آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » إرهاصات انقلاب على كاسترو: سيناريو 2009 «المعدّل» قيد التنفيذ

إرهاصات انقلاب على كاسترو: سيناريو 2009 «المعدّل» قيد التنفيذ

هندوراس إبراهيم يونس

 

اتّسمت هندوراس، منذ الانقلاب على الرئيس مانويل زيلايا في عام 2009، بعدم الاستقرار السياسي وتزايد نفوذ الولايات المتحدة في شؤونها الداخلية، حيث تستخدم الأخيرة اليوم رواية «مكافحة تهريب المخدّرات» من أجل إضفاء الشرعية على انقلاب محتمل ضد الحكومة اليسارية والرئيسة زيومارا كاسترو، زوجة الرئيس السابق زيلايا. ومنذ فوزها في الانتخابات الرئاسية في عام 2021 وحتى شهر مضى، تعرّضت كاسترو لسبع محاولات انقلاب باءت بالفشل، فيما تجري محاولة الانقلاب الثامنة الآن، تحت غطاء «حرب قانونية»، في محاولة لإعادة سيناريو انقلاب عام 2009، مع إضافة رواية «المخدّرات» إليه. وليس جديداً على الولايات المتحدة أن تخوض تدخّلاً أجنبياً أو انقلاباً تحت ستار «مكافحة تهريب المخدّرات»؛ إذ تكررت مثل تلك التدخّلات في كولومبيا وبيرو على مدار ثلاثة عقود مضت، مع ما صاحبها من استحضار آلاف العسكريين الأميركيين إلى الأخيرة، وارتكاب العديد من المجازر المروّعة، في سبيل الحصول على موارد البلاد وإبقاء حلفاء واشنطن في سُدة الحكم.وتجلّت المحاولة المتجدّدة في هندوراس، في البداية، في تصريحات أطلقتها السفيرة الأميركية في هندوراس، لاورا دوغو، في الـ28 من آب الماضي، علّقت فيها على لقاء جمع مسؤولين هندوراسيين وفنزويليين خلال دورة ألعاب عسكرية في كاراكاس (قبل يومين من تصريحها)، حيث أعربت عن «القلق العميق» لدى بلادها، قائلة إنه «كانت مفاجِئة بالنسبة إليّ رؤية وزير الدفاع (خوسيه مانويل زيلايا) ورئيس هيئة الأركان المشتركة (روزفلت هيرنانديز) يجلسان بجوار تاجر مخدّرات في فنزويلا»، في إشارة إلى وزير الدفاع الفنزويلي، بادرينو لوبيز، الذي اتهمته الحكومة الأميركية أخيراً بالتآمر مع آخرين لتوزيع الكوكايين.

وفي المقابل، لم يتأخّر رد الرئيسة كاسترو التي قالت إن «تدخّل الولايات المتحدة… بات أمراً لا يطاق»، مندّدةً بما وصفته بـ«انتهاك الولايات المتحدة للقانون الدولي». وفي اليوم التالي، أعلنت أنها لن تسمح باستخدام «معاهدة تسليم المجرمين»، كـ«أداة لابتزاز القوات المسلحة… لقد هاجموا أمس قائد القوات المسلحة ووزير الدفاع في بلدنا… مثل هكذا هجوم يضعف مؤسسة القوات المسلحة ويحيط الانتخابات المقبلة (عام 2025) بالمخاطر». ولم تقتصر مواقف كاسترو على التصريحات، بل أصدرت على الفور أمراً بـ«إلغاء المعاهدة مع الولايات المتحدة»، علماً أن هندوراس سلّمت الولايات المتحدة، بموجب تلك المعاهدة، ما يزيد عن 40 شخصاً على مدى 10 سنوات مضت، لمحاكمتهم في قضايا الإتجار في المخدّرات، وكان من ضمنهم الرئيس السابق للبلاد، خوان أورلاندو هرنانديز، الذي حُكم عليه أخيراً بالسجن لمدة 45 عاماً من قبل محكمة في نيويورك.

