بقلم:داود ابو شقرة
منظمة غير حكومية. ديمقراطية بامتياز. سيدة نفسها. تعنى بشؤون الفكر ليس لفرد أو لعضو من أعضائه فحسب، بل يعنى بالفكر على مساحة الوطن، ولكل فرد في الأمة.
يتميز اتحاد الكتاب العرب عن كل النقابات والاتحاد المهنية، بأن مهمته الأساسية _بطبيعة عمله وتخصصه_ لا تتوقف عند الدفاع عن اعضائه وتقديم الخدمات لهم، بل انتدب نفسه ليكون ضمير الأمة في التعبير عن نوازعها وغاياتها، وحامل الأمانة، الحريص على ثوابتها، الباحث عن سعادة كل فرد فيها. هل هناك مهمة نبيلة وشريفة أكثر من هذا؟!
لِمَ لا وهو يجمع عقولا ومبدعين في ضروب الكتابة والتعبير عن تاريخ الشعب وحاضره ومستقبله!؟
واتحاد الكتاب العرب لم يكن يوما تابعا لجهة وصائية لا حكومية ولا حزبية ولا غيرها. فهو حر مستقل سيد نفسه، وتفرَّد بهذا عن كل النقابات والاتحادات، حتى عن اتحاد الصحفيين (لأن المنتسبين في اتحاد الصحفيين يعملون في الدولة ويتقاضون رواتب أما اتحاد الكتاب فلم يتقاض أحد منهم راتبا في يوم من الأيام)، بمعنى: إن رصيد الاتحاد، وأملاكه هي ملك الأعضاء ولم تأت هبة من أحد، وهي حق شخصي لأعضاء الاتحاد كافة.
ولأدلل على رأيي سأضرب مثالين على ذلك:
الموقف الأول: أصدرت وزيرة الثقافة السابقة د. لبانة مسوح قرارا تحدد فيه موعدا لانعقاد مؤتمر اتحاد الكتاب، فأرسلت الكتاب لي الزميلة فلك حصرية، فقمت والزملاء بمهاجمة القرار وتداعينا لعدم الامتثال له، لأن قرار الاتحاد بيد المؤتمر العام فقط، فاضطرت الوزيرة للتراجع عن قرارها الخاطئ إزاء موقف الزملاء المبدئي بأن الاتحاد سيد نفسه.
الموقف الثاني: عندما انحرف أحد رؤساء الاتحاد عن صلاحيات رئيس الاتحاد (أتحفظ عن ذكر اسمه فقط لحرمة الموت) فقد هب الزملاء _وكنت بمعيتهم (الدكتور محمد الحوراني والدكتور إبراهيم زعرور والداعي لكم بطول العمر والشاعر أمير سماوي والزميل ايمن الحسن والدكتور فاروق اسليم وغيرنا…) لمهاجمته علنا، وفي المؤتمرات، واسقطناه بالاكثرية، ولم يستطع إكمال فترته، ولم تستطع الدولة، ولا الحزب حمايته، وتلك سابقة في كل النقابات في تاريخ سورية.
لذلك اقول إن المؤتمر العام هو الوحيد المخول بأي قرار يتعلق بالاتحاد، وقيادة الاتحاد، وأموال الاتحاد وأملاكه.
ولذلك فإن قيادة الاتحاد الحالية هي قيادة شرعية منتخبة من مؤتمر الاتحاد، ولم يتدخل فيها أحد ، وللعلم إن الانتخابات التي جاءت بالمكتب التنفيذي الحالي لم يمارس فيها ما يسمى “الاستئناس الحزبي” بمعنى كانت الانتخابات حرة ونزيهة بكل معنى الكلمة، والمكتب التنفيذي الحالي هو المؤتمن على الاتحاد وقراراته وأملاكه وأمواله.
ولله والتاريخ فإن هذه الانتخابات كانت من نوعية ونزيهة كالعادة، ولذلك فإن شرعية المكتب التنفيذي هي شرعية المؤتمر العام نفسه.
وكان الزملاء أعضاء المكتب التنفيذي على مستوى هذه الثقة طوال السنوات الأربع الماضية، وكان رئيس الاتحاد الدكتور محمد الحوراني على مستوى المسؤولية، المبادر دائماً لتطوير الاتحاد، المحب لجميع الزملاء، الراقي في التعامل، المدافع عن حقوقهم، المبادر لتصحيح أي خلل أو خطأ، الرجل الذي يتحمل المسؤولية في سبيل إحقاق الحق.
