نبيه البرجي
يقول لنا سياسي بيروتي مخضرم “ما دام السفير علاء موسى (نرجو ألا تربطه صلة القربى بعمرو موسى) ، لا السفير وليد بخاري ، من يتكلم ياسم “اللجنة الخماسية” ويدلي بأحاديث تلفزيونية ، فهذا يعني أن اللجنة مثلنا لا تزال تدور في حلقة مقفلة . أعضاء اللجنة الذين يرون استحالة الجمع بين الأضداد ، يرون أيضاً أن لبنان ورقة في اللعبة الاقليمية كما في اللعبة الدولية . لا وقت الآن لا للتسويات ، ولا لحل الأزمات” .
توقف عند المشهد العراقي ، وقد جعله الأميركيون على شاكلة المشهد اللبناني بالتوزيع المفخخ للسلطات . ليس العراقيون ببرلمانهم المشتت مثل برلماننا ، مَن يختارون رئيس حكومتهم الذي تتعدى صلاحياته صلاحيات رئيس الدولة عندنا . الأميركيون والايرانيون الذين يتقاطعون في نقطة ما ، هم من يعيّنونه .
في لبنان ، هذا الثنائي ، وقد احترف لعبة الهاوية ، يفترض أن يكون ثلاثياً بمشاركة السعوديين، الذين لا يمكن أن يتخلوا عن حضورهم التاريخي والمؤثر على الساحة اللبنانية . ثمة تعليقات “اسرائيلية” تشي بأن الدولة العبرية تريد أن يكون لها موطئ قدم في القصر الجمهوري .
السياسي يستدرك “حتماً لا أنتقص من السفير المصري ، واعتقد أنك مثلي تتوق الى دور فاعل للقاهرة في لبنان . لكن الأضواء تتركز على قصر اليمامة . هنا المشكلة . الدخول الى القصر دونه عقبات جمّة، لأن من الصعب معرفة ما يدور في رؤوس السعوديين، الذين يتوجسون كثيراً من المسارات الاستراتيجية التي يمكن أن تأخذها المنطقة ، في ظل الصراعات الدولية التي يبدو ، حتى الآن على الأقل ، ألاّ أفق لها في المدى القريب” .
في نظره “أن الثقافة المكيافيلية تطغى على الأوليغارشيا السياسية عندنا . ولقد تابعت التصريحات التي صدرت عقب لقاءت سفراء دول اللجنة الخماسية ، لكأنها تصريحات من وراء المتاريس، لا تصريحات شركاء في الأرض وفي المصير . هذا كلام للاستهلاك السياسي والطائفي ,،هم . وحين يصرح الدكتور سمير جعجع بأن الرئيس نبيه بري ، بالحنكة السياسية النادرة ، ضليع في “تضييع الشنكاش” ، أقول “يا حكيم ،
ولأن لبنان ورقة حساسة على المستوى الاقليمي كما على المستوى الدولي ، لا بد أن يكون اختيار رئيس للبنان بالحساسية ذاتها . لسنا العراق الذي قد تحلّ مشكلاته بالتفاهمات الآنية أو التكتيكية، هنا لبنان ، المتاخم “لاسرائيل” ، وحيث الاستراتيجية التوراتية التي لا ترى في لبنان سوى ضاحية للهيكل ، ما يستدعي ابقاءه على صفيح ساخن ما دام قد تخلى عن شعار “قوة لبنان في ضعفه” ، لتظهر فيه مقاومة تمكنت من ارساء معادلة توازن الرعب . هذا واقع لا يمكن “للحاخامات” أو للجنرالات تحمّله .
شعار “لبنان بعد غزة” ارتفع علناً غداة عملية “طوفان الأقصى” . حتى آموس هوكشتاين ، بالرأس “الاسرائيلي” عاد مرتبكاً الى واشنطن، بعدما أقفل أركان الائتلاف الطريق في وجهه ، وقد طرحوا شروطاً لا يمكن للدولة اللبنانية أو للمقاومة اللبنانية القبول بها .
اشارات ديبلوماسية بعدم الاستهانة بالاختلاف ، بالأحرى بالخلاف، بين واشنطن و”تل أبيب” . الأميركيون يريدون بالطروحات الديبلوماسية ، تكريس الستاتيكو في الشرق الأوسط خلال السنة الانتخابية ، وحيث الرئيس لا يتحول وحده الى بطة عرجاء ، الأمبراطورية أيضاً .
نتنياهو الذي لا يستطيع التوقف هنا، كي لا يكون آخر القتلى “الاسرائيليين” على أرض غزة ، يدرك مدى حاجة جو بايدن الى دعم “اللوبي اليهودي” في صراعه مع دونالد ترامب ، وحيث تتجاوز حدة الصراع اللجوء فقط الى السلاح الأبيض .
هكذا يرفع الصوت ، وهكذا يرفع شروطه ، وان كان الواقع على الأرض يظهر حدة المأزق الذي تواجهه “اسرائيل” ، وبعدما أثبتت الأشهر الخمسة المنصرمة أن الوجود “الاسرائيلي” نفسه بات الهاجس الاستراتيجي لآركان المؤسسة اليهودية .
شئنا أم أبينا ، الأزمة اللبنانية جزء من أزمة المنطقة، التي قال هنري كيسنجر أن حلها
ليس على هذه الأرض. قد يكون في السماء ، لكن السماء مقفلة . الحلقة التي ندور فيها مقفلة أيضاً … والى اشعار آخر !
(سيرياهوم نيوز ١-الديار)