آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » (إسرائيل) تزهق الروح وتسرق الجسد

(إسرائيل) تزهق الروح وتسرق الجسد

قبل 75 عاماً سرق الاحتلال الإسرائيلي أرض فلسطين، ولم يكتف بجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يرتكبها بحق الفلسطينيين، بل يلاحقهم حتى بعد موتهم ويحتجزهم في مقابر الأرقام وثلاجات الموتى ويسرق أعضاءهم، ليعاقب ذويهم في جريمة ظلت مخفية لسنوات طويلة، قبل أن يفضحها ذوو الشهداء ووسائل الإعلام وشهادات (أطباء إسرائيليين) شاركوا في هذه الجريمة البشعة التي تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان ولكل القوانين الدولية.

العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي أعاد هذه الجريمة إلى الواجهة، حيث أفاد مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة محمد أبو سلمية قبل أن تعتقله قوات الاحتلال بأنها حين اقتحمت المجمع سرقت جثامين عدد من الشهداء.

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وثق سرقة قوات الاحتلال جثامين شهداء من مجمع الشفاء ومن مستشفى الإندونيسي شمال القطاع، وأخرى من محيط ممر التهجير القسري من شمال القطاع إلى وسطه وجنوبه، والذي يمر عبر شارع صلاح الدين، كما وثق نبش قوات الاحتلال مقبرة جماعية للشهداء في إحدى ساحات مجمع الشفاء الطبي وسرقتها عدداً من الجثامين.

المرصد أشار إلى أن الاحتلال لا يزال يحتجز أعداداً كبيرة من الجثامين، وأفرج عن العشرات فقط منها عبر تسليمها إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تولت نقلها إلى جنوب القطاع لإتمام عملية الدفن، مبيناً أن أطباء في غزة أدلوا له بشهادات تفيد بأنهم عندما أجروا فحصاً سريعاً لبعض هذه الجثامين لاحظوا سرقة أعضاء مثل قرنية العين وقوقعة الأذن وأعضاء حيوية أخرى مثل الكبد والكلى والقلب، لافتاً إلى أن للاحتلال تاريخاً حافلاً باحتجاز جثامين الشهداء، ما يستدعي تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في هذه الجريمة.

سرقة جثامين الشهداء في غزة أعادت للأذهان تحقيقاً تلفزيونياً بثته القناة العاشرة الصهيونية عام 2014، وأثار جدلاً واسعاً بشأن امتلاك الاحتلال أكبر بنك للجلد في العالم، كشفت فيه مديرة البنك أن احتياطيه من الجلد البشري وصل إلى 170 متراً مربعاً، متفوقاً بذلك على بنك الجلد الأمريكي الذي أنشئ قبله بـ 40 عاماً، وهو رقم هائل نسبة إلى عدد المستوطنين الإسرائيليين المتبرعين، وسنة إنشاء البنك التي تعود إلى عام 1985.

التحقيق تضمن اعترافات من مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى حول أخذ أعضاء من جثامين الشهداء الفلسطينيين، واستخدامها في علاج المستوطنين، مع التأكيد على أن بنك الجلد تابع مباشرة لوزارة الحرب في حكومة الاحتلال.

وفي كتابها (على جثثهم الميتة) الصادر عام 2014، كشفت مئيرا فايس وهي (طبيبة إسرائيلية) سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين، وذكرت أنها خلال فترة وجودها بين عامي 1996 و2002 في معهد الطب الشرعي في (تل أبيب) لإجراء بحث علمي رأت كيف كانت تتم سرقة الأعضاء من الجثامين.

وقالت: “خلال وجودي في المعهد شاهدت كيف كانوا يأخذون أعضاء من جسد الفلسطيني، ولا يأخذون في المقابل من الجنود، كانوا يأخذون قرنيات وجلداً وصمامات قلبية”، مشيرة إلى أنه لا يمكن لغير المختصين أن ينتبهوا لنقص هذه الأعضاء، حيث يضعون مكان القرنيات شيئاً بلاستيكياً، ويأخذون الجلد من الظهر بحيث لا ترى العائلة ذلك، إضافة إلى استخدام جثامين الشهداء في (كليات الطب الإسرائيلية) لإجراء أبحاث عليها.

وفي الـ 23 من تشرين الثاني عام 2015 بثت القناة الصهيونية الثانية تحقيقاً يكشف قيام معهد الطب بسرقة أعضاء من جثامين الشهداء الفلسطينيين التي يحتجزها الاحتلال، وتضمن شهادات أقر فيها رئيس المعهد السابق، أنه تم أخذ أعضاء وأنسجة وجلد من جثامين الشهداء الفلسطينيين دون علم أو موافقة ذويهم.

