محمد خواجوئي
طهران | يتصدّر فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بالانتخابات الرئاسية الأميركية، أخيراً، المشهد السياسي داخل إيران، على الرغم من أنّ المواقف الأولية الصادرة عن طهران، في أعقاب فوزه، أوحت بنوع من «اللامبالاة»، في أوساط صنّاع السياسة الإيرانيين، إزاء نتائج الانتخابات. وصدرت، في الأيام الماضية، جملة مواقف إيرانية تمحورت، بشكل خاص، حول «احترام حق الشعب الأميركي في الانتخاب»، و«ترقب» تصرفات ترامب في الفترة القادمة. وعلى الرغم من أنّ المسؤولين الإيرانيين لا يجهلون ترامب، الذي فرض خلال ولايته الرئاسية الأولى أقسى العقوبات على إيران، إلا أنّ هؤلاء يريدون تجنب إطلاق الأحكام المسبقة والسلبية على الرئيس المنتخب، بهدف الإبقاء على نافذة للديبلوماسية، وتفادي التصعيد، ولا سيما أنّ سلوكيات الشخص الذي سيتعاملون معه في المرحلة المقبلة، تبقى غير قابلة للتنبؤ.
وبعدما كان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد أكد، قبل يوم واحد من الانتخابات الأميركية، «أننا لا نولي قيمة تُذكر للانتخابات ومن سيفوز بها»، فقد عاد وقال، السبت، في أول تعليق له على فوز ترامب، إنّ «الشعب الأميركي اتخذ قراره»، لافتاً إلى أنّ إيران تحترم «حقه في انتخاب الرئيس الذي يريده». وأردف عراقجي أنّ «إيران ليست بصدد اقتناء السلاح النووي»، وأنّ تلك السياسة مبنية على «التعاليم الإسلامية والحسابات الأمنية» لإيران، في تصريحات تهدف، على الأغلب، إلى توجيه رسالة إلى ترامب، الذي يهدد بأنّه «لن يسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي». كما شدد المسؤول الإيراني على «الحاجة إلى بناء ثقة متبادلة»، وهو مسار يتطلب تعاوناً من الطرفين. من جهته، رأى المساعد الاستراتيجي لرئيس الجمهورية، محمد جواد ظريف، أن «ترامب رجل حسابات، ويجب أن يستخدم العدّاد ليحسب الأرباح من خلف سياسة الضغوط القصوى وخسائرها، ومعرفة ما إذا كان يريد مواصلتها أو استبدالها بسياسة أخرى». وأضاف ظريف أن نتيجة تلك السياسة التي طبعت ولاية ترامب الأولى «أوصلت تخصيب اليورانيوم في إيران إلى نسبة 60 في المئة»، نتيجة لانسحاب أميركا من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات على إيران، ما دفع بالأخيرة، بدورها، إلى وضع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، جانباً. كما قال مستشار المرشد الأعلى، والرئيس السابق للبرلمان الإيراني، علي لاريجاني، إنه يجب الانتظار قليلاً، لمعرفة الشكل الذي ستتخذه ولاية ترامب.
قد يرفع فتح واشنطن تحقيقاً في «محاولة اغتيال ترامب» من مستوى المواجهة مع طهران
وتأتي تصريحات المسؤولين الايرانيين في وقت تفيد فيه جميع المؤشرات بأن فريق الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة براين هوك، يبحث آليات لتكثيف الضغوط على إيران في المجال الاقتصادي، و«إطلاق يد إسرائيل في مواجهتها». وفي السياق، قال أربعة من مسؤولي إدارة ترامب السابقة والمقربين من حملته الانتخابية الأخيرة، في حديث إلى صحيفة «بوليتيكو»، إنّ «سياسات الرئيس المنتخب ستكون متطابقة مع الوضع الراهن في الشرق الأوسط، كما سيقوم بإحياء سياسة الضغوط القصوى ضد إيران». وأضاف هؤلاء أن فريق انتقال السلطة إلى الإدارة الجديدة، وجنباً إلى جنب تعزيز الدعم لإسرائيل، يدرس خططاً لإطلاق جولة جديدة من العقوبات الاقتصادية القاسية ضد إيران، والعمل على إيقاف صادرات النفط الإيرانية، بما يهدف إلى عزل طهران، والاحتفاظ بالتهديد العسكري كأداة ردع.
إلى ذلك، فإنّ فتح وزارة العدل الأميركية تحقيقاً، على خلفية اتهامات لطهران بالضلوع في «محاولة اغتيال دونالد ترامب» قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، يمكن أن يرفع من مستوى المواجهة بين الطرفين. وكانت وزارة العدل الأميركية قد نشرت، يوم الجمعة الماضي، أي قبل يومين من إعلان نبأ فوز ترامب بالرئاسة، لائحة اتهام ضد شخص يُدعى فرهاد شاكري (أفغاني الجنسية)، زاعمةً أنّه تم تكليفه من «الحرس الثوري الإيراني»، في أيلول الماضي، بوضع خطة لقتل ترامب. وهي مزاعم رفضها المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، معتبراً أنه «لا أساس لها من الصحة»، ولا تعدو كونها مجرد «مؤامرة مقرفة من تدبير المحافل الصهيونية والمناهضة لإيران، لتعقيد الوضع بين واشنطن وطهران».
وتعقيباً على ما تقدم، نشرت صحيفة «إيران» الحكومية، أمس، تقريراً في هذا الصدد، اعتبرت فيه أنّ «اتهام إيران بتنفيذ عمليات سيبرانية ضد مؤسسات وسلطات الولايات المتحدة، وصولاً إلى الحديث عن التخطيط لقتل ترامب، تؤشر إلى وجود مشروع أميركي لاتخاذ إجراءات دولية ضد بلادنا». من جهتها، اعتبرت صحيفة «جوان» المقربة من «الحرس الثوري» أنّ تجربة إدارة ترامب الأولى أثبتت أنّ حملة الضغوط القصوى ضد إيران فشلت، وأن مواصلة هذا المسار لن يسهم في عدم تسوية الخلافات بين الطرفين فحسب، بل إن إيران وعلى خلفية تضييق خناق العقوبات عليها، «قد تراجع هذه المرة عقيدتها النووية»؛ وهي مسألة كان قد أشار إليها، مراراً، كبار المسؤولين الإيرانيين، خلال الأشهر الأخيرة، محذّرين من أنّه نظراً إلى التصعيد المستمر في الشرق الأوسط، يمكن للموقف العدائي لإدارة ترامب أن يزيد من «حدّة هذا الاتجاه».
سيرياهوم نيوز١_الاخبار