الدكتور خيام الزعبي
فعلتها إيران، وضربت كل أنحاء الكيان الصهيوني، في أول رد لها على الاستهدافات الاسرائيلية المكثفة التي طالت الضاحية الجنوبية للبنان ومواقع حزب الله، فارضة بذلك معادلة عنوانها “من يعتدي على المقاومة سنحرقه ونجعل منه عبرة للعالم”.
من الواضح أن إيران حسمت الموقف واتخذت قرارها في مواصلة استهدافها المنشآت العسكرية الإسرائيليّة، وبعثت برسائل ساخنة وخطيرة ربما تكون التحذير الأخير للكيان الصهيوني، مشددة على قدرتها على التحدي وكسب الرهانات الصعبة، وتجاوز الصعاب، فالمؤشرات كلها تعكس عدم تحقيق إسرائيل لأهدافها العسكرية في لبنان والمنطقة.
اليوم إيران تبدأ انتقامها بين حدي رفض القبول بأي إعتداء عليها وعلى المقاومة رافضة بذلك تكريس معادلة تقول أن الضربات الإسرائيلية يمكن أن تمرّ مرور الكرام دون ردّ، هذا مما دفع الإسرائيليين إلى العيش في حالة خوف ورعب وتوترٍ، كونهم يخشون من أن تؤدّي هذه العملية إلى حرب شاملة ومفتوحة تندلع مع حزب الله وسورية والمقاومة العراقية واليمنية وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية.
ولهذا فإن القوّة الصاروخية التي يمتلكها الجيش الإيراني والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراتها الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع طهران، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع إيران سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل.
وإنطلاقاً من كل ذلك، إن الرّد الايراني لم يُفاجئنا نحن الذين كتبنا في هذا السياق، لذلك نحن أمام انقلاب خطير في قواعد الاشتباك في المنطقة، عنوانه الأبرز انتقال الإيرانيين من ضبط النفس إلى الرّد الفوري على الاعتداءات الإسرائيلية، ومن هنا فإن تل أبيب لم تَعد آمنة فقط، وإنما الموانئ والمطارات ومحطات الكهرباء في العمق الإسرائيلي أيضاً في المرحلة القادمة، ويتحمل نتنياهو المسؤولية الأكبر عن حالة التصعيد وسيدفع الإسرائيليون جميعاً ثمن هذا الاستفزاز من أمنهم واستقرارهم وراحتهم.
وفي السياق، ترشح المعطيات أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مثيرة بين إيران والكيان الصهيوني، التي يبدو أنها دخلت مساراً جديداً بعد تصريحات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عن أن طهران أعدت مخططاً دقيقا لشن هجوم عسكري محتمل على الكيان الصهيوني. في خطوة من شأنها إعادة ترتيب الأوراق من جديد في المنطقة.
في اعتقادي أن نقطة ضعف نتنياهو أنه لن يحتمل التعرض إلى أية خسائر مع ايران، فلديه معارضة قوية تترصده، وشعب غير موافق على مغامراته اللامسئولة، ووضع اقتصادي متأزم، وهناك توتر سياسي بين نتنياهو ووزرائه وأي تصادم مع قوى إقليمية (محور المقاومة) سيجعله في موقف محرج، فالخسائر ستكون كبيرة بالنسبة لتل أبيب.
وأختم بالقول، إن العملية التي نفذتها إيران أكدت على مصداقيتها وقدرتها في رد الصاع صاعين لإسرائيل، وعلى أهمية الثقة بالنفس وإمتلاك الإرادة والشجاعة لقوى المقاومة في التعامل مع العدو ووجوده الغاصب على أرض فلسطين وأي بقعة في الأراضي العربية، فالعملية رد طبيعي على جرائم الاحتلال، لذلك لا بد من تشكيل جبهة مقاومة وغرفة عمليات موحدة لوضع إستراتيجية جديدة للمقاومة في الأراضي الفلسطينية، واللبنانية، والعربية المحتلة لمواجهة العدو الصهيوني.
وأخيراً إننا في انتظار الحدث الكبير…والترقب سيد الموقف…..
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم