آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » إشعاعات في كتاب ” ومضات من حياة “

إشعاعات في كتاب ” ومضات من حياة “

*عبد اللطيف شعبان

” ومضات من حياة “، عنوان كتاب جديد صدر هذا العام، عن دار الغانم للثقافة، تشُعُّ منه الموهبة والثقافة والمصداقية، لمؤلفته الأديبة ” أمل عبد اللطيف اليونس ” التي تتحدث عن طفولتها في بيت يتحلَّى بهذه الثلاثية المشهود بها من كل من عرف هذا البيت، فهي بنت أبيها وبنت بيئتها، وقد أحبَّت اللغة العربية واعتادت منذ صفوفها المدرسية الأولى أن تحفظ عن ظهر قلب ما يُلقى من الأشعار والأناشيد، وتلقيها مرفوعة الرأس مشدودة القامة أمام والدها وضيوفه، الذين يُغْرِقونها بالتصفيق والتشجيع، وتميَّزت بتفوقها في مادة التعبير حتى ظنَّت ّمعلمتها – وبعض الظن إثم – أن والدها يكتب لها الموضوع. كان أبوها الأديب الكبير البرلماني الشهير ” الدكتور عبد اللطيف اليونس ” محور دنياها ومثلها الأعلى، وسعادتها تنبع من افترار ثغره لها، خاصة عندما تسرع لاستقبال ضيوفه الكثُر، وكم تملؤها الغبطة عندما تراهُ سعيدا بإنصاتها لهم، وبأجوبتها الذكية على أسئلتهم، رغم صغر سنها، وتعليقاتها الظريفة على مواقف تصدُر من أحدهم، وكثيرا ما كان يعمل لتدعيم ثقتها بنفسها، ويتملكها ارتياح كبير عندما كان يُثني على صدقها وأمانتها، ويُذكي إحياء مشاعرها النبيلة، وكم كان يحزنها بعده عنها بسبب سفره الطويل، ولكن سرورها الكبير يتجدد عندما يعود، ويتاح لها مكانا بين الزائرين المهنئين بقدومه. كان يعجبها منظر جدتها أم أبيها عندما تؤدي الصَّلاة، وهي الشخصية المهيبة المهيمنة على كل ما في البيت، وكانت تأنس كثيرا بها، وتردِّد وراءها صلواتها وأدعيتها، وقناعتها كبيرة أن الله استجاب دعوتها، وأكرمها بزوج فاضل النسب، متديِّنا متفوِّقا في العلم والتعليم، وبذرِّية صالحة من ثلاثة بنين وابنة، نالوا جميعهم الشهادات الجامعية، وأحدهم مدرس جامعي، كما حظيت أختها المحامية سمية، التي تحبها كثيرا، بزوجٍ محمودٍ سيَّد الكلمة، علمٌ من أعلام الأدباء، وأنجبت منه ثلاثة بنات وابن طبيب ماهر، وبذلك صحَّ رهان الوالد الفاضل على ابنتيه، الذي أمضى حياته مقتنعا الاكتفاء بهنَّ، غير مبالٍ بأهمية إنجاب الذكر، وعاش تسعة وتسعين عاما مكللا بالسَّعادة معهن، متنعمين بخيره، وذكره العطر يملأ حياتهن بعد وفاته، ممتنِّين بفضله، وكأنه ما زال بينهن، يتذكَّرن عطفه وحنانه، ومشاهد مواكب الزائرين المحتفلين المهنئين أيام نجاحه المتميز في الانتخابات النيابية، لأكثر من مرة، وأكياس وعلب الحلوى وسلال الفاكهة تتناقلها الأكف بمرح وحبور، ووجبات الطعام لمجموعة بعد أخرى، وفي اليوم الثاني يبدأ مهرجان الخيل والفروسية والهوادج المزخرفة والصبايا الحسان ينشدن الأهازيج، والجموع الغفيرة تردد