الدكتور خيام الزعبي
ينظر الجميع بترقّب شديد وحذر إلى مآل التطوّرات في غزة التي باتت تُهدّد إسرائيل والمنطقة ككل حيث تزداد ورطة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وسط انتقادات كبيرة يواجهها بسبب سياساته العقيمة خلال الفترة الأخيرة، هذا ما يعد أخطر تحد يواجهه حتى الآن خلال فترة حكمه، فالأمور تسير من سيئ إلى أسوأ وتنذر بحرب داخلية خاصة بعد تصاعد الخلافات بين نتنياهو ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق، أيهود ألومرت، بالتالي فالكيان الصهيوني يواجه مستنقعا في غزة، مماثلا لما واجهته الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وليس لدى إسرائيل حتى اللحظة أي خطة لما بعد الحرب.
حاولت إسرائيل اللعب على جميع الحبال حتى تخرج بأكبر المكاسب، واعتقدت خاطئة أن حربها على غزة يمكن أن يجلب لها هذه المكاسب والامتيازات وتستطيع من خلالها التخلص من حركة حماس على أمل تحقيق اختراق في الخريطة الاستراتيجية في فلسطين، بالإضافة الى استعادة الأسرى أحياء،. إلا أن حسابات الكيان الصهيوني كانت خاطئة، فالمقاومة تتقدم وتكبد القوات الإسرائيلية يومياً خسائر فادحة، وإنطلاقاً من ذلك يبدو أن نتنياهو سيعض أصابع الندم بسبب قراره المتعجل بغزو غزة الذي يُعد المُغامرة الأكبر في حياته السياسيّة.
في السياق ذاته شهدت الأيام الأخيرة مواجهة علنية ومباشرة بين رجال المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، حيث وجهت المقاومة لطمة قوية لمغامرات إسرائيل الجنونية، إذ فقدَ الاحتلال توازنه وعقله، وتكبد خسائر فادحة، بشرياً، واقتصادياً، وسياسياً، وعسكرياً، وأجبر الاحتلال على إجلاء عشرات الآلاف من سكان المغتصبات.
في الإتجاه الآخر، يعرف نتنياهو أنه في ورطة كبيرة لا يستطيع أن يمنع المقاومة من تحرير المنطقة من قوات الاحتلال وفي نفس الوقت يدرك عواقب فشله في مغامرة غزو مدينة رفح، ويعرف العواقب الوخيمة التي سترتد على قواته المتواجدة في غزة التي تعددت فيها مغامراته اللامسؤولة ، بالتالي سيبتلع نتنياهو مرغما ما تلقاه من هزائم حتى الآن، وسيتقبل بحدود الدور المقرر له بعد التطورات الميدانية في غزة، كما يعرف أن القادم أصعب بالنسبة له كونه يدرك أن التراجع في غزة يعنى الهزيمة الصعبة التي وصلت إليها مغامراته في فلسطين.
اليوم انتهت اللعبة.. ولم يتبق لنتنياهو ورفاقه إلا الإعتراف بهزيمته، فهناك مواجهات عنيفة واشتباكات وحرب شوارع في تل أبيب وحيفا، ووصل الأمر لعمليات دهس للإسرائيليين، وذلك بعد خروجهم في تظاهرات للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة وإقالة حكومة نتنياهو وإبرام صفقة لاستعادة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، وفي هذا الإطار هناك درجة احتمال كبيرة أن يولّد الغضب بشأن مصير الرهائن حالة انفجار كبيرة داخل إسرائيل
في حين أن نفاد صبر الولايات المتحدة يقترب من نقطة الانهيار مع نتنياهو نتيجة صعوبة تحمل واشنطن للممارسات الإسرائيلية خلال الحرب على غزة التي تكمل شهرها السادس، ويعني ذلك أن الولايات المتحدة ستقوم بتقييم تنفيذ إسرائيل لمطالبها، وبالتالي فإن فشل تل أبيب في القيام بذلك سينتج عنه تغيراً سلبياً في سياسة الدعم الأميركية لإسرائيل، وبالتالي إن إسرائيل تواجه مستنقعاً في غزة وأن نتنياهو يلعب بالنار مع الولايات المتحدة الأميركية.
مجملاً…. يجب على نتنياهو أن يحترس من التورط في مستنقع رفح الذي لا يستطيع تطويق حدوده ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وسورية واليمن والعراق و…و…، وهي حرب سوف تكون مكلفة لإسرائيل عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت على المنطقة.
وأختم القول إن نتنياهو الفاشل والمجرم بحق الإنسانية سقط سياسياً بسقوط جبهته الداخلية، فمستوطنوه لن يرحموه، ولن ينسوا أنه أدخل أكثر من ستة ملايين إسرائيلي في الملاجئ لأول مرة في التاريخ، وعلى هذا فإن فقدان السيطرة، وحالة التأهب في صفوف الجيش والاجهزة الأمنية الإسرائيلية، والمظاهرات، والتلويح بالعصيان والاشتقاقات في صفوف الليكود، وو…إلخ، تقود إسرائيل إلى مفترق طرق خطير.
ويبقى السؤال..هل نعيش نهايات إسرائيل الآن أم يتأخر الاحتراق لسنوات أخرى؟!.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم