| مصعب أيوب
الشغف في السينما يسكنه منذ الصغر ويتابع الأفلام مذ كان في الصفوف الابتدائية، ولكن لم يخطر له قط أن يدرس السينما أكاديمياً، بل همّ في دراسة الموسيقا والاقتصاد، ولكن وجد نفسه مشدوداً بطريقة أو بأخرى نحو السينما، وكان أن درسها وتخرج فيها من مصر وقدم 4 أفلام قصيرة منذ التخرج واثنين أثناء الدارسة، ومؤخراً عرض فيلمه القصير «إيجابي» في دار الأوبرا السورية مع مجموعة أفلام كانت قد أطلقتها أكاديمية شيراز للفنون.
«الوطن» في هذه المادة تتوسع معكم أكثر عن فيلم وتجربة المخرج الشاب رامي نضال.
• بداية.. حدثنا عن فيلمك الأخير «إيجابي» وعن الفكرة العامة التي يحملها ومن أين جاءت والرسالة التي تريد إيصالها؟
الفيلم تجري أحداثه في مدينة دمشق التي تحمل من القيود والظروف الصعبة الشيء الكثير، ويتمحور حول زوجين ينتميان إلى بيئة متوسطة مادياً كانت ظروفهما أفضل بكثير من الوقت الذي تجري فيه أحداث الفيلم، ولكن لأسباب خانقة مرت بها البلاد تم انتقالهما بغير إرادتهما من فئة مادية معينة إلى فئة أقل، فهما يعيشان في فضاء لا يشبههما تماماً وهذا بدا واضحاً من خلال المنزل الذي يسكنانه والذي يحتوي قطع أساس نفيسة وديكورات كثيرة ومقسم إلى غرف كبيرة وواسعة وممتلئ بكل ما يدل على الحياة الفارهة، وقد قمت باختيار الديكور بدقة عالية لأنني أعتبر أن الديكور يتكلم في اللغة السينمائية.
الفكرة التي أردت تسليط الضوء عليها هي خبر الإنجاب، ففي مجتمعاتنا يعتبر خبراً مفرحاً وهو في الأحوال الطبيعية كذلك، ولكن هذين الزوجين وبعد أن تقدما بطلب هجرة خارج البلاد منذ وقت طويل وهو ما يفوق طاقتهما المادية وبذلا جهداً كبيراً للحصول عليه، ففي اليوم الذي تأتيهما الموافقة على طلبهما من الجهة التي تقدما إليها يتزامن ذلك مع خبر حمل الزوجة، لترتبك حياتهما وتتبدل أحوالهما بعد علمهما بذلك، وأنا أردت أن أقول من خلال ذلك إن السوريين تغير مفهومهم لكثير من الاعتبارات والحالات الاجتماعية بطريقة عكسية أو سلبية، فما كان مفرحاً في السابق لدى السوريين ليس كذلك اليوم، وقد أردنا أن نقول إن من يعيش هذه الضغوط والقيود في سورية يعلم أن كل ما آلت إليه الظروف في سورية جعلت شاباً ثلاثينياً يتصرف تصرفاً عصبياً وغير واع وأنانياً، فظروف الحياة عرت الشخصيتين وجعلتهما يخرجان كل ما راكمته النفس بداخلها وغضبها.
• أخبرنا أكثر عن كيفية اختيار الممثلين المشاركين وكيف وجدت تفاعلهم مع النص وهل تراهم تميزوا في تجسيد الشخصيات؟
تم ذلك على أساس معرفتي بعملهم منذ زمن وقد كان هناك عدة أسماء مقترحة ولكنني شعرت أن إليانا سعد وجبريل الحسام يشبهان الشخصيتين وتقاربهما العمري، وقد تم ذلك بالتواصل بيني وبينهما وقد اشتغلنا على ورشة عمل للنص، وحاولنا تقريب وجهات النظر حول شخصية سامر من خلال لغة جسده وطريقة كلامه وما إلى ذلك، وقد سبق العمل بروفات طويلة وكل من إليانا وجبريل كتب تاريخ الشخصية بيده ووضعا لها حالات معينة وما إلى ذلك.
