آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » إيران-إسرائيل.. الحرب سجال وممنوع انكسار اي طرف

إيران-إسرائيل.. الحرب سجال وممنوع انكسار اي طرف

 

 

أحمد رفعت يوسف

 

ما يجري بين إيران والكيان الإسرائيلي، أبعد وأخطر بكثير من الصراع بينهما..

هي محاولة على الساخن، لتغيير كامل منطقة الشرق الأوسط الكبير، وفق رؤية التيار الترامبي، القائمة على التنمية، والمنافسة السياسية والاقتصادية، وإقامة فيدراليات تشمل كل المنطقة، وفق الاتفاق الابراهيمي، كبديل عن مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي جاء به اليمين الأمريكي المحافظ، القائم على العسكرة والهيمنة، وتقسيم المنطقة على أسس عرقية وطائفية، والذي سقط مع سقوط اليمين المحافظ، ومهد لمجيء الترامبية.

هذه الرؤية (الترامبية) فيها عودة لأفكار الآباء الأوائل للمشروع الصهيوني، لأنها تتوافق مع فكرة تيودور هرتزل، الذي طرح فكرة كومنولث شرق أوسطي، وجابوتنسكي، الذي نادى بفكرة الكونفدرالية لمنطقة الشرق الأوسط، وهو ما طرحه مؤسس إسرائيل بن غوريون، ثم شمعون بيريز، في كتابه “الشرق الأوسط الجديد” واليوم يعاد طرح هذا المشروع، بنسخته الجديدة، وفق الاتفاق الإبراهيمي، الذي ينتظر الانطلاقة، بعد هذه الجولة من الحرب.

مشروع الشرق الأوسط الجديد (الترامبي) لم يأت من فراغ وإنما كان نتاج التطورات الكبيرة، التي شهدتها المنطقة والعالم، حلال العقود الثلاثة الماضية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي مروراً بالربيع العربي وصولاً إلى طوفان الأقصى والتغيير الدراماتيكي في سورية والمواجهة الإيرانية الإسرائيلية والتي أفرزت تغيرات عميقة، في الخريطة الجيوسياسية العالمية أهمها:

صعود اليمين الأمريكي المحافظ وأفكاره النيوليبرالية وعقيدته القائمة على الخيار العسكري والغزو والهيمنة والسقوط السريع لهذا التيار والذي انتهى مع الانسحاب الأمريكي المذل من أفغانستان.

الصعود الصيني الكبير، الذي أصبح يهدد بشكل جدي، موقف ومكانة الولايات المتحدة في العالم، وكان أحد أسبابه، انغماس أمريكا في الحروب، وتخصيص ميزانيات هائلة لتمويلها، فيما انصرفت الصين، لصرف الأموال على التنمية.

صعود دول وقوى وتحالفات عديدة مثل عودة روسيا كقوة عظمى وإيران ومشروعها في المنطقة وتركيا ومشروعها العثمانية الجديدة ومنظومتي البريكس وشانغهاي.

تراجع الأهمية الجيوسياسية لأوروبا، بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها والحرب الأوكرانية، واعتبار كونفدرالية الشرق الأوسط بديلاً عنها.

هذه التطورات، تعتبر المحرك الحقيقي، لكل ما يجري اليوم، وطرح مشروع الشرق الأوسط الجديد، بنسخته الجديدة والذي يؤمن الهيمنة الأمريكية على منطقة غرب آسيا وقلبها سورية (بلاد الشام) التي تعتبر المؤشر على هبوط وصعود الامبراطوريات والدول العظمى عير التاريخ والسيطرة على مصادر الطاقة فيها، والهدف محاصرة الصين، وحرمانها من مصادر الطاقة، التي تحصل عليها من إيران، ووقف مشروعها “الحزام والطريق” والعودة لمحاصرة روسيا، بحرمانها من شريان الحياة، وخاصة توريدات الغاز إلى أوروبا، بعد العودة إلى مشروع خط الغاز القطري، عبر سورية، ووضع حد للمشاريع والأحلام الإيرانية والتركية، وهذا يتطلب إسقاط الإسلام السياسي، بشقيه السني والشيعي، ومؤيدي خيار الحروب، وهذا يشمل، إيران، وتركيا الأردوغانية، وحكومة نتنياهو.