بداية الكشف عن تفاصيل جريمة سرقة الاحتلال أعضاء الفلسطينيين للرأي العالم العالمي تعود إلى عام 2001، حين سلط الصحفي السويدي دونالد بوستروم الضوء على قيام الاحتلال بسرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين والمتاجرة بها، الأمر الذي أثار أزمة دبلوماسية، وخاصة بعد أن رفض رئيس الوزراء السويدي في ذلك الوقت فريدريك رينفيلت الاعتذار عما تضمنه تقرير بوستروم في صحيفة “افتونبلاديت” التي تعد أكثر الصحف السويدية قراءة.

الاحتلال شن حملة شرسة ضد بوستروم، وفرض قيوداً على الصحفيين السويديين، لكن بوستروم عاد لينشر في الصحيفة ذاتها تحقيقاً آخر عن الموضوع نفسه عام 2009، ذكر فيه أن إيهود أولمرت أطلق حين كان وزيراً للصحة في حكومة الاحتلال عام 1992 حملة للتشجيع على التبرع بالأعضاء وتزامناً مع تلك الحملة بدأت حالات اختفاء عدد من الشباب الفلسطينيين ليعودوا بعدها في نعوش مغلقة وتفرض سلطات الاحتلال على أهاليهم دفنهم في الليل دون جنائز.

بوستروم أجرى لقاءات مع عدد من عائلات هؤلاء الشهداء الذين سرقت أعضاؤهم من بينهم عائلة الشهيد بلال غنام، الذي كان يبلغ من العمر 19 عاماً حينما اعتقلته قوات الاحتلال في قرية أم التين في الضفة الغربية عام 1992، ليعود بعدها جثة بلا أعضاء داخلية مخاطة من العنق حتى أسفل البطن.

ولم تنف سلطات الاحتلال ما تعرض له جثمان بلال من تنكيل وسرقة لأعضائه، حيث قال مدير معهد الطب الإسرائيلي وقتها تشين كوغل: “إن عائلة بلال يمكن أن تكون على حق، لأننا أخذنا كل ما يمكن أخذه من كل الجثث التي جاءت إلى المعهد”.

في عام 2008 بثت شبكة (سي إ إ)  الأمريكية تقريراً أكدت فيه أن (إسرائيل) تعتبر أكبر مركز عالمي لتجارة الأعضاء البشرية، وكشفت النقاب عن تورطها في جريمة قتل فلسطينيين بهدف سرقة أعضائهم والاستفادة منها والاتجار بها، ضمن شبكة دولية، مشيرة إلى أن (إسرائيل) هي الوحيدة في العالم التي تحتجز جثامين الشهداء وتنتهجها كسياسة في مقابر الأرقام.

‏الاحتلال يعتمد هذه السياسية الممنهجة منذ عام 1948، ‏فيما يعرف بـ “مقابر الأرقام” وثلاجات الموتى أوقفها لفترة عام 2008 ثم عادت كآلية عقاب جماعي للفلسطينيين في عام 2015 ووثقت الحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة في تقرير أصدرته في الـ 27 من آب الماضي أن الاحتلال يواصل احتجاز جثامين 398 شهيداً، منهم 256 شهيداً في مقابر الأرقام، و142 شهيداً في ثلاجات الموتى منذ عودة سياسة الاحتجاز عام 2015 بينهم 14 طفلاً و5 سيدات و11 أسيراً.

قواعد القانون الدولي واتفاقيات جنيف تؤكد ضرورة عدم المساس بجثامين الموتى، كما أن رفض تسليم الجثامين لعائلاتهم لدفنها، قد يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي المحظور بموجب المادة الـ 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، لكن الاحتلال الذي توفر له شريكته الولايات المتحدة جميع أشكال الدعم والحماية ينتهك كل ذلك، ولأنه يحقد على الفلسطيني حياً وميتاً ينكل به في الحالتين في جريمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، ويحتجز جثامين الشهداء لحرمان ذويهم من تشييعهم ودفنهم بكرامة، ليضاف الاحتجاز وسرقة الأعضاء إلى جراح الفلسطينيين التي لن تندمل إلا بزوال الاحتلال.

 

 

سيرياهوم نيوز 2_سانا

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مصر ترفض «الأمر الواقع» على المعبر: العدو نحو اجتياح رفح… بغطاء أميركي

  بعد أسابيع من التأخير غير الواضح الأسباب، أعلنت واشنطن، أمس، أن الرصيف البحري قبالة سواحل قطاع غزة، بات جاهزاً لاستقبال شحنات المساعدات الإنسانية. وقال ...