نشرت مجلة الايكونوميست مقالاً عن الإعلام العربي والقيود التي تُفرض عليه من قبل أجهزة الدولة المالكة للمؤسسات الإعلامية، حيث قال محرر شؤون الشرق الأوسط في المجلة في مقالة نُشرت في العدد الأخير “أثار إغلاق وسائل الإعلام المستقلة ضجة في كثير من أنحاء العالم، ليس في الجزائر فقط، لم يحضر سوى عدد قليل من المراسلين مؤتمرا صحفيا يوم 7 يناير دعا إليه محامو الصحفي إحسان القاضي، بعد اعتقاله وإغلاق المحطة الإذاعية والموقع الإلكتروني الذي يملكها. فقد تم مصادرة الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالصحفيين، وقالت ابنته تين حنان المحللة الجزائرية المرموقة: “الناس مصدومون وخائفون من الاعتقال لدرجة أنهم لا يستطيعون نشر اي شيء”. “الإعلام الجزائري تم استدراجه من قبل الدولة أو إجباره على الإغلاق”، حسب قولها”.
واضاف الكاتب “الوضع لم يكن دائما كذلك لعقود تحمل الحكام العرب نوعًا ما من الصحافة المستقلة، حيث رأى البعض في ذلك صمام أمان ووسيلة لقياس الرأي العام، وحافظوا على قبضتهم على الصحفيين لكنهم لم يفرضوا التغطية، ويتذكر الصحفي السعودي الذي كان يشعر بالحنين لسنوات التسعينيات قائلاً: “لقد كتبنا عن صفقات الأسلحة الفاسدة، والدعم المحلي للجهاديين وقمع حقوق المرأة””.
وتابع “ثمانية من أسوأ 15 منتهكًا لحرية الصحافة موجودون في الشرق الأوسط، حسب منظمة “مراسلون بلا حدود” الدولية، حيث ارتفع التصنيف من خمسة قبل 20 عامًا. لقد حوَّل الطغاة الذين اجتاحوا الربيع العربي عام 2011 الصحفيين إلى مجرد أبواق. في عام 2019، طبعت معظم الصحف المصرية الرئيسية نفس النعي المكون من 42 سطرًا لرئيسها المخلوع محمد المرسي. “يشرف ضابط مخابرات على عملك، لذلك عليك فقط أن تعدل وتكتب عن مشاريع القائد العظيمة – جسوره وطرقه”، هكذا يأسف صحفي مصري مخضرم”.
بالنسبة للأنظمة العربية، قال الكاتب غي مقاله “الأخبار الوحيدة المسموح بها هي الأخبار الجيدة، ففي الصيف الماضي، أغلقت دولة الإمارات العربية المتحدة صحيفة محلية، “الرؤية”، وأقالت رئيس تحريرها وعشرات الصحفيين، بعد أن تحدثت عن انخفاض أسعار البنزين في عُمان. أوضح أحد المسؤولين: “إذا كنت تعمل في مؤسسة حكومية، فعليك اتباع خط المؤسسة”. تشتري الأنظمة أيضًا وكالات الإعلان بحيث يمكن على الفور حرمان الصحف الغير تابعة لهم من الإيرادات، مع نضوب الأموال ، تستقطب الحكومات أو أصدقاؤها منافذ البيع المستقلة – أو يتركونها تنهار”.واضاف “قامت بعض الحكومات بسن قوانين تحظر الأخبار التي تعتبر مزعجة للاستقرار الاجتماعي، ويتم مطاردة الصحفيين ببرامج مثل Pegasus، وهو نظام إسرائيلي الصنع يتجسس على الهواتف الذكية. ويتم ببساطة حبس الكثير منهم”.
وعن مصر قال الكاتب “مصر هي ثالث أكبر دولة تسجن الصحفيين في العالم، وأدى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في عام 2018 إلى إخافة الكثيرين وإجبارهم على الصمت، حسب تقديرات لجنة حماية الصحفيين، وهي منظمة غير حكومية في نيويورك. اليوم، تهيمن ثلاث دول خليجية – قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – على السوق العربية. لا يزال لبنان، الذي كانت عاصمته بيروت، المركز الإعلامي للعالم العربي، يستضيف المحطات الشيعية، لكن الوضع الاقتصادي المنهار للبلد لا يسمح لها بالمنافسة”.
