- يحيى دبوق
- السبت 15 آب 2020
واصلت إسرائيل، أمس، تكذيب الادّعاءات الإماراتية في شأن إلغاء خطّة الضمّ بموجب «اتفاق السلام» المُعلَن بين أبو ظبي وتل أبيب. وفيما بدأ بنيامين نتنياهو، سريعاً، استثمار الحدث داخلياً في مواجهة خصومه السياسيين، بدا لافتاً تقليل المُعلّقين الإسرائيليين من أهمية الاتفاق، ووصفهم إيّاه بـ»الإنجاز المتواضع»، وعدّهم تعليقات نتنياهو ودونالد ترامب عليه «تضخيماً إلى حدّ خيالي»
على أن إخراج العلاقات بين إسرائيل ودول «الاعتدال العربي» إلى العلن، وبشكل رسمي عبر اتفاقات وتحالفات، لا يضيف أيّ عامل وازن جديد من شأنه تغيير المعادلات القائمة في وجه المحور المقاوِم للهيمنة الأميركية والإسرائيلية، لكون تلك العلاقات قائمة بالفعل، وجلّ ما حدث هو إشهارها. وكما ورد في صحيفة «هآرتس» أمس، فإن التطبيع مع الإمارات إنجاز لا يمكن المجادلة في شأنه، لكن اللافت في سياقاته هو تضخيمه إلى حدّ خيالي من قِبَل نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب. ورأت الصحيفة أن «المؤكد أن إقامة علاقات رسمية مع إمارة خليجية تسعد الإسرائيليين، لكنها إنجاز متواضع»، معتبرة أن «توصيف الاتفاق مع الإمارات على أنه اتفاق استراتيجي يشبه في وزنه وتأثيره الاتفاق مع الجانب المصري عام 1979، هو مبالغة، وجلّ ما حدث هو قرار شجاع بإخراج العلاقات إلى العلن»، علماً بأنها كانت شبه معلنة. وأضافت «هآرتس» أن «لا شيء استراتيجياً في ما حدث، وإن وردت الكلمة على لسان نتنياهو، وشدّد عليها».
«هآرتس»: لا شيء استراتيجياً في ما حدث، وإن ورد التوصيف على لسان نتنياهو
تعليق الصحيفة لا يلغي، بطبيعة الحال، الفائدة الاستراتيجية لإسرائيل من الاتفاق مع الإمارات على مختلف الصعد، الأمنية والسياسية والاقتصادية، وكذلك المساهمة الإماراتية في تضييع القضية الفلسطينية وتهميشها، لكن تركيز «هآرتس» على تبعات الاتفاق على الداخل الإسرائيلي، وهو عيّنة من التعليقات العبرية، يؤكّد من جديد أن الاتفاق مع الجانب العربي بات في الوعي الإسرائيلي «تحصيل حاصل»، ولعلّ أهم ما فيه أنه يدفع إلى البحث أولاً في تأثيراته على الخصومة السياسية في إسرائيل، قبل أيّ تأثير آخر. في هذا السياق تحديداً، وفي إطار استثماره الحدث في مواجهة خصومه السياسيين، يأتي استعجال نتنياهو إتمام ترتيبات ما بعد الاتفاق مع الجانب الإماراتي، إذ طلب من رئيس «مجلس الأمن القومي»، مائير بن شابات، العمل على إنهاء التحضيرات اللازمة بين الجانبين، والتنسيق مع كلّ الجهات المعنية قبل اللقاءات العلنية المنويّ تسريع وتيرتها، بدءاً من اللقاء الأول المفترض أن يتمّ في العاصمة الأميركية واشنطن برعاية ترامب.
تبقى الإشارة إلى أن تل أبيب واصلت، أمس، دحض الإشارات الواردة من الجانب الإماراتي عن إلغاء خطة الضمّ في سياق «الاتفاق التاريخي» مع العدو. وبعد تأكيد نتنياهو بنفسه أنه تمّ تعليق الضم لا إلغاؤه، رَكّز حزب «الليكود» على التزامه العقائدي بضمّ الضفة الغربية إلى الكيان. وقال رئيس مركز الحزب، عضو «الكنيست» حاييم كاتس، إنه «إلى جانب التحدّيات الاقتصادية والأمنية العديدة التي تنتظرنا، فنحن لا نتخلّى عن مبدأ توسيع الاستيطان اليهودي وفرض السيادة الإسرائيلية على جميع أجزاء أرض أجدادنا. وسنعمل على تحقيق هذه الرؤية بهدف إحداث تغييرات فورية في هذا المجال». لكن مع ذلك، لم يفلح حديث تعليق الضم لا إلغائه في تهدئة اليمين المتطرّف في إسرائيل، والذي شنّ حملة عنيفة على نتنياهو، واتّهمه بتفضيل اتفاق سلام مع دولة عربية بعيدة على حساب «أرض الأجداد» في الضفة. ومن المحتمل أن تؤثر هذه الحملة إيجاباً على علاقات نتنياهو مع حزب «أزرق أبيض»، وتدفعه إلى إيجاد تسويات تنهي أو تؤجّل الخلافات معه؛ إذ إن آخر ما يريده رئيس الوزراء الآن انتخابات مبكرة، في ظلّ المزايدة من خصومه في المعسكر الواحد على الصوت اليميني.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)