وراءهن بين شدو المزامير وقرع الطبول، ولاحقا تتالي جحافل الشاكرين لتبرعاته الخيرية الكبيرة والكثيرة. وبذلك قد صحَّ قول الشاعر حسن الحسن، بوفاء ابنتيه له: طاب عبد اللطيف أصلا وفرعا في ابنتيـــه، ريحـانتيْ الدـَّلالِ أيضا، لم يفتْ الأديبة أمل، أن تذكر جميل صنع عمها الفاضل الحبيب ” محمود اليونس” ، ورحلتهن ( هي وأختها سمية وابنة عمتهما عائدة) معه إلى دمشق، وكم نزَّههن في المنتزهات والأماكن السياحية، وأهدى كلا منهن ساعة، وأغدقهن بما اشتهين من الطعام والحلوى، ولم تنس الأديبة أمل أن تثني وتترحم على أقرباء ومحبين، وخاصة من عاشت معها طفولتها، وأدركها الموت باكرا، ابنة عمتها الصيدلانية ” عائدة “. ” ومضات من حياة ” كتاب جدير بالقراءة، وأقترح ألا ينحصر تداوله بين من يُهدى لهمْ، وأحبِّذ أن تعمل دار الغانم للثقافة ( الدار التي طبعته )، بالتعاون مع المؤلفة، لنشره وتوزيعه للتداول العام، عملا بالمهام الثلاثة للدار ( طباعة – نشر – توزيع )، ” فالموهبة تتجلى بأبهى حللها واكتمال عطائها، إذا حظيت بالرعاية والاهتمام، لأن اكتشاف الموهبة أمر في غاية الأهمية، وينبغي أن يحظى هذا الاكتشاف بالحث والتشجيع وتوفير الأجواء التي تحتضنه “. يسرني أن تكون قراءتي هذه لكتاب الأديبة السيدة أمل، بمناسبة الذكرى التاسعة ( 28 / 3 / 2022 ) لرحيل والدها، المغفور له، المحسن الكبير والأديب الخطيب الدكتور “عبد اللطيف اليونس”، الذي مدحه مئات الشعراء، مشيرين إلى فضائله ومحامده، ومنهم الشاعر الأستاذ “أنور الجندي “، بقصيدة طويلة عصماء، بعنوان ” سيد الخطباء”، ومن أبياتها: يا سيِّـد الخطبــاء جئتــك مُثقـــلا بهــوى تعشَّــق سيِّـــد الخطبــاء يا سيِّد الخطبـاء جئتــك شاعــرا حـرا، فهـل يضنيـك رجع ندائــي يا سيِّد الخطباء، عفـوك فالهوى صعــب وبعــض دوائـه كالـداء عرفوك في فن الخطـابة مُصقعــا هـزَّ الشعـــور بنبــــرة عـربـــاء عرفـوك في علــم السياسة لامعا متميِّـــزا في حكمــــة ودهـــاء عرفـوك في حقل الصحافة كاتبـا ومحــررا مـن أبــدع الأدبـــاء عرفــوك في أفـق البيــان محلقـا ومجليـــا من أروع الشعـــراء عرفوك في ساح الجهاد مناضـلا قهــر العـــدو بقــــوة بتـــــراء عرفــوك في دنيــاك إنسـانـا بمـا أغدقــت للإنســـان من إعطـــاء عرفوك تحيي الليـل آنـاء الـدجى بعبــــادة وتهجُّــــدٍ ودعـــــاء أحرزت في سبل الحيـاة جميعهـا قـــصب السبــاق برايــة زهـراء رب ارحمْ فضيلة الشيخ الأديب الخطيب الدكتور “عبد الطيف اليونس ” وامنحْ العمر المديد والعيش الرغيد لابنتيه الأديبة أمل والمحامية سمية، مع المزيد من القدرة على العمل باتجاه التمهيد لإنتاج الجديد المفيد.

(سيرياهوم نيوز٦-صفحة الكاتب ٢٩-٣-٢٠٢٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...