آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » إعادة بناء اقتصاد جديد .. مؤسسات حكومية قوية تخضع في أدائها للحوكمة والشفافية وفق رؤية أكثر تفاعلاً مع اقتصادات العالم

إعادة بناء اقتصاد جديد .. مؤسسات حكومية قوية تخضع في أدائها للحوكمة والشفافية وفق رؤية أكثر تفاعلاً مع اقتصادات العالم

تسعى الحكومة إلى إعادة بناء اقتصاد جديد، وفق رؤية أكثر تفاعلاً مع اقتصادات العالم، وبناء مؤسسات حكومية قوية تخضع في أدائها للحوكمة والشفافية، وإلى توفير ظروف مواتية لإحراز تقدم ملموس على هذا الصعيد، يلبي حاجة البلاد للاستقرار والرفاه.
أستاذ العلاقات الدولية في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية الدكتور ذو الفقار عبود بين لـ”الحرية” أن الحكومة في سوريا تتبنى نهج الاقتصاد الحر، حيث تم توقيع اتفاقيات ثنائية ومذكرات تفاهم عربية وأجنبية، عكست مدى جاهزية الدولة لاحتضان الاستثمارات بأشكالها المختلفة.
وأضاف ذو الفقار: من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي في سوريا خلال عامي 2025 و2026، نتيجة خطط الحكومة لإدراج الشركات السورية في الأسواق المالية، وإطلاق عملية إعادة إعمار ابتكارية، تقلص التكاليف في محاولة لإعادة بناء البلاد بأسلوب اقتصادي أكثر استدامة.

ونوه ذو الفقار بأن التقديرات الدولية التي تتحدث عن حاجة سوريا إلى 400 مليار دولار لإعادة الإعمار غير دقيقة، لأن مفهوم إعادة الإعمار بالطرق التقليدية قد تم تجاوزه، وتتطلب سوريا الجديدة منظومة تشريعية متطورة، ونهجاً اقتصادياً يحقق استقراراً مستداماً وتنمية شاملة تتماشى مع المتغيرات التي شهدتها البلاد، والحكومة بصدد تعديل قوانين الاستثمار المعمول بها، وتحويلها إلى أدوات حقيقية لدعم التنمية وجذب المستثمرين، انطلاقاً من حرص الدولة على منح المستثمرين المرونة اللازمة لإدارة مشاريعهم، وحمايتهم من الفوضى التي كانت سائدة سابقاً.

استثمارات ضخمة وإصلاحات في الإدارة الاقتصادية

وحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يتوقّع أن يحتاج تعافي الاقتصاد السوري إلى عشر سنوات نظراً للخسائر الجسيمة، التي لحقت بالناتج المحلي والتي تقدر بنحو 800 مليار دولار، إضافةً إلى ارتفاع نسبة الفقر 90% والفقر المدقع 66%، ما يعني أن أكثر من نصف السكان يعانون من عدم القدرة على تأمين احتياجاتهم الأساسية، فالبلاد بحاجة ماسة إلى زيادة معدلات النمو عبر استثمارات ضخمة وإصلاحات في الإدارة الاقتصادية، وإعادة بناء البنية التحتية الأساسية، مثل التعليم والصحة والطاقة وتشغيل القطاع الإنتاجي، ليتمكن الاقتصاد من توليد فرص العمل وتقليل الاعتماد على المساعدات.

تحرير الاقتصاد للنهوض بسوريا

لذلك فإن التحديات التي يواجهها الاقتصاد السوري على مستوى التعافي هي تحديات كبيرة، وتحرير الاقتصاد هو أنسب الخيارات المطروحة للنهوض بالبلاد، وخاصةً أن التجارب الاقتصادية السابقة خلقت تفاوتات اجتماعية وعدم مساواة وفجوة عميقة بين طبقة ثرية، وطبقة محدودة الدخل تعيش ليومها في أحيان كثيرة، تحولت خلال سنوات الحرب إلى طبقة فقيرة وأغلبها يعاني من الفقر المدقع، ولذلك فإن نجاح الاقتصاد الحر مرهون بوجود نهج يوازن بين الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، ولا سيما أن تصنيف 90% من سكان سوريا فقراء في ظل تحرير الاقتصاد يستدعي وجود شبكات أمان اجتماعي تحميهم من الانزلاق نحو الفقر المدقع، وتضمن حصولهم على خدمات الرعاية الصحية الأساسية، وفرص تعليم متساوية، واعتماد برامج دعم تضمن حصول الفئات الأكثر ضعفاً على الاحتياجات الأساسية، وإغفال هذا الجانب الهام من السياسة الاقتصادية الجديدة سيزيد من حجم معاناة أكثر السكان، ويخلق أزمات اجتماعية خانقة تهدد استقرار المجتمع وتقلل من فرص النمو والتنمية البشرية.

