آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » إسرائيل أمام طريق مسدود مجدّداً: ما الذي يمكن أن يضيفه ترامب؟

إسرائيل أمام طريق مسدود مجدّداً: ما الذي يمكن أن يضيفه ترامب؟

حسين إبراهيم

 

 

في بداية كل معركة كبرى، تندفع المؤازرة الغربية لإسرائيل بكامل قوتها. ولأن الأخيرة لم تنجح مرة في تحقيق نصر حاسم ونهائي على أعدائها كلهم، على رغم النكسات والنكبات التي أصابت هؤلاء، فإن طول أمد الصراع لم يكن في مصلحتها في أي حرب، ولن يكون هذه المرة أيضاً. إذ لا تستطيع منظومات الدفاع الجوي والأساطيل الأميركية والغربية، بغض النظر عمّن يحكم أميركا، أن تفعل الكثير لإسرائيل أمام حروب العصابات التي تشنّها عليها المقاومة وتستنزفها عبرها بشرياً واقتصادياً على مدى وقت طويل. وأهم ما في تلك الحروب، بغض النظر عن حجم خسائر العدو، أنها تظهر له أن الأمن هدف بعيد المنال.

بعد الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى المقاومة في لبنان وفلسطين، من دون أن تنجح في القضاء عليهما، أو فرض حقائق سياسية بنتيجتها، حتى الآن، نكون قد دخلنا في نزاع سيطول، إذا أصرّت الأخيرة على ترجمة سياسية للضربات التي حققتها في الأيام الأولى للحرب. نحن الآن عملياً أمام الصورة التالية: تقف القوات الإسرائيلية على حدود كل من غزة ولبنان، وتحاول القيام بتوغّلات موضعية لتحقيق أهداف عملية، تواكبها حملة تدمير ومجازر من الجو تهدف إلى تيئيس البيئة الحاضنة للمقاومة وإخضاعها. وبعد عام وشهر على بدء المعارك، لم تنجح في وقف القصف على الداخل، لا في الجنوب ولا في الشمال. وعلى رغم محاولة إخفاء حالة الإنهاك التي وصل إليها جيش الاحتلال من خلال التوجيه الإعلامي الذي يبزّ ما كانت تقوم به وزارات الإعلام في الدول المستبدة، إلا أن المؤشرات إلى ذلك الإنهاك واضحة تماماً، من خلال أداء الجيش الإسرائيلي نفسه في القتال. ولا تحتاج إلى عناء، ملاحظة أن الاحتلال يحاذر التوغّل براً في لبنان لأنه يخشى أن يُمنى بخسائر تقلب المعادلة كلياً، وتمحو كل ما حقّقه من إنجازات تكتيكية، وهذه ستكون كارثة على العدو، لأنها ستعني أنه غير قادر على هزيمة المقاومة، مع كل ما لهذا من تبعات على ثقة الإسرائيليين بدولتهم.

يشي كلّ ما تقدّم، بأن الحرب في لبنان ستطول كما الحرب في غزة، فقط لأن استمرارها يُبقي النتيجة غير محسومة ويسمح للقيادة في إسرائيل بالقول إنها لا تزال تسعى إلى تحقيق الأهداف. لكنّ ثمة خطأ شائعاً نمى إلى نفوس من ينتمون إلى البيئات المناهضة لإسرائيل، ومفاده أن ثمة تغيّراً جوهرياً يتعلّق باستعداد الإسرائيليين لتقبل خسائر بشرية ومادية أكثر مما اعتاده أعداؤها، ومستعدة للتعايش مع وجود عشرات الأسرى في أيدي هؤلاء الأعداء لمدة طويلة والمخاطرة بحياتهم، بعدما كان بالإمكان مبادلة عظمة من جثة أسير بعدد من المعتقلين الأحياء. على أنه إذا كان ثمة شيء من الصحة في هذه المقولة، فإن هذا لا يعود إلى تغيّر في المجتمع الإسرائيلي نفسه، بقدر ما يعود إلى تطوّر نوعي ومباغت في قوة المقاومة التي فرضت على إسرائيل التخلي عن ذلك الترف.

 

إسرائيل أمام حرب استنزاف طويلة على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية

 

يقف العدو الآن أمام طريق مسدود تماماً في غزة ولبنان وعلى الجبهات الأخرى. كل ما يملكه هو تفوّق سلاح الجو الذي لم يفده كثيراً في تحقيق الأهداف في غزة بعد سنة وشهر من الحرب، والقضاء على معظم قادة حركة «حماس»، ولن يكون حظّه أوفر في لبنان، حيث يظهر بالفعل أنه غير قادر على تحقيق أي من أهدافه، وبدأ يحاول تلمّس طريق لتفادي الانزلاق إلى تورّط كبير ودوامة من الخسائر التي لا يمكنه تحمّلها.

أمكن لإسرائيل من خلال حملتها، ترميم الردع ضد أعدائها إلى درجة ما، وإشباع الرغبة في الانتقام إلى حدٍّ كبير. لكن هذا أقصى ما يمكن أن تحقّقه من أهداف. ولذا، فإن القادم سيكون مزيداً من الاستنزاف للعدو، بجنوده على جبهات القتال، وجبهته الداخلية، واقتصاده، وموقعه في العالم، ولا سيما أن الانتخابات الأميركية، بمعزل عن نتيجتها، تحرم العدو من فترة سماح أميركية استفاد خلالها من دفق سلاح مستمر، ومن استرضاء معسكرَي الحملة الانتخابية لقادة إسرائيل، والذي دام كامل فترة الحرب، والتي سيعود بعدها الدعم الأميركي لإسرائيل إلى طبيعته خارج الحملات الانتخابية.

أما الانتخابات الأميركية نفسها، والتي أعادت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض والجمهوريين إلى السيطرة على مجلسَي الكونغرس، فما الذي يمكن أن تضيفه أكثر مما فعلته إدارة جو بايدن لإسرائيل؟ على الأقل لدى ترامب «فضيلة» على بايدن هي أنه لم يتفاخر بأنه صهيوني، فضلاً عن أن الصوت العربي والإسلامي الاحتجاجي في أميركا كان له دور في فوزه، إن لم يكن حباً به، فانتقاماً من الدعم اللامحدود الذي قدمته الإدارة الحالية لإسرائيل، بما يعني أنه لا فرق يذكر في دعم أميركا لإسرائيل، كائناً من كان الرئيس.

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عزل مناطق التنظيم الإرهابي عن العالم بقطع الإنترنت مجرد «بروفة» … مصادر: «النصرة» يخشى من فرض أنقرة عقوبات عليه

خالد زنكلو   يخشى تنظيم جبهة النصرة، بواجهته الحالية التي تدعى «هيئة تحرير الشام»، من فرض إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقوبات عليه لردعه ...