آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » ابليس في جلده ..!

ابليس في جلده ..!

| سلمان عيسى

كنت واخي نسرح ببقراتنا – مصدر رزقنا – على تخوم الأراضي، وضفاف النهر لم نكن نعرف من شرور الدنيا الا أن نقطف بعض الخضار ونأكلها دون غسيل .. ذات مرة كان أبناء عمتي – وهم من جيلنا أيضا – يسرحون ببقراتهم في نفس المكان الذي كنا فيه .. وبعد ساعات من اللعب والركض .. والشغب، قاربت الشمس على المغيب و بالتالي موعد حلب البقرات ..

في طريق العودة مررنا بأرض مزروعة بالعجور والجبس الذي لم ينضج بعد .. وفي حالة من الولدنة الشديدة قمنا جميعا بقطف الكثير من حبات الجبس .. نفتحها ثم نرميها.. وكأنه تخريب متعمد لرزق فلاح ..

جاء صاحب الارض وبدأ ينهرنا ويصرخ في وجهنا .. قمنا حينها برميه بالحجارة .. هرب الرجل من شقاوة اولاد بدأ عليهم بكل وضوح قلة الأدب وعدم التربية .. شعرنا جميعا بنشوة النصر .. فقد هزمنا رجل كبير بعد أن الحقنا الأذى بمزروعاته..

مع الغروب تماما وصلنا مع القطيع إلى المنزل .. كان وجه والدتي رحمها الله مكفهرا على غير عادتها، فقد كانت تستقبلنا بالدعاء لنا بالتوفيق ودوام الصحة.. لم يطل استغرابنا من تجهم وجه امي .. خاصة عندما شاهدنا صاحب الارض الذي كنا نراجمه بالحجارة بعد تخريب محصوله ضيفاً عند والدي رحمه الله .. وهو يشرح كيف أن عشرات حبات الجبس ( الاقرع ) تم تكسيرها ورميها .. وكيف اننا بدأنا برميه بالحجارة عندما احتج على تصرفنا .. لم يدع والدي الرجل يكمل شرحه .. ناداني وسألني بحدة: هل قطفتم الجبس ورميتموه..؟

قلت : نعم ..

وهل ضربتم هذا الرجل صاحب الرزق بالحجارة ..؟

قلت: نعم ضربناه بالحجارة .. لكننا لم نصوب عليه، بل لتخويفه.. لم يدعني رحمه أكمل كلامي، وانهال علي بالضرب المبرح(المجنون) بحيث أن من شاهد والدي بانفعالاته وعصبيته وصفه بالجنون .. وانتقل أيضا إلى اخي الذي ناله ذات العقاب ..

في اليوم الثاني وبعد أن هدأ والدي وبدأنا بمعاتبته على عقابه القاسي لنا، قال بكل ثقة انه لم يضربنا، بل انه ضرب العيب والخلل الذي كان فينا.. وذكرنا أن الله غفور رحيم، لكن أمران لا يغفرهما الله – الشرك بالله والإضرار بالناس ..

ذات مرة قاد أحد رفاق السوء ابني إلى مشاغبات أدت الى ضرر صديق لهم – وكانوا في نفس العمر الذي شاغبت به – قمت بزيارة العائلة للاعتذار وطلبت من ابني اللحاق بي – لم يتأخر – قلت لصاحب الدار أن يقترح العقاب الذي يريد – قال: بعد أن اعتذرت انتهت المشكلة – أمام الرجل أعدت على ابني ما قاله لي والدي حول الإضرار  بالناس .. وكان قد سمعها مني مرات ومرات ..

لو أن كل مسؤول يعاقب العيب والخلل في نفوس مرؤوسيه.. وينهيهم عن تعطيل مصالح الناس .. وضرورة القيام بواجبهم .. لكانت انخفضت الأسعار وتوفرت المواد والسلع وتحسنت احوال الناس .. اما ما يشاع .. ( دللوني ) ولا تعلنوا عن الأسعار .. فهذا عيب آخر يحتاج إلى الكثير من الضرب المبرح حتى يخرج ابليس من جلده ..!؟

(سيرياهوم نيوز ٣-الرابع من حزيران ٢٠٢٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

من التشجيع إلى (التعجيز)!

  غانم محمد   التحوّل إلى الطاقات المتجددة عنوان كبير، وتوجّه مهمّ رغم صعوبة امتلاك مقومات هذا الأمر لدى النسبة الأكبر من الناس العاديين، بسبب ...