واضاف الكاتب “الاعلام الاجنبي اعتاد على تقديم الرواية البديلة حيث انه عندما كانت مصر تعلن خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967 أن الطائرات الحربية الإسرائيلية كانت تسقط من السماء مثل الذباب، أفادت “بي بي سي” أن القوات الإسرائيلية كانت تتقدم على جميع الجبهات. ولكن “بي بي سي” اعلنت في سبتمبر / أيلول انهاء 84 عاما من البث من خلال خدمتها الإذاعية العربية واستغنت عن العديد من موظفيها، يقول هيو مايلز، مؤلف كتاب عن الإعلام العربي: “تم تحييد بي بي سي”. لقد أصبح من الصعب جدا التعامل مع أنظمة الخليج”. وسائل اعلام أخرى مملوكة للغرب، مثل بلومبيرغ وسكاي نيوز، تتعاون مع أنظمة خليجية عن طريق شراء حقوق البث، وهذا يؤثر على تغطياتهم وحيادهم، حيث تقوم هذه الانظمة بتحييد التقارير الأجنبية، ويتم طرد الصحفيين وتقييد التأشيرات وحجب المواقع الإخبارية في حال عدم الاستجابة لاوامرهم، حسب المقالة.
وتابع “لأكثر من قرن، لجأ الصحافيون العرب إلى الغرب عندما ساءت الأمور في بلادهم، بعد الحرب الأهلية التي اجتاحت لبنان في السبعينيات، وأصبحت لندن عاصمة الإعلام في العالم العربي، لكن هناك دلائل على أن الحكومات العربية بدأت تسحب وجودها من لندن للسيطرة عليها بشكل افضل، حيث تم اغلاق صحيفة العرب مكتبها في لندن قبل عامين، وقناة الغد الفضائية في أغسطس / آب، وكلاهما ممول من الإمارات، كما نقلت قناة “العربي”، وهي قناة فضائية قطرية، مقرها الرئيسي من لندن إلى العاصمة القطرية الدوحة، وقال عبد الرحمن الشيّال، رئيس القناة “يجب على الموظفين في معظم أنحاء العالم العربي أن يفعلوا ما يطلب منهم”. “المحررون يتصرفون مثل وزراء الحكومة.””
نتيجة للمراقبة وعدم الحياد والادلجة السياسية، تهبط المعايير حيث يصبح دور المحررين المحبطين نسخ ولصق البيانات الصحفية، كما يشعر مقدمو البرامج التلفزيونية بالقلق الشديد من الابتعاد عن الرسائل النصية الرسمية التي يتم تلقيها أثناء عمليات البث لدرجة أنهم في بعض الأحيان يقومون بتضمين “التي تقدمها لك Samsung” في نشراتهم، حيث انخفض اعداد الصحافيين المعتقلين في السجون قليلاً في عام 2021، حيث كان هناك 72 صحفيًا محتجزًا في العالم العربي، أي 25٪ فقط من الإجمالي العالمي، وذلك مقارنة مع 32٪ في عام 2020، وهذا يعود لاختفاء الانتقادات لهذه الانظمة خوفا من الاعتقال، حسب الكاتب.
واضاف “في الدول العربية يتم التعامل مع نسبة المبيعات والتوزيع والانتشار للصحف كأنها اسرار دولة، لذلك ليس من الواضح ما إذا كانت التصنيفات قد تراجعت مع غياب البرامج الجريئة والمنتقدة، ويقول الكاتب والصحافي الفلسطيني المقيم في لندن عبد الباري عطوان “العرب يهجرون وسائل الإعلام الرسمية”، حيث اظهرت دراسة استقصائية للشباب العربي في عام 2019 أجرتها مؤسسة “أصداء”، مقرها الإمارات العربية المتحدة، ان 80٪ من الشباب العربي يعتمد الاخبار من وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ارتفعت هذه النسبة مقارنة مع 25٪ في عام “2015.
وتابع “الحكومات العربية مرتاحة هذه الايام لان مواطنيها يحرصون على متابعة الدراما والرياضة اكثر من السياسة، حيث قامت المملكة العربية السعودية وقطر بالاستثمار بكثافة في الرياضة، وتعرض مجموعة MBC السعودية العملاقة، العديد من المسلسلات التلفزيونية والبرامج لالهاء المواطنين”.
الحكام العرب سيندمون على إسكات السلطة الرابعة، توقع عبد العزيز الخميس، الصحفي السعودي، وقال “إذا لم تتمكن من تنبيه القادة إلى الغضب والمشاكل في المجتمع، فقد يفاجئهم ربيع عربي آخر مرة أخرى، حسب ما نقل عنه كاتب المقالة.
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم