ديب علي حسن
الإنسان أنبل واقدس ما على هذه الأرض لكنه اذا ما خرج من عباءة الإنسانية يكون الوحش الاكثر ضراوة وفتكا وقدرة على الأذى…يصبح المفترس الذي لا يشبعه شيء الا ان يحول الجميع إلى بقايا عظام وحطام ..
ببساطة لانه يعمل عقله في الشرور والاثام …هذا ليس بجديد فقد كان منذ أن وعى الإنسان قدرته على الأذى وربما نجد في قول الشاعر العربي الأحيمر السعدي دلالة واضحة على ذلك إذ يقول :
عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى
وصوَتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ
يــرى اللهُ إنـّي للأنيـــسِ ِلكــــارهٌ
وتبغضهم ْ لــي مقلة ٌ و ضميـرُ
واليوم وقد تنوعت ألوان الأذى والافتراء والافتراس وصارت له مدارس ومذاهب وأساليب واكاديميات …والاعلام احد اخطر هذه الادوات حين يخرج عن الغاية والأهداف التي يجب أن يكون قد وجد لأدائها كعلم ومعرفة وتنوير والبحث عن الحقيقة …
وهو حين يديره من ليس اهلا له وغير كفؤ كما يقول الدكتور صباح ياسين في كتابه القيم (الإعلام..النسق القيمي و هيمنة القوة)يقول ياسين :ان انفلات صناعة الإعلام ووقوعها في اياد غير مرغوب فيها يماثلان تماما تمكن طفل من قيادة دبابة في شارع مزدحم فأهون الخسائر الناتجة عن هذا العمل من دون استخدام أسلحة الدبابة هو وتدمير ما في طريقها من سيارات وحواجز …
افتراس المتلقي ..
واذا كان أحد في هذا العالم عليه أن يرفع الصوت بوجه هذا الجنون الإعلامي وصبيانه وزعرانه وقواده فهم السوريون الذين مازالوا يتعرضون لأسوأ موجات الغزو الإعلامي المنظم والمدبر والموجه المدجج بكل ألوان الكذب وصنوف الأباطيل التي تصل حدا لايمكن لأحد أن يتصوره .
لم يأكلوا لحمنا أحياء مزقوه شلوا وراء آخر وأقاموا حفلات الشواء واداروا حفلات مجونهم وارادوا اقناعنا انهم الإنسانيون الذين لاينامون ليلا نهارا خوفا وحزنا علينا..
لحمنا المر..
الا يقولون ما كل الطيور يؤكل لحمها ثمة طيور لحمها ازرق مر مذاقه لايمكن لأي أن يصطاده ليكون وجبة على مائدة عربدته.. هكذا نحن السوريين مر مذاقنا قاس لحمنا لايمكن لاي مفترس أن يكمل لقمته مهما طال زمن المضغ ..هذه حال الإعلام الذي أراد افتراسنا وعمل على ذلك ومازال يعمل …تتكسر أنيابه وتدمى مخالبه ونحن صامدون ..
لكن كيف يكون الافتراس …هذا ما أجاب عليه ايضا الدكتور صباح ياسين ..إذ أوجز بعضا مما قاله في كتابه السابق الذكر:(يكفي أن نعترف بأنه ليس أمامنا سوى أن نفتح جهاز التلفاز أو أن نتطلع إلى الصفحة الأولى من صحيفتنا لنتسلم منها الأوامر فيما يجب أن نعمله اليوم ..ماذا نأكل ماذا نشرب ومن اي الأسواق علينا أن نقتني حاجياتنا المعيشية ..سيطرة مستبدة من قبل وسائل الإعلام تخلق مناخا يسوده حالة من التسليم والطاعة والاستكانة إلى ما يقدم لنا من اقتناعات دون أن نشغل انفسنا بمحاكمة ما يقدم لنا أو رفضه والتصدي لبضاعته ..لذلك ليس مبالغة القول ان افتراس وسائل الإعلام للمتلقي بوسائل إكراه مقصودة تؤدي إلى انسداد في مجرى الفعل ورد الفعل وهنا تستقر حالة العنف باعتبارها واقعا يصعب مقاومته ومن ثم القبول به والتعامل معه والعنف هو ليس الفعل المادي المباشر وإنما فعل الاندماج والتراضي مع الوقائع اليومية لمشاهد القتل والتدمير….وهذا يقود إلى الصمت والإدمان ..لتسود حالة الارتباك المعرفي والتوافق مع الذات البشرية ..).
أليس هذا ما جرى ويجري..هذه الوجبة من الافتراس تحدث عنها صباح ياسين قبل فورة القضاء الازرق فكيف هي اليوم ..
هل ثمة وحش إعلامي خارجي …بل وحوش تريد افتراسنا دون غيرها …وبالعامية تأكلنا دون ملح.
ولكن هل تساعدها في ذلك وماذا عنا…؟
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة