضل ما لدى الشّعوب. صحيح وصحيح جداً أن قد ظهر كثير من مساوئ الحروب وآثارها في جوانب كثيرة. فأصحاب الجرائم التي كثرت في مجتمعنا هم سوريّون.. التجار.. وتجار الأزمة هم سوريّون. الفاسدون من المسؤولين وغير المسؤولين هم سوريّون.
لكن على ما جرى ويجري من أحاديث عنهم لا يشكلون إلا الأقلية، بينما الأغلبية من السّوريين هم هذا الشعب العظيم الذي تحدثت لكم عنه. قدرة على التحمّل.. وإيمان بالوطن، وصناعة أمل يستحقّ هذا الوصف من دون الإحساس بأنّك تقول شعارات أو تنحاز لنفسك بطريقة مبالغ بها.
أيها السّادة أصحاب السّعادة
.. نحن الشعب العظيم متعبون جداً!
متعبون بكبرياء يليق بنا وبأمل تستحقّه سوريّتنا.
أقوال:
ليست العظمة ألا تسقط.. العظمة أن تنهض كلما سقطت.
إذا كنت تنشد العظمة فانشد الحقّ تظفر بالاثنين معاً.
(سيرياهوم نيوز-الوطن30-9-2020)