تحديات كبيرة

وأوضح الدكتور ذو الفقار أنه حسب بيانات البنك الدولي انكمش الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السوري بحدود 85% منذ 2011، أما الصادرات فقد انخفضت وفق بيانات التجارة الخارجية السورية للفترة نفسها بنسبة 89%، في حين هبطت الواردات إلى 81%، كما هبطت قيمة الليرة مقابل الدولار الأميركي بمقدار 270 ضعفاً، وهذه تحديات كبيرة أمام السياسات الاقتصادية الحكومية.
ورغم كل ذلك، تمتلك سوريا ثروات طبيعية يمكن استثمارها للتعافي الاقتصادي، مثل احتياطات النفط والغاز ومناجم الفوسفات، والأراضي الزراعية الخصبة التي كانت تغطي احتياجات المنطقة من القمح والقطن، رغم إن استثمار هذه الموارد يواجه تحديات كبيرة، من أخطرها تدمير البنية التحتية الإنتاجية، وندرة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلا أن أولويات الحكومة من المفترض أن تركز على القطاعات الأكثر تأثيراً في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
ومن جانب آخر، تعدّ سوريا من أهم الدول الزراعية في المنطقة نظراً إلى التنوع المناخي ووفرة الأراضي الخصبة، وتساهم الزراعة في 20% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما تساهم بنسبة 40% في تأمين فرص العمل، وتنتج سوريا سنوياً في الظروف الاقتصادية الطبيعية المستقرة نحو 4 ملايين طن من القمح، يليه الزيتون بنحو 700 ألف طن، ما يجعل سوريا من أكبر المنتجين عالمياً، كما تشتهر سوريا بزراعة ونوعية القطن الذي تنتج منه 300 ألف طن في العام.

استراتيجيات لزيادة الإنتاج

ونوه ذو الفقار بوجود استراتيجيات عدة يمكن من خلالها زيادة الإنتاج في سوريا تتمثل في تحسين البيئة الاقتصادية والتشريعية عبر تخفيض الضرائب، وتسهيل الإجراءات، وتوفير الطاقة بأسعار مدروسة، ودعم الصناعات الأساسية مثل الغذائية والنسيجية، كما يتطلب الأمر تعزيز القوة الشرائية المحلية من خلال خلق فرص عمل وزيادة الأجور، وتحفيز الطلب المحلي، بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تبني التقنيات الحديثة في القطاعات الرئيسية مثل الزراعة لتطبيق أساليب الإنتاج الأكثر كفاءة، والتركيز على تطوير البنية التحتية، وإعادة تأهيل المصانع والمزارع لزيادة الإنتاجية.

أما أهم السياسات الاقتصادية والتشريعية المطلوبة لزيادة الإنتاج فمنها:
– تخفيض الضرائب على الإنتاج المحلي، وإعطاء حوافز للمصنعين لدعمهم وتوسيع عملياتهم.
– وتحرير السوق للسماح بتفاعل أكبر بين قوى العرض والطلب وتقليل القيود المفروضة.
– بالإضافة لتبسيط إجراءات الترخيص والتصدير لتشجيع الاستثمار وتسهيل حركة التجارة.
– وضمان توفير الطاقة اللازمة للصناعة بأسعار مدروسة، ودعم الصناعات الغذائية و النسيجية لكونها الأكثر قدرة على قيادة التعافي الاقتصادي.
– ودعم الصناعات المشتقة وتطوير صناعات تعتمد على المنتجات الأساسية، مثل تصنيع منتجات مشتقة من الزيتون (صابون، مستحضرات تجميل) لزيادة القيمة المضافة.
– تشجيع الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية لزيادة إنتاج الكهرباء.
– تطوير البنية التحتية من تحديث المصانع والمزارع، وإنشاء بنية تحتية متينة في قطاع الري والمواصلات.
– وفي قطاع الزراعة يمكن تبني أساليب الزراعة الحديثة مثل الزراعة الذكية، وأنظمة الري الذكي، والزراعة المحمية (في البيوت البلاستيكية) لزيادة الإنتاجية وحماية المحاصيل.
وعلى صعيد تحفيز الطلب المحلي يمكن توفير فرص عمل جديدة من خلال إعادة تأهيل المصانع والمزارع لزيادة فرص العمل، وزيادة الأجور والرواتب بما يتماشى مع تكاليف المعيشة لزيادة الدخل المتاح للإنفاق. وتشجيع الاستهلاك المحلي وإطلاق حملات توعوية لتشجيع المواطنين على شراء المنتجات السورية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات_الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزارة الاقتصاد تبحث مع غرفتي صناعة وتجارة حمص واقع الصناعة وتعزيز بيئة الاستثمار

بحث معاون وزير الاقتصاد والصناعة السوري، باسل عبد الحنان، خلال لقائه أعضاء مجلسي إدارة غرفتي الصناعة والتجارة في حمص، الواقع الصناعي في المحافظة وخطط الوزارة لتطويره. ...