آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » إيران تتصدّر اهتمامات ترامب: تفعيل «الضغوط القصوى» خطـوة أولى

إيران تتصدّر اهتمامات ترامب: تفعيل «الضغوط القصوى» خطـوة أولى

 

محمد خواجوئي

 

بعد أدائه اليمين الدستورية، في الـ20 من الجاري، أصبح السؤال في إيران أكثر إلحاحاً حول ما ستكون عليه سياسة دونالد ترامب تجاهها. وتشير التقديرات إلى أن الرئيس الأميركي سيعيد تفعيل سياسة الضغوط القصوى ضدّ الجمهورية الإسلامية، للتضييق عليها اقتصادياً وخفض إيراداتها النفطية، ومن ثم دفعها إلى الاستجابة للمطالب الأميركية في المجالَين النووي والإقليمي. وفيما يَظهر إيلاء البيت الأبيض اهتماماً واضحاً للملف الإيراني، نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية عن مصادر، قولها إن ترامب سيكلّف مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بملفّ إيران، حيث «قد يقود جهوداً في شأن برنامج إيران النووي، كجزء من مهمّة أوسع لوقف الحروب في المنطقة».

 

وكان ترامب اعتمد سياسة الضغوط القصوى في ولايته الرئاسية الأولى، بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018، معيداً فرض العقوبات على طهران. غير أن تلك السياسة، إلى جانب إصدار ترامب أمراً باغتيال قائد «فيلق القدس»، اللواء قاسم سليماني، عام 2020، كل ذلك جاء بنتائج عكسية، في ظلّ إصرار الجمهورية الإسلامية على المضيّ في تطوير برنامجها النووي، واستمرارها في دعم مجموعات المقاومة. ومع ذلك، يبدو أن الرئيس الأميركي سيمضي في تطبيق سياسته ذاتها في ولايته الثانية، إذ يعتقد بأنه كان من شأن استمرارها بعد انتهاء ولايته الأولى، أن تعطي نتائجها المنشودة. وهو قال في أحدث تصريحاته، إنه لو استمرّ في منصبه، لما كانت إيران لتمتلك المال حتى تدفعه لـ»حماس» و»حزب الله»، وبالتالي لما كانت عملية السابع من أكتوبر لتحدث، في ما يُظهر اعتزامه التحرّك نحو تكثيف الضغوط الاقتصادية على إيران، وأهمّها إرباك مبيعاتها من النفط إلى الصين.

 

لكنّ الغموض الأكبر الذي يلفّ سياسة ترامب تجاه إيران، ما إذا كان يعتزم الذهاب إلى ما هو أبعد من الضغوط الاقتصادية، في اتجاه عمل عسكري ضدّها؛ إذ تسعى إسرائيل وبعض الأوساط المتطرّفة في واشنطن إلى إشاعة أن طهران قد أصيبت بالضعف إثر التطوّرات في غزة ولبنان وسوريا، وأن الوقت مؤاتٍ لتوجيه الضربة النهائية إليها، عبر استهداف منشآتها النووية. وليس واضحاً بعد، ما إذا كان ترامب على استعداد للمضيّ في عمل عسكري، وإنْ كان محدوداً، ضدّ إيران، أم أنه يفضّل استبعاد هكذا خيار، على الأقل في مستهلّ رئاسته، نظراً إلى تداعياته والشكوك المحيطة بنتائجه المتوخّاة. وعليه، ما يبدو أكثر ترجيحاً، هو أن يتحرّك الرئيس الأميركي، أولاً، في اتجاه تكثيف الضغوط الاقتصادية على الجمهورية الإسلامية، في موازاة دعوتها إلى تقييد برنامجها النووي وتغيير سياساتها الإقليمية، ومن ثمّ الضغط عليها للاستجابة لهذه المطالب، وربّما إطلاق التهديدات ضدّ مسؤوليها. كما ثمّة تقديرات بأن ترامب مستعجل في هذا الخصوص، ولن يمنح السلطات الإيرانية فرصة كبيرة للمناورة وشراء الوقت.

 

في المقابل، يدور جدل في إيران حول التوجّه الذي ينبغي أن تعتمده الأخيرة تجاه ترامب؛ إذ يتحدّث البعض بنبرة متفائلة حيال إمكانية الاتفاق مع الإدارة الجديدة، ويقترحون بناءً على ذلك، أن تتّجه طهران نحو إجراء محادثات مع الولايات المتحدة. وفي المقابل، ثمّة مَن ينظر بتشاؤم إزاء احتمال التوصّل إلى اتفاق مع أميركا يكفل المصالح الإيرانية، نظراً إلى «انتهازية» ترامب، وكونه ليس ممَّن يؤمنون بـ»التعاطي والانخراط» مع الآخرين. ودعا حسن بهشتي بور، المختصّ في الشؤون الدولية والداعم لإدارة مسعود بزشكيان، في حديث إلى موقع صحيفة «اطلاعات»، إلى إجراء محادثات مباشرة مع ترامب، معتبراً أنه في مقدور إيران خوض هذه المحادثات «من منطلق القوّة». وقال: «الجمهورية الإسلامية تتمتّع الآن بإمكانات هائلة وموقع مميّز. فقد ازدادت القدرات النووية الإيرانية عن الفترة التي انسحب فيها ترامب من الاتفاق النووي. كما أن ثمّة رئيساً (مسعود بزشكيان) للبلاد تدعمه الأغلبية الساحقة من نظام الحكم والمجتمع. وفي الحقيقة، فقد ازداد الدعم للحكومة في هذه الحقبة أكثر من الماضي. كما أن ترامب لم يحصل على النتيجة التي كان يتوخّاها من خلال ممارسته الضغوط القصوى على إيران في ولايته الرئاسية الأولى؛ أي إن ترامب كان يريد لإيران إمّا أن تستسلم أو أن تنهار من الداخل، لكنّ أياً من الأمرين لم يتحقَّق».

 

من جانبها، تطرّقت صحيفة «كيهان» الأصولية إلى الأوامر التنفيذية التي وقّعها الرئيس الأميركي في اليوم الأول لرئاسته، إذ رأت أنه «على العكس من مزاعم المنبهرين بالغرب ممَّن عقدوا الآمال على المحادثات معه، فإنه لم يتغيّر وليس ممَّن يؤمنون بالتعامل مع الآخرين، بل هو شخص مبتزّ لا يلتزم بأيّ اتفاق، وهو بصدد ابتزاز حتى أقرب حلفائه!».

 

وعلى أي حال، يبدو أن كبار المسؤولين الإيرانيين ينتظرون اتضاح معالم سياسة ترامب تجاه إيران، حتى يحدّدوا سياستهم، وإن كانوا بدأوا بإرسال بعض المؤشرات، إذ زار المساعد الاستراتيجي لرئيس الجمهورية، محمد جواد ظريف، سويسرا للمشاركة في منتدى دافوس الاقتصادي، علماً أن وزير الخارجية كان يشارك في هذا المنتدى خلال الأعوام الأخيرة؛ ويرى مراقبون أن مشاركة ظريف، ونظراً إلى خلفيته المتعلقة بمحادثات الاتفاق النووي، تؤشّر إلى محاولات إيران الإبقاء على نافذة الدبلوماسية مفتوحة، بالتزامن مع عودة ترامب إلى السلطة. ويأتي ذلك بينما كانت طهران والعواصم الأوروبية قد أجرت، خلال الأسابيع الأخيرة، جولتين من المحادثات في جنيف، تصدّر الموضوع النووي والقضايا الإقليمية جدول أعمالها.

 

وأعرب ظريف، في كلمته أمام «المنتدى الاقتصادي العالمي»، عن أمله في أن يختار الرئيس الأميركي «العقلانية» في التعامل مع الجمهورية الإسلامية، مؤكداً أن بلاده لم تسع يوماً إلى امتلاك أسلحة نووية. كما أعرب عن أمله في أن يكون ترامب «أكثر جدّية وأكثر تركيزاً وواقعية» خلال ولايته الثانية. وتعليقاً على انسحابه من الاتفاق النووي، قال ظريف إن إيران اكتسبت قدرات نووية أكبر منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق. وكان ظريف أوضح، في مقالة سابقة نُشرت في مجلة «فورين أفيرز» الأميركية، أن الرئيس الإيراني تبنّى سياسة خارجية مرنة تعطي الأولوية للانخراط في الجهود الدبلوماسية، والحوار البنّاء، بدلاً من الاعتماد على «نماذج عفا عليها الزمن». لكنه أكّد أن إيران لن ترضخ للمطالب غير المنطقية، وستقف دائماً في وجه أيّ عدوان إسرائيلي.

 

 

 

 

 

أخبار سورية الوطن١ الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إردوغان – ترامب: ارتياح لا يبدّده الغموض

  محمد نور الدين     يبدو الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مرتاحاً إلى وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؛ ذلك أن علاقتهما كانت مقبولة ...