دخول مصري قوي على الساحة الفلسطينية. شَرَكٌ أعدّته القاهرة لـ«حماس» بدعوتها إلى اجتماعات مصالحة أعلنت، وهي راعيها، إخفاقها قبل أن تنتهي. في اللحظة نفسها، أتمّت التنسيق بين رام الله وتل أبيب من جهة، وبين رام الله وعواصم الخليج من جهة أخرى، لإعادة اللعبة إلى عهدها القديم
وكانت «الأخبار» قد كشفت، منذ التطبيع الإماراتي العلني، أن القاهرة أبلغت أبو ظبي بأن رسائل إيجابية وصلت من السلطة مضمونها نيّتها العدول عن المواقف الرسمية السابقة كسحب السفير والتصعيد الإعلامي، لكن تدريجياً (راجع: أمر عمليات لمصر: شدّدوا الحصار على غزة، في 25 آب). وبإعلان رام الله عودة العلاقات مع العدو بكامل طاقتها، يُسدَل الستار، كما ترى «حماس»، على ملف المصالحة، وأيّ خطوات تتعلّق بعقد الاجتماع الثاني للأمناء العامين للفصائل وملف الانتخابات. كما يستبعد المصدر «الحمساوي» استمرار الاتصالات بين الحركتين على رغم الإعلان المصري أن المباحثات في القاهرة مستمرة.
وعدت الرياض وأبو ظبي رام الله بعودة التمويل لها قريباً
وبينما نقلت قناة «العربية» السعودية عن «مسؤول فلسطيني»، أمس، أن السلطة بصدد إعادة سفيريها إلى الإمارات والبحرين، كشفت مصادر فلسطينية، في حديث إلى «الأخبار»، عن اتصالات وصلت عباس من مصر والإمارات والبحرين، فحواها أن مسؤولي هذه الدول لا يسعون إلى استبدال القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان به، وأنهم سيضغطون من أجل «تفعيل عملية السلام»، كما سيقدّمون له دعماً كبيراً قريباً، ولا سيما بأموال إماراتية وسعودية، مقابل تنفيذه الاشتراطات الإسرائيلية بخصوص رواتب أهالي الشهداء والأسرى. أيضاً، كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقرّبة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن البحرين عرضت استضافة قمة فلسطينية ــــ إسرائيلية «لتحريك المفاوضات وعملية السلام»، وذلك خلال اجتماع الملك حمد بن عيسى بوليّ العهد الإماراتي، محمد بن زايد، والملك الأردني، عبد الله الثاني.
وسط التطورات المتسارعة، تسترجع مصادر «حماس» المشهد، وتقول إن هناك معلومات سبق أن وصلت الحركة بأن جهات عربية ودولية حذّرت عباس من أن الذهاب إلى المصالحة سيجلب مزيداً من الضغط والعزلة الاقتصادية على السلطة، ما يمثل تهديداً حقيقياً لها (راجع: محور التطبيع يحارب «تفاهمات إسطنبول»: لا للمصالحة الفلسطينية!، في 5 تشرين الأول)، وفي المقابل، فإن إعادة العلاقات ومسايرة التطبيع العربي ستؤدي إلى تجاوز السلطة أزماتها المالية خلال وقت قصير. ومنذ إعلان السلطة أمس، ثمّة غضب فصائلي واسع على هذه الخطوة التي تجاوزت القرارات التي اتُّخذت بالإجماع، فيما سارت السلطة إلى امتصاص الغضب جزئياً بإعلانها صرف راتب كامل للموظفين مطلع الشهر المقبل. واستنكرت «حماس» خطوة السلطة، كما رأت «الجهاد الإسلامي» ما حدث «انقلاباً على مخرجات اجتماع الأمناء العامين للفصائل»، وأن ما يحدث الآن «لا يختلف عن التطبيع، بل هي السياسة نفسها التي أوصلت الدول العربية إلى التطبيع ووَفّرت للمُطبّعين فرصة ومناخاً شجّعهم حتى وصل الأمر حدّ التحالف مع الاحتلال وتجاوز كلّ الثوابت العربية والقومية».
ميدانياً، ومع توقعات بتشديد مصري على غزة وتحميل «حماس» مسؤولية الإخفاق في الوصول إلى المصالحة، عادت البالونات الحارقة والمتفجّرة للانطلاق بصورة واسعة تجاه مستوطنات «غلاف غزة». وبالتوازي، يعيش القطاع تزايداً في أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد. وخلال اليومين الأخيرين تصاعدت أعداد الإصابات المعلن عنها إلى الضعف ليصل المعدل اليومي الى 600 حالة جديدة. ويقول مصدر في المقاومة لـ«الأخبار»، إن إطلاق البالونات تنفيذ لتهديدات المقاومة بخصوص جائحة كورونا، وخاصة أن غزة تحتاج الى المزيد من المساعدات والأجهزة الطبية. ويفيد المصدر بأن الضغط سيتدرج على «غلاف غزة» وستزداد وتيرة إطلاق البالونات خلال الأيام المقبلة.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)