| عبد القادر العبيد
نشرت «الأخبار» في عددها 4744، تاريخ 5 تشرين الأول 2022، وفي صفحة رأي، مقالاً للدكتورة صفية أنطون سعادة بعنوان «الحزب السوري القومي الاجتماعي – المسيرة وأسئلة التقويم». نحن قد نتفق مع الدكتورة صفية في بعض ما كتبت، ونختلف معها في أمور أخرى مما كتبت. ونؤكد أن «خلاف الرأي لا يفسد في الودّ قضية». ويبقى الاحترام قائماً لكريمات الزعيم، مهما كان خلاف الرأي بيننا.
ما أريد توضيحه هو قولها «أعادت تلك الجماعة [المتلبننة] تموضعها مع القوى الغربية بعد اغتيال سعادة. ووقفت إلى جانب «حلف بغداد» عام 1955…». نحن لن ندخل في جدل مع الدكتورة صفية حول هذا الكلام. وأنقل الآن بعض ما جاء موثقاً لآراء عدد من قيادات الحزب حول موقف الحزب من أميركا ومن «حلف بغداد».
1 – في إفادة عصام المحايري أمام الشرطة العسكرية، والمثبتة في المحضر رقم 48-أحمر – 1 و 2 تاريخ 13 أيار 1955 جاء:
2 – وحول «رسائل هشام الشرابي» يقول مصطفى عبد الساتر في الصفحة 122و123 من كتابه «أيام وقضية»: «خلال إحدى جلسات المجلس الأعلى، وفي معرض مناقشة الشؤون السياسية، أطلع رئيس الحزب – جورج عبدالمسيح – المجلس على أكثر من رسالة مرسلة من هشام شرابي من الولايات المتحدة الأمريكية…
بعد مناقشة مضمون هذه الرسائل تبيّن عدم جدّيتها وعدم جدواها، وأنّ هشاماً تسيطر على استنتاجاته عواطفه الفلسطينية العفوية أكثر من الواقع. فمن هو على اتصال بهم، بدا من المشكوك جدّاً أن يكون لهم الوزن الهام في تقرير السياسة الأمريكية التي كانت على انحيازها إلى «إسرائيل» مفضوحة لا تحتمل أي تبديل أو تراجع. إنها أشدّ مَلَكية في «إسرائيليتها» من «إسرائيل» نفسها. كأن الصهيونية ذات رأسين، الرأس الأعتى في الولايات المتحدة والرأس الثاني في «إسرائيل»».
«وكان عبد المسيح، إلى جانب ذلك، لا يُعطي السياسة الأمريكية وزناً كبيراً، ولا يأمن لها. كان يعتقدها صبيانية، قياساً على السياسة البريطانية»
«كان عبد المسيح من القائلين بتصهين السلطة الأمريكية إلى حدّ لا رجوع عنه في المستقبل المنظور. وقد حدّثنا عن مدى تأثر السياسة الأمريكية بالصهيونية، لا سياسياً فحسب، بل وعلى أساس معتقد مذهبي مستمدّ من عظم تأثير التوراة اليهودية في الشعب الأمريكي أكثر من تأثير الإنجيل المسيحي. وأخبرنا أنه لم يجتمع يوماً بأمريكي، رسمي أو تبشيري، إلّا وكان الأمريكي يضع قضية وجوب التسليم «بالحق الإسرائيلي اليهودي التوراتي في فلسطين!»، أساساً غير قابل لأيّ نقاش. الأمر الذي كان يؤدي إلى قطع كلّ بحث فوراً لتعارُض المعتقد اليهودي مع حقنا القومي الأساسي، مع حقنا في الوجود. وأبدى عبد المسيح اقتناعه بأن ساسة أمريكانية مستعدّون للتضحية بالكثير من مصالح أمريكانية ذاتها، وعلى التساهل مع الشيوعية الدولية على كثير من أطماعها، في سبيل ضمان وتقوية «إسرائيل»، وأنهم على استعداد إلى حدّ الذهاب إلى إقامة تعاون مع الشيوعيين العرب، أكثر بكثير من استعدادهم لإقامة أيّ تعاون معنا لأنهم يصنفوننا في خانة اللاساميين».
