آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » إسرائيل ترتكب جريمة حرب جديدة: مجزرة الصحافيين في صنعاء… جبهة الإسناد (الإعلامي) مستمرّة

إسرائيل ترتكب جريمة حرب جديدة: مجزرة الصحافيين في صنعاء… جبهة الإسناد (الإعلامي) مستمرّة

 

علي سرور

 

 

 

مع اقتراب العدوان الإسرائيلي على دول المنطقة من إكمال عامه الثاني، لا تزال آلة الحرب تُفاجئ العالم من جديد بمدى إرهابها.

بعد قتل عشرات آلاف المدنيين، بالنار تارة والتجويع طوراً، إلى جانب استهداف جميع المرافق الحيوية من مستشفيات ومدارس وجامعات، استطاع العقل الإجرامي لقادة الاحتلال التفوّق على نفسه عبر استهداف علني ومباشر لمقرّ صحيفتَيّ «26 سبتمبر» و«اليمن» في صنعاء، مخلّفاً 31 شهيداً صحافياً، إضافة إلى عشرات الشهداء المدنيين العزّل في المنازل المجاورة أو الذين صودف مرورهم في الطرقات المجاورة.

 

مجزرة مكتملة الأوصاف وغير مسبوقة بحقّ الصحافة، لحقها إجحاف مريب بين صمت دولي ولا مبالاة عربية، ما خلا بعض التقارير الأممية الفارغة المضمون، التي تساوي بين الجلّاد والضحيّة.

 

تبنٍّ صريح للاستهداف

وكانت الجماهير اليمنية قد شيّعت يوم الثلاثاء الفائت جثامين الصحافيين من كوادر الصحيفتين الذين سقطوا في الاستهداف المباشر لـ «حيّ التحرير» المكتظّ في صنعاء يوم العاشر من أيلول (سبتمبر) المنصرم. من جهته، لم يجد المتحدث باسم القوات الإسرائيلية، أفيخاي أدرعي، حرجاً في إعلان أنّ الضربة التي خلّفت مئتي إصابة، بين شهيد وجريح، جلّهم من المدنيين والصحافيين، لم تكن نتيجة خطأ «يخضع للتحقيق» أو حتّى تجنّب التطرّق إلى الموضوع، بل تبنّى جهاراً الجريمة المروّعة بوصف الصحيفتين بـ«مديرية الإعلام العسكري للحوثيين».

 

الجدير بالذكر في تفاصيل عملية الاستهداف، أنّ العدد المهول من الإصابات في صحيفة «26 سبتمبر» تحديداً، أتى بسبب وجود معظم العاملين فيها لحظة وقوع الغارة، وهو اجتماع نادر يحصل مرّة في الأسبوع كونها تُنشر بشكل أسبوعي لا يومي، وهو تفصيل لا يجهله العدو بسبب قدرته التقنية على تتبّع هواتف العاملين المجتمعين في مقرّ الصحيفة.

 

ردود عربية ودولية خجولة

رغم حجم الجريمة وطبيعتها، ومدى خطورة استهداف المقرّات الإعلامية، إلا أنّ الردود العربية والدولية كانت خجولة. ومن بين الأصوات القليلة التي خرجت للتعليق على الاستهداف، كان بيان منظّمة «هيومن رايتس ووتش» يوم الإثنين الماضي، الذي وثّق المجزرة وتفاصيلها. كما حدّد الفاعل داعياً المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل «للتوقّف الفوري عن استهداف الصحافيين واحترام حريّة التعبير وفقاً للقانون الدولي».

 

خلال تشييع الصحافيين (أ ب)

خلال تشييع الصحافيين (أ ب)

إلا أنّ الدعوة لم تلق آذاناً صاغية من الدول المؤثّرة، كما لا تعدّ الجريمة بحقّ الإعلاميين سابقة للقوات الإسرائيلية التي سبق لها أن قتلت حوالى 250 صحافياً في قطاع غزة، إضافة إلى قتلها عدداً من الإعلاميين خلال عدوانها على لبنان.

 

علماً أنّ القانون الدولي الإنساني يُحدّد في المادة 79 من البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف، أنّ الصحافيين يُعدّون مدنيين يتمتعون بالحماية الكاملة حتّى في أوقات النزاع. وبالتالي، يرقى استهدافهم، ولا سيّما بهذا الشكل الواسع والمباشر، إلى انتهاك جسيم يُصنّفه القانون الدولي كجريمة حرب تستوجب المساءلة أمام المحاكم الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية.

 

إسكات جبهة الإسناد الإعلامية

بعيداً من وصمة العار التي تلحق بالصامتين عن جرائم الاحتلال عموماً، واستهداف الصحافيين اليمنيين بهذا الشكل تحديداً، أعطى توصيف أدرعي لكوادر الصحيفتين حقّهم من فم عدّوهم. إذ قال إنّ المديرية أشرفت على «جهود الدعاية والإرهاب النفسي لنظام الحوثي»، وهو ما يشكّل إقراراً من أدرعي نفسه بأنّ الصحافيين الشهداء نجحوا في فضح الاحتلال ودحض سردياته الإعلامية، كما استطاعوا أن يرهبوا كيانه بكلماتهم العابرة للقبّة الإعلامية التي تحمي الفضاء الافتراضي لإسرائيل.

 

يُظهر اليمنيون تميّزاً جليّاً في المجال الإعلامي

 

 

لعلّ شهادة أدرعي في الصحيفتين كافيتان لفهم سبب استهدافهم من قبل قوات الاحتلال. بعد فشل إسرائيل، وقبلها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في إسكات آخر جبهات الإسناد لقطاع غزة، بدأ العدو يغيّر من طبيعة أهدافه في اليمن.

 

بينما تواظب المسيّرات والصواريخ الباليستية على زيارة الأراضي المحتلّة بشكل دوري، اختارت القيادة السياسية في الكيان الاستسلام أمام العزيمة العسكرية لليمنيّين، واللجوء إلى استهداف منشآت حيوية كخزانات الوقود ومطار صنعاء الدولي والطائرات المدنية فيه، وصولاً إلى اغتيال أعضاء الحكومة اليمنية خلال اجتماع اعتيادي لهم.

 

تأتي هذه الضربات التصعيدية بالشكل والمضمون لعقاب اليمن تارةً، والضغط السياسي طوراً. إلا أنّ استهداف الإعلاميين يخرج عن هذين الإطارين وفقاً لبيان القوات الإسرائيلية نفسها، إذ ينطوي ضمن إسكات جبهة الإسناد الإعلامية للصحافة اليمنية المكتوبة. رغم الظروف الداخلية المعقّدة لليمن والمنافسة غير المتكافئة مع الإعلام الإبراهيمي، إلا أنّ هذه الجبهة الإعلامية أسهمت في إبراز مظلوميّة الشعب الفلسطيني وأحقيّة قضيّتهم أمام ملايين اليمنيين.

 

تصدٍّ للمنابر الإبراهيمية

ما لم تنفع حاملات الطائرات الأميركية وقنابل دول عدّة في فعله، على مدى يتجاوز امتداده العامين الأخيرين فقط، يصعب أن تُحقّقه هذه الجريمة المروّعة. ومع أنّ منصّات الاحتلال احتفلت في 28 آب (أغسطس) الماضي، عند استهداف اجتماع الحكومة اليمنية رغم علنيّته، معتبرة أنّ قواتها استطاعت «تحقيق خرق أمني» استعصى لشهور طويلة، إلا أنّ العقل السياسي الإسرائيلي يغيب عنه أنّ الشعب اليمني تعرّض لما يتجاوز القصف بكثير.

 

إذ وصلت به الحال إلى مجاعة وتفشّي أمراض قد تتجاوز مآسي غزة الحالية، من دون أن يؤدي ذلك إلى أي تغيير في مواقفه الوجدانية والشعبية والسياسية. بل على النقيض، استخدم اليمنيون مظلوميّتهم كوقود لشحن العزائم للوقوف إلى جانب القضايا المحقّة، ودرّتها فلسطين.

 

يُظهر اليمنيون تميّزاً جليّاً في المجال الإعلامي، لا ينحصر فقط بميدان الصحافة المكتوبة أو المرئية، إنّما يشكّل نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي رأس الحربة في مناكفة الاحتلال ومروّجي السياسة الإبراهيمية في العالم العربي.

 

وأمام التجارب السابقة في امتحان الإرادة، إلى جانب القدرات البشرية التي أظهرها الشعب اليمني عموماً في شتّى الميادين، خصوصاً خلال المواجهة العسكرية غير المتكافئة مع قوات الاحتلال، هل يتوقّع قادة إسرائيل أن يتمكّنوا عبر جريمة قتل الإعلاميين، رغم فظاعتها، أن يطفئوا شعلة الثورة في حبر الصحافيين داخل اليمن وخارجه؟ أم ستمثّل دماؤهم شهادة على نجاح جبهة الإسناد الإعلامية في قضّ مضجع تل أبيب، وتُعطي زخماً وروحيّة جديدةً ترتقي بالعمل الصحافي إلى مستوى آخر؟ .

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ندوة مشتركة لاتحادي الصحفيين السوريين والدوليين بدمشق حول تعزيز حرية الصحافة

    تحت عنوان “دور المؤسسات النقابية في تعزيز حرية الصحافة”، أقام اتحاد الصحفيين السوريين والاتحاد الدولي للصحفيين ندوةً حواريةً اليوم، أكدت أهمية حماية حقوق ...