مالك صقور
أيها المبدعون العرب : من شعراء وكتاب وأدباء وفنانين ومثقفين أيضاً ..
لن أقول : أين انتم ، وماهو دوركم ، وما هو موقفكم من فلسطين وعما يجري الآن في غزة . فأمام عيون العالم الحر والعالم غير الحر يتم إستئصال فلسطين من رحم الأمة العربية .. فمشهد أطفال غزة اليوم ، لم يعد يُحتمل : فمن نجا من تحت الأنقاض والقصف يموت بالرصاص ، ومن نجا من الرصاص، يموت جوعا وعطشاً ..يالعار البشرية !!!
أذكركم : عندما ارتكب جيش الاحتلال البريطاني مجزرة دنشواي عام 1906 في مصر ، أقام جورج برناردشو الدنيا ولم يقعدها على الحكومة البريطانية ، حتى تم عقاب كرومر ونقله من مصر .
والآن :
أسألكم و أتساءل : من هو بطل هذا الزمان ؟ أو من هو بطل هذا العصر ؟ أو ، من الذي يشغل الساحة الأدبية والثقافية ؟! أو ، ماذا يشغل بال المفكرين و الأدباء ؟ أو ، من الذي يهيمن على العقول ، ويغسل الأدمغة ؟ في هذا العصر الجميل جداً الذي تحولت فيه الكرة الأرضية إلى ” قرية كونية ” !!
بصراحة : لا زنوبيا أرى ولا هيلين ..لا رستم ولا أخيل . لا دونكيشوت ولا حي بن يقظان . والذي ملأ الدنيا وشغل الناس في يوم من الأيام ، لم يعد يشغل الناس . ولا أرى عنترة ، ولا عروة بن الورد ، لا الشنفرة ولا طرفة بن العبد !! وحتى الأنبياء .. أين تعاليم الأنبياء .. ماعاد لهم صوت مسموع ، لقد طمسوا تعاليمهم ..
أذكّركم : في يوم من الأيام ، انشغلت الساحة الأدبية بأنموذج ” دونجوان ” ؛ ثم بالفتى ” فرتر ” ؛ ثم ب ” أحدب نوتردام ” ثم طبلوا لإنموذج ” السوبرمان ” ؛ بعدها جاء دور البطل ” الإيجابي ” ؛ ثم البطل ” السلبي ” ؛ ثم البطل ” الثوري ” ومن ثم جاء دور إنموذج الإنسان ” الصغير ” ؛ والموظف ” المسحوق ” ؛ ثم الإنسان ” الصرصار ” .. وفي ستينات القرن الماضي ، تصدر ” اللامنتمي ” الواجهات ، في حين كانت الساحة الأدبية تتغنى بأدب الألتزام ، وفي أنحاء متفرقة من العالم كانوا يتغنون ببطولة العم ” هوشي منه ” والثائر غيفارا . عندنا ، يومها ، انطلق الفدائي ، وانتصر إنموذج الفدائي – المقاوم . وأصبحت وغدت و أمست فلسطين ملء السمع والبصر والوجدان .. وقد عزّز ذلك أطفال الحجارة . و الإنتفاضات البطولية المجيدة ..ورويدا .. رويدا تلاشى كل شيء بعد كمب ديفد و أوسلو ووادي عربة ..
إلى أن فاض طوفان الأقصى وزلزل الكيان الصهيوني .. وحتى هذه الدقيقة ، مازال (( بعضهم )) يلوم المقاومة على إنجاز هذا الإنفجار أو البركان .. الذي أعاد الكرامة ، وأثبت بالدليل القاطع والبرهان الساطع أننا ( نستطيع ) أن ننتصر ، لكن العرب ، لا يريدون ..
وإذا ما تذكرنا مقولة : ” الأدب مرآة المجتمع ” ، التي تعلمناها صغاراً ، وكبرنا وأدركنا أن الأدب ليس مرآة فحسب ، وأن الأديب ليس مصوراً فوتوغرافياً ، بل هو : مشرّح ومشرّع ومحلّل ومفكّر ومنوّر ومعلّم ومحرّض، من أجل الحرية والكرامة . . فما النتيجة التي نحصدها اليوم تجاه مايجري في العالم أولاً ، وفي الوطن العربي ثانيا ً ، ولا سيما في فلسطين ، وغزّة !!!
أيها المبدعون ..
هل يمكن ونحن في الربع الأول من القرن الواحد والعشرين ، عصر انتصار ثورة المعلوماتية ، والذكاء الاصطناعي ، والتقانات العلمية والتكنولوجية والإليكترونية و. , التي تهيء سبل التفاهم بين البشر ، بعد كل التشدّق بحقوق الإنسان ، أن تنتصر الغريزة على العقل ؟ وأن تنتصر الهمجية على الحضارة ؟
أحيّي المتظاهرين الأجانب في ستوكهولم وأمستردام وفي جميع العواصم الأوروبية الذين يصرخون وينادون : الحرية لفلسطين و أطفال غزّة .. وللأصوات التي تتعالى : أين العقل ؟ أين الوعي ؟ أين الثوار الحقيقون ؟ أين المثقفون ؟
(موقع اخبار سوريا الوطن-2)