باسل علي الخطيب
قلةٌ منا يعرفون وديع….كلنا نعرف ابو وديع….أبو وديع كان كانه واحد منا، كأنه بضعة من سوريا التي نحب…
يشبه ابو وديع سوريا، يشبهها بطيبتها و حدتها، حنانها وجمالها، طيشها و شقاوتها، عبقريتها و ابداعها، كرمها و عبثها، عزتها و انفتها، لهوها و جنونها….
أبو وديع يعنينا جميعاً، كما تعنينا سوريا جميعاً، كان ومازال كبيراً لانه ظل قريباً منا كلنا، ظل واحداً منا دائماً….
لم يخاطبنا يوماً، أو يتعامل معنا يوما من برج عاجي، لم يبادل ببهارج الدنيا واضوائها ومالها سوريته، ظل ابن البلد، فكان أن استحق أن يكون بضعة من هذا البلد….
كلهم كانوا ومازالوا يطمحون أن يصيروا كأبو وديع، كلهم حلموا أن يرتقوا إلى مستوى ابو وديع، ولكن ولا واحد استطاع أن يصل إلى مستوى ركبتي أبو وديع، ليس فنياً فحسب، بل والأهم انسانياً….
ماميز ابو وديع عدم التصنع، تلك العفوية الجميلة الجميلة، ذاك التواضع العزيز، أن أحب، يحب حد الجنون، كريم حتى في عتابه، وان لمس منك غدراً، يدير ظهره بصمت ويمضي، كأنه سوريا تماماً…..
هل من عبث أننا جميعاً نسميه بلقبه هكذا (ابو وديع)، ولم نعد نسميه بإسمه، بينما بقية الفنانيين نسميهم بأسمائهم؟؟…
هذا إن دل على شيء، فهو يدل ومرة أخرى على أنه واحد منا، كأنه أخانا أو ابن عمنا أو جارنا أو صديقنا….
لاحظوا أننا كنا نتغاضى ونسامح عن كل مانسمعه من حياة ابو وديع الخاصة، لأننا إلى هذا الحد نحبه، وبالمقابل كان يكفي أن يتعثر فنان آخر بشريط الميكرفون مثلاً، حتى يصير دريئة للشائعات والاستهزاء و الانتقادات، نعم ما اجتمع الناس على حب فنان، كما اجتمعوا على حب ابو وديع وفيروز….
لاعزاء يصلح أو يكفي في هذا العزاء يا ابو وديع، و نعرف كما يعرف الكثير من السوريين كم ستكون الأيام القادمة صعبة عليك…..
كل هذه الجغرافيا تنحني امام مصابك، كل حبات التراب في هذه الجغرافيا تقول لك شكراً، كل تلك القلوب على طول هذه الجغرافيا تدعو أن ينزل الله سكينته وصبره على فؤادك، كلها تدعو بالرحمة لولدك،…..
قد يكون هذا المصاب هو أول حدث يوحد كل السوريين منذ فترة طويلة، هذا لأنك أبو وديع، بضعة من هذه الجغرافيا، وبضعة من تاريخها واسمها…
فلترقد روح وديع بسلام…
امين….
(سيرياهوم نيوز4-صفحة الكاتب)