الإعلام الإسرائيلي والموالي لها، لا يقول الحقيقة، حول خسائر إسرائيل، وتأثيرات الحرب عليها، لكن يمكن القول، إن إسرائيل حققت مكاسب ميدانية مهمة، في الضربات الأولى، لكن إيران، تمكنت من الخروج من الصدمة سريعاً، وبدأت بتوجيه ضربات موجعة لكيان الاحتلال، وأصبحت الحرب اليوم سجال بينهما، ووصلت إلى سقفها الممكن، لكن استمرارها، سيكون لصالح إيران، لعدة أسباب:

محدودية الجغرافيا الإسرائيلية، فيما الجغرافيا الإيرانية واسعة، وهذا ينسحب على توزع المواقع الاستراتيجية، من نووية، ومحطات الكهرباء، والنفط، والاتصالات، والمطارات.

عدم قدرة إسرائيل، على تحمل صراع طويل، خاصة وأنها أصبحت مضعضعة من الداخل، بسبب تداعيات طوفان الأقصى، والتي أدت إلى ازدياد الهجرة، وتوقف مجيء المستوطنين، وهروب رؤوس الأموال والاستثمارات.

** إسرائيل وصلت إلى الأماكن التي تستطيع الوصول إليها، لكن الأماكن الأساسية والحساسة، في البرنامجين النووي والصاروخي الإيراني، موجودة في أماكن محصنة، لا تستطيع الوصول إليها، بدون مشاركة أمريكية، فيما تستطيع الصواريخ الإيرانية، الوصول إلى كل الأماكن الإسرائيلية.

التطور الخطير اليوم، يكون بظهور مؤشرات لانكسار أحد الطرفين، لان ورا كل طرف، منظومه تعتبر نفسها انها مستهدفة، فانكسار إسرائيل، يعني نهاية الإمبراطورية الأمريكية، وانكسار إيران، يعني إدراك عدة دول، بأنها ستكون مستهدفة بعدها، وفي مقدمتها الصين، وروسيا، والباكستان، وتركيا، وغير بعيدة عنها السعودية ومصر، وبالتالي لن تتوانى كل منظومة، بالتدخل لمنع سقوط خط الدفاع الأول عنها.

 

بعكس ما يتوقع البعض، فإن استمرار القتال سجال بين الطرفين، لا يزعج ترامب وتياره، خاصة وأن الطرفين، يدخلان ضمن إطار الجهات المطلوب إسقاطها، لإبعادها عن طريق مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهو ما عبر عنه ترامب بكل وضوح، بقوله “دعهم يتقاتلون قليلاً”.

ولهذا، من المستبعد أن تتمكن حكومة نتنياهو، من جر الولايات المتحدة إلى دخول الحرب، وهو ما ظهر خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي الأخير، كما يقف في هذا التيار، مراكز قوى أمريكية مؤثرة، وعلى رأس هؤلاء، إيلون ماسك، وأعضاء بارزين في الكونغرس الأمريكي، الذين يعملون على إصدار مشروع قرار، يمنع الولايات المتحدة من دخول الحرب.

كما أن جميع القوى الإقليمية والدولية الفاعلة، تدرك خطورة الوضع، وتحرص على عدم الانجرار إلى توسيع القتال، والوقوف على شفا حرب عالمية مدمرة.

هذا الوضع، قد يجعل الحرب تستمر لفترة من الوقت، بدون أن يُسمح بانكسار طرف بشكل واضح، لتتدخل بعدها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الفاعلة لوقفها، تحت أي بند، ثم الانتقال بعدها، إلى “محاولة” استخدام الأساليب الناعمة لاستكمال المهمة بإزاحة أنظمة الإسلام السياسي (إيران وتركيا الأردوغانية) وحكومة نتنياهو، بوصفها حكومة حرب، من أمام مشروع الشرق الأوسط الجديد.

أما استكمال رسم الخريطة الجيوسياسية، للتوازنات الإقليمية والدولية الجديدة، فستبقى مرهونة بالصراع الأمريكي الصيني، فإما أن يصلا إلى مرحلة الصدام، وهذا مستبعد، أو التوافق على تقاسم المكاسب، والدخول في العالم متعدد الأقطاب.

(اخبار سوريا الوطن ١-حوارية الصحفيين)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أسئلة مع جراح السويداء والوطن

    أحمد رفعت يوسف   مع كل مرة تدخل فيها سورية في منعطف خطير، أحاول أن اتروى في الكتابة، حتى لا أكتب وأنا تحت ...