علاء حلبي
بالتزامن مع نشوته بفوز «صديقه» دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وبدء الحديث عن إمكانية انسحاب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا (مناطق الأكراد)، عاد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى نغمة قديمة – مستمرة، حول عزم بلاده على شنّ عملية عسكرية جديدة تستهدف منطقتَي منبج وتل رفعت، على «طريق M4» الدولي، بهدف استكمال ما يسميه «شريطاً أمنياً» بعمق 40 كيلومتراً في الأراضي السورية. وتجيء تصريحات الرئيس التركي الجديدة، والتي أدلى بها، أمس، خلال فعالية أقيمت في العاصمة أنقرة لإحياء ذكرى وفاة مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، بعد ثلاثة أيام على تصريحات سابقة أعلن خلالها عزمه على إجراء اتصال هاتفي مع ترامب، لبحث ترتيبات انسحاب القوات الأميركية. ومن شأن الانسحاب العتيد أن يرفع الحماية التي تقدمها واشنطن للأكراد الذين يقودون «الإدارة الذاتية»، ما يوفّر فرصة لأنقرة لقضم منطقتَي منبج وتل رفعت، اللتين تقطعان «الشريط الأمني» الذي تحاول فرضه عبر سيطرتها غير الشرعية، على مناطق قرب الشريط الحدودي، عبر عمليات عسكرية سابقة، شاركت فيها فصائل سوريّة معارضة.
وإذ قال إردوغان لأنصاره، خلال الفعالية، إن «تركيا ستكمل في المدة المقبلة الحلقات الناقصة للحزام الأمني على حدودها الجنوبية»، فهو أشاد بالعمليات العسكرية التركية التي تم تنفيذها في سوريا، سواء عبر احتلال مناطق، أو عن طريق العمليات الجوية بواسطة طائرات من دون طيار، مندداً بـ«اللعبة المستمرة منذ 40 عاماً للإمبرياليين، الذين يوجّهون خريطة الطريق السياسية والاقتصادية لبلادنا من خلال المنظمات الإرهابية». وخلال الأعوام الماضية، حاولت تركيا، أكثر من مرة، شن عملية عسكرية على منبج وتل رفعت، حيث ينتشر الجيش السوري على تخومهما أيضاً، غير أن هذه المساعي جرى إجهاضها من قبل كل من الولايات المتحدة، التي تدعم الأكراد، وروسيا التي قامت بنشر نقاط مراقبة لها في المنطقة أيضاً.
وبالرغم من الآمال الكبيرة للرئيس التركي، والتي غذّاها فوز ترامب الذي حاول خلال ولايته الرئاسية السابقة الانسحاب من سوريا، لعدم جدوى هذا الوجود – أي الانسحاب من الشمال الشرقي السوري فقط، مع الحفاظ على الوجود في منطقة التنف عند المثلث الحدودي مع الأردن والعراق، والتي باتت تشكل قاعدة متقدمة لتحصين إسرائيل -، تواجه طموحات إردوغان معوّقات عديدة، من بينها الرفض الروسي لأيّ عمل عسكري، ومحاولة فتح الأبواب المغلقة بين أنقرة ودمشق، لتشكيل تحالف ينهي أزمة الشمال السوري، وإعلان الحكومة السورية، أكثر من مرة، أن الأزمة الحدودية مع تركيا سببها التدخل التركي في سوريا، وأن انتشار القوات السورية كفيل بتحصين الحدود، والعودة بالأوضاع إلى كانت عليه قبل اندلاع الحرب السورية.
يكشف إصرار تركيا على قضم منبج وتل رفعت جزءاً آخر من صورة أكبر تستهدف الإشراف على «طريق M4»
وبعيداً عن حجة «الحزام الأمني»، يكشف إصرار تركيا على قضم منبج وتل رفعت، جزءاً آخر من صورة أكبر تستهدف الإشراف على طريق M4، والذي يمتد نحو حلب واللاذقية، وتسيطر تركيا عن طريق «هيئة تحرير الشام» على أجزاء منه في ريف إدلب. وكانت أنقرة قد تعهدت سابقاً، أكثر من مرة، بفتح الطريق الدولي المشار إليه وفق خطة تقضي بإبعاد المسلحين عن طرفَي الطريق مسافة 6 كيلومترات، غير أنها لم تفِ بهذه التعهدات، التي ربطتها بملف الأكراد في الشمال الشرقي من سوريا.
في غضون ذلك، يزور وزير الخارجية السوري، بسام الصباغ، العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة في تحضيرات القمة العربية – الإسلامية المشتركة التي دعت إليها السعودية. وفي السياق، ذكرت «وكالة الأنباء السورية» (سانا) أن الصباغ أجرى سلسلة لقاءات مع نظرائه العرب، من بينهم السعودي فيصل بن فرحان، الذي بحث معه التطورات التي تشهدها المنطقة، والجهود المبذولة لوقف العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان، والاعتداءات المتكررة على الأراضي السورية. وفيما تناول اللقاء أيضاً تطور العلاقات الثنائية بين البلدين، عبّر الصباغ عن ارتياحه للتطور الذي شهدته تلك العلاقات خلال الفترة الماضية، وتطلّعه إلى تعزيزها لتشمل مجالات إضافية، واتفق مع ابن فرحان على متابعة التواصل بهذا الشأن، بحسب «سانا».
أيضاً، التقى الصباغ نظيره المصري، بدر عبد العاطي، وناقش معه «جدول أعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة، بما في ذلك مشروع القرار المقدم لها، وبعض جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، وأهمية تعزيز التعاون بينهما بما يخدم مصالحهما المشتركة». كما التقى نظيره السوداني، علي يوسف، الذي اتفق معه على رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي بين البلدين.
سيرياهوم نيوز١_الاخبار