آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » إيران – تركيا: تحدّي إدارة «الشرخ السوري»

إيران – تركيا: تحدّي إدارة «الشرخ السوري»

 

محمد خواجوئي

 

 

طهران | يثير سقوط النظام السوري السابق، باعتباره حليفاً رئيسيّاً لإيران، على يد مجموعات مسلّحة مدعومة من تركيا، تساؤلات كثيرة حول مستقبل العلاقات بين طهران وأنقرة. فخلال الأيام الماضية، تبادل المسؤولون الإيرانيون والأتراك الانتقادات، من دون أن يأتي أحدهم مباشرةً على ذكر الآخر. وعلى رأس هؤلاء، المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي الخامنئي، الذي حمّل، في أول كلمة له بعد سقوط الأسد، قبل نحو أسبوعين، الولايات المتحدة وإسرائيل المسؤولية الرئيسيّة عمّا جرى في سوريا. ومن دون أن يأتي على ذكر تركيا، انتقد الخامنئي «دورها السافر» في إطاحة النظام السوري. حتى إن هذه الانتقادات غير المباشرة لتركيا، نُشرت أيضاً في منشور باللغة التركية عبر حسابات الخامنئي في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جاء فيها: «إن حكومة مجاورة لسوريا اضطلعت بدورٍ سافر في التطوّرات السورية، وهي تفعل الشيء ذاته في الوقت الحاضر. بيد أن مراكز التآمر وغرفة القيادة الرئيسيّة تقع في أميركا والكيان الصهيوني. لدينا أدلّة لا تدع مجالاً للشكّ في هذا الخصوص»، في ما يُظهر التذمّر الإيراني الواضح إزاء السياسة الخارجية التركية.

 

يبدو أن التطوّرات الأخيرة في سوريا أحدثت هزّة عنيفة

في توازن العلاقات التركية – الإيرانية

 

 

 

وعلى الجانب الآخر، ومن دون أن يشير مباشرةً إلى تصريحات الخامنئي حول نهضة «الشباب السوريّ الغيور»، قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أول من أمس، إن حلفاء بشار الأسد «حزينون» على فقدانه، وهم بصدد «الثأر». وأضاف: «بعض حلفاء نظام بشار الأسد هم في حداد منذ ثلاثة أسابيع على فقدانه، ويريدون الآن صبّ جام غضبهم على رؤوس الشعب السوري المظلوم». ويُظهر تبادل المسؤولين الإيرانيين والأتراك الهجمات الكلامية صدعاً جديداً في العلاقات بين البلدين، غير أن إحجام كل طرف، إلى الآن، عن ذكر الآخر بصورة مباشرة، يُعدّ مؤشراً إلى سعيهما إلى إدارة الخلافات بينهما. وهكذا تحديداً، استطاعت طهران وأنقرة، على مدى العقدَين الأخيرَين، زيادة تعاونهما، على رغم الخلافات والتنافس الدائر بينهما، وبالتالي الإبقاء على علاقتهما في وضعية متعادلة.

تجدر الإشارة إلى أن تصريحات المرشد، قبل أسبوعين، تزامنت مع وجود وزير التجارة التركي، عمر بولات، في طهران للمشاركة في الدورة الـ 29 للجنة الاقتصادية المشتركة الإيرانية – التركية. وخلال زيارته، التقى بولات، الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وناقشا «موضوعات، من مثل رفع حجم التجارة بين البلدين إلى 30 مليار دولار، وتطوير مراكز التجارة الحدودية وتدشين ممرّات حدودية جديدة»، بحسب الوزير.

ومع ذلك، يبدو أن التطوّرات الأخيرة في سوريا، أحدثت هزّة عنيفة في توازن العلاقات بين البلدين؛ إذ ترى إيران أن دعم تركيا إسقاط الأسد، هو بمنزلة «هجوم يستهدف سياستها (طهران) الإقليمية». غير أن التصريحات الجديدة للمرشد الأعلى تُظهر أن بلاده لا تَعتبر الوضع الجديد في سوريا نهائيّاً، بل تراهن على الحالة المتغيّرة والمتقلّبة فيها. ووصف الخامنئي، في كلمته الأخيرة، الحكام الجدد في سوريا بأنهم «مجموعة من مثيري الشغب»، وتغيّر النظام في هذا البلد بـ»الفوضى»، فيما تحدّث أيضاً عن نهضة «الشباب السوري الغيور»، و»ظهور مجموعة مُشرّفة قوية» في مستقبل سوريا، في إشارة إلى احتمال تبلوُر حركات جديدة ضدّ الوضع القائم في هذا البلد، على نحو يمكن أن يشكّل تحدّياً جادّاً أمام المشروع التركي.

لكن من ناحية أخرى، وفي حين سيتسلّم دونالد ترامب مقاليد السلطة في الولايات المتحدة، بعد أقل من شهر، يمكن السؤال عن الأثر الذي ستتركه سياسته على العلاقات الإيرانية – التركية، في ظلّ ما يُحكى عن إعادة تفعيل سياسة الضغوط القصوى على الجمهورية الإسلامية، علماً أن تلك السياسة التي تضع إيران في أزمة اقتصادية جادّة، ليست السيناريو المحبّذ لأنقرة، التي تقيم علاقات واسعة في مجال الطاقة والتجارة مع طهران. ووفقاً لمعطيات مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، بلغ حجم التجارة بين البلدين، في 2016، أي السنة الأولى لرئاسة ترامب، أكثر من 10 مليارات دولار، لكنه تراجع إلى نحو 6 مليارات دولار في 2023. وخلال الفترة المذكورة، منحت واشنطن، على رغم العقوبات القاسية التي تفرضها على طهران، إعفاءات لثماني دول، من بينها تركيا، لتتمكّن من مواصلة استيراد النفط الإيراني. وأحد السيناريوات الأخرى المطروحة، هو دعم الإدارة الأميركية لخطة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وما يعنيه سيناريو كهذا من احتمال اندلاع حرب إقليمية، يقول مراقبون إن تركيا لا تريد أن تتورّط فيها، ولا سيما أنها وإيران ترتبطان بحدود مشتركة يصل طولها إلى 560 كيلومتراً، ما يعني أن التطوّرات الأمنية في أيّ منهما تلقي بظلالها على البلد الأخر.

ويُظهر هذا الوضع أن إيران وتركيا جارتان لا يمكنهما التغاضي أبداً عن الحوار على مستويات عليا، والتواصل المستمرّ في ما بينهما، لأن كلّاً منهما قوّة ثابتة في المنطقة، وتضطلعان بدور في جغرافيا مشتركة، في الوقت نفسه الذي تُعدّان فيه متنافسَين إقليميَّين.

 

 

 

 

 

 

أخبار سورية الوطن١_ الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الأفق وصامت هذه المرة .. صراع إقتصادي آخر على سورية ..فائزون بالتزكية وآخرون على قائمة الانتظار

  ناظم عيد لعلنا لن نتأخّر لننشغل جميعاً بمتابعة فصول صراع – صامت هذه المرة – على سوريا، وهو صراع اقتصادي بالعموم، سيتصدّر “الكباش الاستثماري” ...