3 – وحول موقف الحزب من «حلف بغداد» فقد عبّر عن ذلك بمقالات نشرت في صحيفة «البناء» عام 1955، نذكر منها هذه المقتطفات:
بعنوان محادثات بغداد كتب جورج عبدالمسيح، وتحت اسم مستعار – خضر، مقالاً نشر في «البناء» العدد 263 تاريخ 3 كانون الثاني 1955 قال فيه: «إن تركيا هي الوتد الذي سنُربط إليه بحبال السياسة الغربية. ولو أنّ ساستنا وعوا، لو أن لهم عيوناً ترى وآذاناً تسمع لكانت سورية هي مركز الثقل في الشرق الأدنى والأوسط بدلاً من أن تبقى في هذا الانجرار المتضارب في عاصف أهواء ساستنا. وتغيب في ستائر المباحثات السرية التي هي على جانب عظيم من الأهمية».
كما كتب مقالاً آخر نشر في «البناء» العدد 271 تاريخ 11 كانون الثاني 1955 قال فيه «… لو أن القلق البادي اليوم بدأ منذ زمن، أو لو أنه يترجم إلى عمل مُجدٍ صحيح يجمع ساستنا الرسميين على كلمة لا يتساهل فيها ساسة العراق بحقّ الأمّة جمعاء في أرض أو كرامة ولا يتوارى فيها ساسة الدويلات الأخرى وراء وهم اختلاف الوضع في العراق عن باقي الدويلات السورية بالنسبة إلى تركيا… لو أن القلق يترجم إلى عمل مجدٍ ولو متأخّر لأنقذوا الوضع ولوحّدوا الكلمة ولأصبحت أملاك سورية في كلّ مكان للسوريين فقط…».
وفي مقال آخر نشر في «البناء» العدد 274 تاريخ 14 كانون الثاني 1955، قال فيه: «قبل أن ترتبطوا وتتعاقدوا «اعقدوا» العزم على وضع مخطط واحد بين بغداد ودمشق وعمّان وبيروت ليكون لهذه الأمّة كلمة واحدة تدعمها قوّتها الواحدة الفاعلة فتنقذ ميزان الصداقات، ليس في أن ننجرّ أو نذرّ الرماد في عيون «المؤملين الشرقيين». إن المخرج الوحيد هو أن نجمع على الاتجاه الذي فيه المصلحة العامة فلا تكون مصالح الحكومات الطارئة والجزئية هي المقياس. فمصلحة الأمة السورية ليست مجموع مصالح يراها الساسة لكل كيان».
وفي «البناء» العدد 300 تاريخ 14 شباط 1955 يقول جورج عبدالمسيح: «إذا صح أن الحلف يتضمن هذه البنود فإننا نقول منذ الآن إن التحجير للأوضاع الراهنة الذي أمنته المعاهدة المصرية – البريطانية قد تكرس الآن مداورة في هذه المعاهدة أو الحلف التركي – العراقي الذي يمكن أن يسمى الكبل التركي – العراقي».
وكتب سعيد تقي الدين مقالاً بعنوان: «الدولة المضبوعة» نشر في «البناء» العدد 271 تاريخ 11 كانون الثاني 1955 قال فيه: «… هذه الأمّة- أمّتنا- التي قال فيها مصطفى كمال لفوزي القاوقجي في حديث سنة 1937 إنها أشرف الأمم وأقدرها على القتال، ترتمي اليوم شليلة مشدودة إلى قطار الشرق الذي يسرع نحو أنقرة». وفي مقال آخر كتبه سعيد تقي الدين قال فيه مخاطباً نوري السعيد: «لقد وقّعت صكّ الاستعباد يا نوري..».
وبتاريخ 22 آذار 1955 أصدرت عمدة الإذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً سياسيّاً رفض فيه الحزب مقترحات هشام الشرابي، وهاجم سياسة الولايات المتحدة الأميركية وشجب حلف بغداد… ويمكن للدكتورة صفية أنطون سعادة أن تحصل على نسخة من ذلك البيان السياسي من مكاتب الحزب.
هذا ما أردت بيانه وتوضيحه حول موقف الحزب من الغرب ومن «حلف بغداد».