آخر الأخبار
الرئيسية » تربية أخلاقية وأفعال خيرية » «إسرائيل» تستلب الوعي الغربي حتى إشعار آخر

«إسرائيل» تستلب الوعي الغربي حتى إشعار آخر

 

اعتقل المحامي ماثيو بيرلو بعد تزويره هجوماً على منزله بهدف تشويه سمعة «حملة التضامن الاسكتلندية مع فلسطين»

اعتقل المحامي ماثيو بيرلو بعد تزويره هجوماً على منزله بهدف تشويه سمعة «حملة التضامن الاسكتلندية مع فلسطين»

رضا صوايا

 

 

نجح الصهاينة في احتكار شعار «معاداة الساميّة» وتوسعة معانيه لتشمل أبسط الكلمات والأفعال، واسثماره استنسابياً لقمع أي معارضة أو حتى انتقاد لإسرائيل وتحصيل مكاسب جمّة من لعب دور الضحية الأبدية. ولأن الشعار مجزٍ ومردوده كبير، طوّر الصهاينة أساليبهم وقرروا تحويل المعاداة للساميّة إلى «صناعة» وإنتاج وإخراج متكاملي الأبعاد.

في كتابه الشهير «صناعة الهولوكوست»، يتحدث المؤرخ وعالم السياسة نورمان فينلكشتين، المولود لأبوين من اليهود الناجين من الهولوكوست، كيف وظّف الصهاينة المحرقة وحوّلوها إلى صناعة ترمي إلى تبرير سياسات إسرائيل الإجرامية والدعم الأميركي اللامحدود لها.

على المنوال نفسه، يمكن الحديث عن صناعة اللاساميّة، وخصوصاً أنّ الأخيرة أكثر تجذّراً في التاريخ ولا تنحصر بحدث محدد زمنياً ومكانياً كما هي حال الهلوكوست، وبالتالي قابلة للاستثمار الدائم، ولا سيما أنّ من مميزاتها مقارنةً بالمحرقة أنها لا تشترط وجود فعل جرمي، بل يمكن ربطها بأبسط قول أو فعل، لتشكل بذلك أداة قمع مثالية. قبل أيام، كشفت الشرطة الفرنسية زيف ادعاءات المواطنة الفرنسية اليهودية نانسي شيجنبرغ التي كانت قد أبلغت عن تعرضها لسلسلة من الاعتداءات المعادية للسامية. تناول الإعلام الفرنسي معاناة الضحية الافتراضية في تقارير مصوّرة، ناقلاً حالة الرعب التي تعيشها ووصلت إلى حد تهديدها بالقتل. طبعاً، لم تكن رواية نانسي مجرد توهمات، بل كانت تستند إلى أدلة ملموسة، فباب شقتها تعرّض للتخريب ورسمت عليه شعارات النازية والصليب المعقوف وكتب عليه «الموت لـليهود» فوق نجمة داوود. اعتداءات تواصلت طوال شهرين، ولم توفر حتى درج المبنى أو المصعد اللذين غطتهما الرسومات عينها. وكلما محت نانسي الشعارات المسيئة، ظهرت من جديد. واللافت أن بعض الرسائل وصلتها باللغة العربيّة وكتب عليها «سوف تعاني»… إلى أن تكشّفت الحقيقة! تبيّن أن نانسي هي التي رسمت الشعارات وفبركت السيناريو بأكمله، ومن المقرر أن تبدأ محاكمتها في شهر آذار (مارس) المقبل، مواجِهةً عقوبة تصل إلى أربع سنوات سجن وغرامة تصل إلى 30 ألف يورو.

فعل دفع الكثير من المغردين الفرنسيين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى التساؤل عن عدد الأفعال المعادية للسامية التي قد تكون مزيّفة ومختلقة.

وقبل أيام، أوردت الصحافة الأسترالية أنّ الشرطة الفيدرالية تحقق في ما إذا كان هناك «جهات فاعلة أو أفراد من الخارج» يدفعون لمجرمين محليين لارتكاب جرائم معادية للسامية في البلاد. وبحسب رئيس الوزراء الأسترالي، فإنه يبدو أنّ بعض الجرائم «يرتكبها أشخاص ليس لديهم قضية معينة، ولا تحركهم أيديولوجيا معينة، لكنهم ممثّلون مدفوعو الأجر»، لافتاً إلى أنه «ليس من الواضح من أين تأتي المدفوعات».

لن نلعب دور المحققين أو نبني افتراضات، لكن التاريخ مفيد لتتبّع بعض الأحداث المشابهة التي شهدتها أستراليا في الماضي. في عام 2017، ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض على مراهق إسرائيلي أجرى أكثر من 2000 تهديد لمدارس ومستشفيات وشركات طيران ومؤسسات يهودية في خمس دول، من بينها 591 تهديداً بانفجار قنابل ضد مدارس في أستراليا!

على أي حال، يبدو أنّ السيدة الفرنسية استوحت أفعالها من سوابق مماثلة حول العالم. في عام 2019، اكتشفت الشرطة الكندية أن مجموعة من الاعتداءات المعادية للسامية التي طالت أحد أشهر المطاعم اليهودية كانت مفبركةً ومن صنع أصحاب المطعم، الزوج والزوجة وابنهما.

شون شاميت بدوره، قرر أن ينتقل بالتمثيل إلى مرحلة أكثر تطوراً وخطورة. في عام 2020، ادعى أنّه تعرض للطعن بالسكين في موقف كنيس يهودي حيث يعمل من قبل مجهول صاح في وجهه «أيها اليهود» إلى أن تبيّن أن شون هو الذي طعن نفسه واختلق رواية الاعتداء اللاسامي!

في العام نفسه، ولكن على المقلب الآخر من المحيط الأطلسي، اعتقل المحامي البريطاني المؤيد لإسرائيل ماثيو بيرلو بعد تزويره هجوماً على منزله بالغرافيتي بهدف تشويه سمعة «حملة التضامن الاسكتلندية مع فلسطين» (SPSC).

غيض من فيض والأمثلة لا تنتهي. وطبعاً ليس الهدف التشكيك في معاداة السامية ووجودها، وإنما تسليط الضوء ولو عبر أمثلة متفرقة قد تبدو غير مترابطة حول كيف يستخدم هذا الشعار ويدجن ويُفبرك في أحيان كثيرة. إنّها دعوة إلى التدقيق في الكثير من الاتهامات والارتكابات التي اتهم فيها الكثر زوراً، فيما من الوارد جداً أن يكون الفاعل من أهل البيت، وهو نفسه «الضحية والجلاد».

 

 

 

 

 

أخبار سورية الوطن١_ الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

DeepSeek الصيني يضرب وكر الرأسمالية!

  علي عواد     تصدّر DeepSeek الصيني عناوين الأخبار بعد إطلاق نموذج ذكاء اصطناعي (AI) يتفوق على ChatGPT في اختبارات مستقلة، ما أثار ذعر ...