وقد نجح الاثنان في الأداء من خلال العفوية وعدم التصنع ونحن تعمدنا طريقة التسجيل أو التوثيق في الفيلم، وقد اتفقنا مع الممثلين أن تكون طريقة الأداء تسجيلية وليس أداءً درامياً ومبالغاً فيه ليظهر الممثل وكأنه معنا وشخص قريب منا.
• هل هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها مع قطاع إنتاجي خاص وما الذي تفضله وكيف ترى تلك التجارب؟
جربت كل أنواع الإنتاج في سورية صراحةً، بداية من الإنتاج الذاتي وهو من خلال فيلم «السابعة والربع مساء» وهو من تأليفي وإخراجي أيضاً بمساعدة عائلتي طبعاً وقد حقق جوائز عدة، وأول تعامل لي مع المؤسسة العامة للسينما كان من خلال فيلم «إنه عالم جميل» والفيلم الأول مع قطاع خاص كان إيجابياً مع أكاديمية شيراز، وبقي الإنتاج الذي يعتمد على التمويل الحاصل من منح مالية لمهرجانات كبرى وهو أعمل عليه في الفترة القادمة.
وبالتأكيد لكل تجربة وشراكة بعض الإيجابيات وبعض السلبيات ولكن أن يقوم أحدنا بفيلم قصير في سورية فذلك إنجاز حقاً وأرجو استمرار ذلك لأن استمرار الفن هو استمرار الحياة والتعبير والوجود والتواصل، ومن المهم جداً وجود جهة تمويلية تهتم بجانب الفيلم القصير.
• ما الذي تحمله معك من مصر وفنها وما تلقيته من تعاليم فيها لتقوله في ما تنتجه؟
أنا درست في المعهد العالي للسينما في مصر أربع سنوات وهو من أقدم المعاهد في الوطن العربي وهو يمتلك إرثاً كبيراً واحتضن أسماء كبيرة وعظيمة جداً.. صلاح أبو سيف ويوسف شاهين وعلي صلاح مرعي وغيرهم، وأنا تعلمت من مصر الانفتاح على سينما أخرى غير السورية أو السينما الأشبه بالباردة التي جاء بها صناعها من أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي، فخلقت لديّ مصر الاتجاه نحو سينما قد تبدو بسيطة ولكن بأسلوب سينمائي وتعقيدي قليلاً.
• ما النوع السينمائي أو الفني الذي تطمح بتقديمه أو عرضه؟
الأفلام التي أتمنى طرحها هي تلك التي تحمل قصة بسيطة ومصنوعة بأسلوبية سينمائية ثقيلة معقدة تناقش مواضيع بسيطة خارجياً ولكن بأسئلة عميقة ودفينة وأنا أفضل ذلك جداً.
• ماذا عن بيت السينما؟ أين هو اليوم؟
بيت السينما هو مشرع خاص وضروري جداً ولكي تهتم بالسينما يجب أن تهتم بجمهور السينما وأنا اعتبره من أهم إنجازات حياتي، وأنا وشريكي المخرج فراس محمد بسبب ظروف العمل والسفر اضطررنا للانقطاع قليلاً ولكن العقد مازال مبرماً مع المؤسسة العامة للسينما وفور عودتنا إلى دمشق سنستأنف نشاطاتنا.
• أين أنت من المسرح اليوم؟
أنا تعرضت لنماذج مسرحية متنوعة من شمال أوروبا إلى جنوب أميركا وشرق آسيا وغيرها، وأظن نفسي محظوظاً بأنني أحضر معظم الأعمال المسرحية التي تعرض في سورية سواء إنتاجات شبابية أو إنتاجات حكومية وإنتاجات قطاع خاص، وجميعنا نأمل لهذا النوع الفني إلا يندثر ويتلاشى، فهو فن جميل وراق جداً وعريق ويرتقي بالمشاهد.
ولكن لم أقم من قبل بإنجاز عمل مسرحي لأنه بعيد عن دراسة السينما التي تلقيتها ويحتاج إلى ترتيبات وأمور فنية مختلفة تماماً عن السينما، ودراستي حول المسرح كانت أدبية إلى حد ما أكثر من كونها تقنية وإخراجية