آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » إسرائيل” في … الثقب الأسود  

إسرائيل” في … الثقب الأسود  

 

نبيه البرجي

 

ندرك أننا في أيام عصيبة , أيام مصيرية . أيدينا على الزناد (وأيديهم على قلوبهم) . لم نعد نسأل “الى أين تقودنا الرياح” ؟ يفترض أن نكون نحن من يقود الرياح …

 

عدنا الى الأوراق الأميركية حول حرب عام 2006 . كان ديك تشيني , نائب الرئيس , يقول ل “الاسرائيليين”: “ألقوا بجثثهم للكلاب” . نحن من ألقينا بجثثهم الى الكلاب . آنذاك فوجئت ادارة جورج دبليو بوش بذلك “القطيع” من الضباع (اضافة الى تشيني , دونالد رامسفيلد , وبول وولفوويتز , وريتشارد بيرل , ودوغلاس فايث , وكوندوليزا رايس) بهشاشة رئيس الحكومة “الاسرائيلية” ايهود أولمرت , وقد لاحظ , منذ الأسبوع الثالث لحرب الـ 33 يوماً , أنه يخوض حرباً عبثية . أحد الجنرالات قال لرئيس الأركان الجنرال دان حالوتس “هل يريد الأميركيون أن يصيبنا في لبنان ما أصابهم في فيتنام ؟” “هاآرتس” كتبت ” منذ اليوم الأول للقتال شعر جنودنا بأنهم يقاتلون الأشباح”.

الأميركيون الذين احتلوا أفغانستان عام 2001 , واحتلوا العراق علم 2003 , كانوا يعتبرون أن كسر حزب الله في لبنان (بالتالي تحويل هذا البلد الى محظية أميركية) , يعني اكتمال الحلقة الثلاثية للدخول من الباب الكبير الى الشرق الأوسط الكبير . قليلون كتبوا أن هذا المشروع وقع أرضاً في وادي الحجير , كما سقط في بنت جبيل وفي عيتا الشعب وفي كل حبة تراب من جنوب لبنان . تردد أن السفير الأميركي جيفري فيلتمان، الذي كان يقود الأوركسترا الداخلية المضادة للحزب , كاد يصاب بالسكتة الدماغية حين صدر قرار مجلس الأمن بوقف النار يوم 14 آب .

الجنرالات “الاسرائيليون” لم يكونوا يتوقعون أن تستمر المقاومة طوال تلك المدة , بعدما راهنوا , كما وعدوا بعض الرؤوس اللبنانية , على القضاء على قيادات حزب الله بتدمير “المربع الأمني” في الضاحية . أحد تلك الرؤوس (الكبيرة) , وقد اعترته الصدمة , وصف القادة “الاسرائيليين” بـ”هؤلاء الحمير” , اذا كان يفترض بهم , ومنذ الدقائق الأولى للحرب , شن غارات صاعقة ومفاجئة على المقرات المغترضة للقيادات , ليحاط علماً بعد ذلك بفترة وجيزة، أن هذه القيادات قد انتقلت وقائياً الى أمكنة أخرى خارج الضاحية , قبل اندلاع الحرب يوم 12 تموز .

آنذاك سخر دافيد غروسمان , الكاتب الذي قتل أبنه في وادي الحجير , من قتل الجدران بدل قتل الرجال …

رهان “اللوبي اليهودي” الذي جعل من ادارة جورج دبليو بوش “مزرعة يهودية” , على أن تكون “نجمة داود” نجمة الشرق الأوسط الكبير , سقط بالضربة القاشية . في عام 2024 بدا المشهد الأميركي مختلفاً , وان زادت قناعة واشنطن بالهشاشة البنيوية “لاسرائيل” . ها هم يحذرون حكومة بنيامين نتنياهو من السقوط في “الثقب الأسود” , بعدما اختبرت “تل أبيب” بمرارة الساحة اللبنانية، ابان الاحتلال الذي انتهى عام 2000 وفي عام 2006 .

في الأوراق الأميركية , أن الجنرالات الأميركيين كانوا يستغربون أو يسخرون من مقولة “الجنرالات ـ الآلهة” في “اسرائيل” . لولا الدعم الأميركي العملاني واللوجيستي , لتدحرجت رؤوس هؤلاء تحت أقدام الجنود والمقاومين العرب . الآن , رجال البنتاغون يرون أن ما حدث على ارض غزة على امتداد الأشهر المنقضية , كشف مدى افتقاد القادة “الاسرائيليين” للرؤية السياسية والعسكرية .

 

توماس فريدمان الذي وصف نتنياهو بالقائد الأكثر بشاعة في التاريخ اليهودي , لاحظ كم هي هائلة “كمية الغباء” في رأس الرجل , حين يكون هدفه تدمير حركة حماس , دون أن يكون لديه أي تصور حول شكل التعاطي مع القطاع في اليوم التالي , وحتى مع المشكلة ككل . هكذا كان على الجنرالات أن يرفعوا الصوت، بعدما لم يعثروا على أي اجابة على اسئلتهم حول كيفية الترجمة السياسية لنتائج الحرب .

الأسئلة أكثر تعقيداً حول لبنان . ماذا اذا غسل الأميركيون أيديهم من الحرب هناك . قوة حزب الله ليست فقط فوق الأرض ، تحت الأرض أيضاً . هنا القتال ضد الأشباح ليس في لبنان فقط , وانما في سائر أرجاء المنطقة . من سنوات تحدث الأميركي ليسلي غليب عن الانعكاسات الكارثية للحرب بين “مجانين يهوه” و”مجانين الله” .

في الجنوب يتحدد مصير لبنان . في الداخل لا يزال الرقص في قعر الزجاجة (في قعر الأزمة) . ايام عصيبة , لكنها الأيام الكبرى . لن يكون لبنان “الديك الرومي” على المائدة الأميركية . هذا ما يدركه آموس هوكشتاين الذي يتعامل معنا كقوة ضاربة، لا كدولة “قوتها في ضعفها” . ثمة من قال … الهمّ لقد بلّغت !!

(سيرياهوم نيوز ١-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حديث عن موافقة.. هل اقتربت المصالحة التّركية مع الأسد؟

الدكتور خيام الزعبي نتطلع مستبشرين إلى تركيز سورية وتركيا على تحقيق أكبر منافع اقتصادية ممكنة تعود مباشرة على المواطن السوري والتركي، والجميع يتطلع لزيارة وفد ...