وكان الزملاء الباقون الذين تجمعني بهم الصداقة والمحبة (أي شهادتي مجروحة بهم) الصديق الدكتور جهاد بكفلوني زميل الدراسة والاخ والصديق الغالي والمحترم، والصديق توفيق أحمد الذي تجمعني به الصداقة والأخوة وزمالة العمل منذ عقود، والاخ رياض طبرة الرجل الذي ناضل بالقلم والفكر وتعرض للسجن دفاعا عن مبادئه، والدكتور جابر سلمان الصديق الذي أفخر به، نظيف الكف والقلب، والدكتور فاروق اسليم الإنسان الحكيم والمحب للعمل وللزملاء، والأستاذة فلك حصرية التي تجمعنا بها صداقة قديمة وتحاول جاهدة العمل وتقديم الخدمات لزملائها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، والزميل العزيز الارقم الزعبي المتفاني في عمله، الناصح بخبرته، والشاعر الرقيق منير الخلف الذي ينتمي إلى الوطن فوق أي انتماء…
هؤلاء هم أعضاء المكتب التنفيذي الذين جاؤوا بقرار من محبة زملائهم.
أما ما حصل بشأن القرار الجديد، وكان يوم الاربعاء ٢٠٢٥/٤/٩ موعد اجتماع جمعية المسرح في الوقت الذي كان المكتب التنفيذي يجتمع بالأخوة الذين كلفهم القرار بتسيير أمور الاتحاد، وكنا أمام حالة من الدهشة، لا سيما وأن اتحاد الكتاب أصدر بيانات متوازنة منذ سقوط النظام السابق، وكانت هناك لقاءات مع ممثلي الهيئة أكد فيها الاتحاد موقفه من الثوابت الوطنية والقومية، شعرنا معها بأن الأمور تجري بخير، وإننا ماضون إلى المؤتمر الانتخابي المقبل بعد عدة أشهر ، فما الذي حصل؟
طلبت صورة القرار لنعرف الدوافع والأسماء الواردة فيه… وعندما خرجنا من الاجتماع كان الاجتماع بين الفريقين قد انفض وشاهدنا أن بعض المكاتب بدأت فيه عملية التسليم (مكتب الدكتور جابر تحديدا) ما أشاع الانطباع بان ثمة توافق، وإن الأمور تجري على ما يرام، وفي المساء سألني بعض الزملاء عما يجري في الاتحاد، وكان البعض متشككا من صدور هذا القرار، فنشرت القرار من دون أن أبدي رأيا فيه، لأن من حق الأعضاء معرفة ما يجري في اتحادهم، ولوضع حد للتساؤلات بأن ثمة قرارا فعلا أم لا، وأن المكتب المكلف كان _بالفعل_ في مقر قيادة الاتحاد اليوم.
وخلال دقائق تمت مشاركة منشوري وتناقلته صفحات الزملاء وغيرهم، فانتشر الخبر كالنار في الهشيم، وفعلا خلال أقل من نصف ساعة اتصل بي الزميل د. سعيد العتيق متمنيا سحب صورة القرار عن صفحتي، فقطعت المكالمة وسحبت القرار قبل أن أستفسر منه عن أي شيء، لأنني أدركت أن نشره قد أحدث خللاً ما.
ثم اتصلت به استفسر منه عما جرى.
وحقيقة الأمر أنني شعرت للمرة الأولى في حياتي أن حسي الصحفي أضر بأناس أحبهم وأحترامهم من دون قصد، وكنت تصورت ان الأمور تجري بشكل سلس وان ثمة ترتيبات تجرى منذ شهرين، وانا على دراية تامة بها.
على كل حال اعتذر إن كنت اخطأت بحق أحد عن غير قصد مني لأنني أحمل الحب والاحترام للزملاء جميعاً، وعلى راسهم الدكتور محمد الحوراني الأخ والصديق المحترم، وأقول له بيني وبينه: إن رصيده من محبة الناس أهم من أي اعتبار ٱخر.
وأمام ما هو حاصل الٱن أعتقد أن مهمة الجميع الرئيسة هو الحفاظ على جسم الاتحاد تنظيميا، والحفاظ على أموله وأملاكه المؤتمن عليها المكتب التنفيذي الذي نثق به وبحسن تدبيره، ونقف معه وندعم قراراته. ولإصلاح ذلك لا بديل عن الدعوة إلى مؤتمر استثنائي عاجل مع الاحتفاظ للجميع بالترشح بناء تلبية لمتطلبات المرحلة الجديدة، وللانتخابات الكلمة الفصل في هذا.
والرهان على ان الواقع الجديد سيعمل على دعم الاتحاد بما يملكه من خيار عقول الوطن ومبدعيه، ودعمه ودعم مسيرته لاكتساب هذه العقول في مسيرة بناء البلد وتسجيل هذه المرحلة من تاريخنا في مختلف ضروب الأدب.
والله الموفق.
(اخبار سوريا الوطن 1-صفحة الكاتب)