زهير أندراوس:
نقلاً عن مصادر سياسية واسعة الاطلاع في إسرائيل، قال مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، إنّ مصير الضمّ وحجمه سيُحددان في النهاية بين واشنطن وتل أبيب حسب الضغوط التي ستستخدم من البيت الأبيض وبعد حسم صراع القوى الداخلي في طاقم السلام في الإدارة الأمريكيّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ نتنياهو ألقى قنبلة الضم على النار المشتعلة أصلاً في الشرق الأوسط في ذروة أزمة “كورونا” لاعتبارات شخصية واضحة.
وتابع أنّه لم تحسم الصيغة النهائية لخطة الضم طبقًا لعلاقات القوى بين “الليكود” و”أزرق أبيض” في الحكومة، ويبدو أيضًا أنّه ليس طبقًا للمعارضات التي سيسمعها رؤساء جهاز الأمن، ورئيس الحكومة يستخف بوزن البند الأول، ومن المشكوك فيه إذا كان يعطي أهمية كبيرة جدًا للبند الثاني، رغم أنّه في السابق مال إلى الإصغاء لتحذيرات الضباط الكبار في الجيش وضباط “الشاباك”.
وشدّدّ المحلل، على أنّ وعود الضم تمكنه من طرح مسألة جديدة على جدول الأعمال الوطنيّ، وفي الوقت ذاته تسهل عليه خلق رواية جديدة حول بدء محاكمته على مخالفات الرشوة والتحايل وخيانة الأمانة، مُوضحًا أنّ الادعاءات القديمة التي تقول إنّه “لن يكون هناك شيء” لأنّه لن يتم العثور على أدلة حقيقية ضده، نسيت منذ زمن، ولم تسمع هذه الادعاءات منذ تقديم لائحة الاتهام، وتبين حجم الأدلة التي توجد في أيدي النيابة.
وبدلاً منها جاء، مؤخرًا، ادعاء أيديولوجي متأخر استهدف تعزيز دعم اليمين لخطواته ضد جهاز القضاء، إذْ أنّه في عرض غير مسبوق قام به قبل دخوله القاعة التي بدأت محاكمته في المحكمة المركزية في القدس، عرض نتنياهو الادعاء التالي: تقديمه للمحاكمة هو في الحقيقة مؤامرة من اليسار استهدفت إبعاد رئيس الحكومة من الطريق، الذي أحسن الحفاظ على “أرض إسرائيل”، ولو أنّه وافق على أن يكون “كلبًا مطيعًا”، حسب تعبيره، لكان سيبقى في منصبه، على حدّ تعبيره، وتنضم إلى هذا الادعاء الأيديولوجي الحملة المنظمة ضد المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت.
وقد وصلت الحملة إلى النتائج المنطقية المطلوبة في تغريدات مؤيدي نتنياهو في تويتر، وفي هذه الأثناء، هذا الهجوم الشديد والفعال في الانترنت الذي يتعرض له مندلبليت يخلق رادعًا حتى إزاء احتمال آخر يقلق المقر في شارع بلفور: فتح تحقيق في قضية الأسهم التي حصل عليها نتنياهو من ابن عمه، وهي القضية التي تفرعت عن قضية الغواصات والسفن.
وأردف أنّه ثمة صعوبة أخرى ورئيسة تكمن لنتنياهو في واشنطن: جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب، يقود حسب التقارير الخط الأكثر انضباطًا، الذي يريد تقليص أو تأجيل خطة الضم، ويحافظ كوشنر على خط مفتوح مع رؤساء “ازرق ابيض”.
والمقال الذي نشره سفير دولة الإمارات في واشنطن، أنور العتيبة، في صحيفة “يديعوت احرونوت”، حذر إسرائيل من التداعيات الخطيرة للضم على تسخين علاقاتها مع دول الخليج، وهذا يتفق مع مقاربة كوشنر، الذي يقيم علاقات وثيقة مع دولة الإمارات والسعودية.
وأضاف: حصلت إسرائيل في السابق على دعم الحزبين في واشنطن، وهذه الأفضلية اختفت في السنوات الأخيرة بسبب العلاقات الوثيقة وربما القريبة جدًا بين نتنياهو وترامب، والتي أثارت الغضب في أوساط الديمقراطيين، وفي موضوع الضم لا يمكن أنْ نجد صوتًا ديمقراطيًا واحدًا يؤيد موقف نتنياهو، وفي الوقت الذي تشير فيه الاستطلاعات في الولايات المتحدة حتى الآن إلى فوز بايدن، فإنّ هذا موضوع يجب على نتنياهو أن يأخذه في الحسبان، وعلى أيّ حال، سيكون من الصعب تركيز انتباه ترامب على الضم، مع الأخذ في الحسبان كل ما يحدث الآن في الولايات المتحدة، وتهدد السلطة الفلسطينية دائمًا بقطع العلاقات مع إسرائيل، وربما بإلغاء اتفاقات أوسلو إذا تحقق الضم.
وقال إنّ إطلاق البالونات الحارقة من القطاع تؤكد أنّ اعتبارات “حماس” مزدوجة، أولاً، هي تريد أنْ تُسرِّع بوساطة التهديد بالعنف وتيرة تحويل الأموال للقطاع، التي تم إبطاؤها بسبب التأخير من الممولة قطر، وثانيًا، هذا يبدو تمهيدًا للأرض لاحتمالية اشتعال على خلفية الضم، مُختتمًا أنّه في الوقت الذي تهدد فيه السلطة وحركة فتح إسرائيل، فإنّ “حماس” لا يمكنها أنْ تبقى تمامًا في الخلف، وسيؤثر التصعيد في الضفة الغربية أيضًا على شدة العنف في قطاع غزة، كما قال.
(سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 18/6/2020)