قد تؤول الأمور إلى ما هو أسوأ، أو قد تتمكّن كاسترو وحكومتها من لجم المخطط واستعادة السيطرة النسبية على الساحة

 

وعلى خط مواز، وفي ظل استكمال التحقيق الذي أجرته «لجنة التحقيقات» في الكونغرس، بحق النائب فيه، كارلوس زيلايا، وابن أخيه، وزير الدفاع خوسيه مانويل زيلايا، – على خلفية عرض اثنين من تجار المخدّرات عليه المال في عام 2013، لتمويل حملة انتخابية آنذاك تتبع «حزب الحرية» الذي تترأسه كاسترو، قدّم الرجلان استقالتيهما في 31 آب الماضي، لتعيّن الرئيسة كاسترو المحامية ريكسي مونكادا، التي من المحتمل أن تخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، وزيرةً للدفاع بدلاً من زيلايا. ومع هذا، سرعان ما تأزّمت الأمور على نحو كبير، عندما روّج عدد من وسائل الإعلام، في الثالث من أيلول، فيديو قديماً صُوِّر في عام 2013، يظهر فيه زيلايا وهو يتشاور مع تجار مخدّرات عرضوا عليه أكثر من نصف مليون دولار لتمويل «حزب الحرية»، لتنطلق على إثر ذلك حملة شرسة لتشويه صورة الرئيسة كاسترو وعائلتها، وسط مطالبات وُجّهت إليها بالاستقالة من الرئاسة. ورداً على حملة التشويه تلك، قالت كاسترو، في لقاء تلفزيوني، إن «قوى الظلام» في هندوراس وخارجها تعمل على تنفيذ انقلاب ضدها، وإن «خطة تدمير حكومتي الاشتراكية وعرقلة الديمقراطية والانتخابات المقبلة باتت قيد التنفيذ»، مضيفة أن «قوى الظلام» التي قادت الانقلاب على زوجها في عام 2009 «تعيد تنظيم نفسها اليوم مع وسائل الإعلام الوطنية والدولية» بهدف الترتيب للانقلاب عليها خلال الفترة المقبلة.

وبعد أيام، دعا راعي مخطط الانقلاب، الجنرال روميو فيلاسكيز، إلى تعبئة جماهيرية في السابع من أيلول، ضد كاسترو والحكومة الهندوراسية، ولكنه لم يستطع إلا جمع أقل من ألف شخص في تظاهرة خرجت في إحدى شوارع العاصمة تيغوسيغالبا. وفي المقابل، دان «حزب الحرية» الحاكم، في بيان أصدره في اليوم التالي، مخطّط «السفيرة الأميركية في البلاد» وبعض «العسكريين المتقاعدين الذين يخططون لانقلاب»، داعياً إلى تعبئة جماهيرية لدعم الحكومة والدفاع عنها، وذلك في تظاهرات خرجت السبت الماضي (14 أيلول) وشهدت مشاركة واسعة وعمّت أرجاء العاصمة.

وإلى جانب الضغوط الخارجية، تصاعدت أخيراً حدة الضغوط الداخلية، ولا سيما بعد معارك في «الكونغرس» لانتخاب «مدّع عام مستقل» و«إصلاح المحكمة العليا»، ليواجه الحزب الحاكم لهندوراس والرئيسة كاسترو تحديات عديدة قبل الانتخابات التمهيدية المُقرر عقدها في نيسان العام المقبل، والتي يليها عقد الانتخابات العامة في 30 تشرين الثاني. وفي هذا السياق، قد تؤدي خسارة الحزب الحاكم إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الهش للبلاد، على الرغم من التقدّم الأخير في الحدّ من الفقر الذي انخفضت نسبته من 73.6% في عام 2021 إلى 64% خلال العام الماضي. والجدير ذكره، هنا، أن حكومة كاسترو ركّزت، منذ تسلّمها السلطة، على استعادة المؤسسات والشركات العامة، والاستثمار في الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية، مع دعم الزراعة وتقديم برامج رعاية للفقراء. وتهدف الحكومة، من خلال هذه الجهود، إلى الابتعاد عن عقود من السياسات الليبرالية الجديدة التي خرّبت الاقتصاد وألقت بما يزيد عن نصف سكان البلاد تحت خط الفقر.

وعلى أي حال، يمكن القول إن تدخّل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية والإقليمية لدول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بذريعة «مكافحة تهريب المخدّرات» لم يعد يأخذ شكلاً عسكرياً، على غرار ما حدث خلال القرن الماضي، وإنما بات يتّبع تكتيك «الحرب القانونية»، أي استخدام التلاعب القانوني لإسقاط الحكومات، كما جرى سابقاً في البرازيل وباراغواي والإكوادور.

 

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الرئيس الإيراني يدعو بابا الفاتيكان لحث زعماء العالم للوقوف بوجه جرائم “إسرائيل”

  فرانسيس الثاني أنّ إيران مُستعدّة للتعامل البنّاء مع الفاتيكان من أجل تعزيز السلام والعدالة في العالم.     أكّد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، اليوم ...