قاعدة رامشتاين الجوية (ألمانيا) ـ (رويترز) – (أ ف ب): قالت ألمانيا إنها ستحتاج إلى اتفاق الحلفاء قبل إعطاء الضوء الأخضر لتسليم دبابات ألمانية الصنع إلى أوكرانيا لصد الغزو الروسي، الأمر الذي بدد على ما يبدو آمال كييف في اتخاذ قرار سريع بهذا الشأن.
ويجتمع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي ودول أخرى في ألمانيا وسط تحذيرات من أن روسيا ستعاود قريبا تعزيز عملية الغزو المستمرة منذ 11 شهرا تقريبا للسيطرة على أجزاء من شرق أوكرانيا وجنوبها، تقول موسكو إنها ضمتها إليها، لكنها لا تسيطر عليها بالكامل.
وأعلنت الولايات المتحدة وفنلندا عن حزم مساعدات عسكرية كبيرة قبل اجتماع وزراء الدفاع في قاعدة رامشتاين الجوية الذي انصب التركيز فيه على ما إذا كانت ألمانيا ستسمح لدول أوروبا التي تستخدم دباباتها من طراز ليوبارد 2 بإعادة تصديرها إلى أوكرانيا.
وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إنه لا يمكنه تحديد موعد محدد لاتخاذ قرار بشأن الدبابات، مضيفا أن ألمانيا مستعدة للتحرك بسرعة إذا تم التوصل إلى إجماع في الآراء بين الحلفاء.
وقال بيستوريوس “يجب تقييم جميع الجوانب الإيجابية والسلبية بعناية شديدة”، مضيفا أن القضية نوقشت اليوم الجمعة ولكن لم يتم اتخاذ أي قرار بشأنها.
ولم يذكر بيستوريوس أسماء الحلفاء، إن وجدوا، الذين لا يوافقون على تزويد أوكرانيا بالدبابات، ولم يقدم تفاصيل عن إيجابيات مثل هذه السياسة وسلبياتها من وجهة نظره.
وبدا أن حكومة المستشار أولاف شولتس مترددة حتى الآن في السماح بإعادة تصدير الدبابات إلى أوكرانيا خوفا من استفزاز روسيا.
وعبر بعض المسؤولين الغربيين عن قلقهم من استيلاء روسيا على الأسلحة الغربية المتطورة وسرق التقنية المستخدمة بها.
وقال الكرملين إن تزويد أوكرانيا بالدبابات لن يجدي نفعا وإن الغرب سوف يأسف “لوهمه” بأن كييف يمكن أن تنتصر في ساحة المعركة.
وفي حديثه ببداية الاجتماع في قاعدة رامشتاين الجوية، توجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي?? بالشكر للحلفاء على دعمهم، لكنه قال إن بلاده بحاجة إلى المزيد من الدعم في أسرع وقت.
وقال زيلينسكي “علينا الإسراع. يجب أن يصبح الوقت سلاحا في أيدينا. يجب أن يخسر الكرملين”.
وكان زيلينسكي قد أشار في تصريحات سابقة إلى أن ألمانيا تمنع إرسال الدول الأخرى دباباتها إلى كييف.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج لرويترز إن داعمي أوكرانيا بحاجة إلى التركيز على إرسال أسلحة جديدة لكييف إلى جانب توفير الذخيرة للأنظمة القديمة والمساعدة في صيانتها.
ورحب ستولتنبرج، بالإعلان عن تسليم شحنات أسلحة جديدة إلى أوكرانيا.
وقال ستولتنبرج، اليوم الجمعة، على هامش مؤتمر أوكرانيا المقام في القاعدة الجوية الأمريكية في رامشتاين بألمانيا، إنه يتوقع مزيدا من التطورات في النقاش حول إمكانية تسليم دبابات ليوبارد 2 الألمانية للجانب الأوكراني.
وأوضح ستولتنبرج للصحفيين أن حقيقة أن مئات المركبات المدرعة الجديدة وعربات المشاة القتالية ودبابات القتال متاحة حاليا لأوكرانيا، سوف تحدث فرقا هائلا لهذه البلاد.
وذكر أن هذا الدعم لن يمكن الأوكرانيين من الدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات الروسية الجديدة فحسب، بل سيمكنهم أيضا من شن هجماتهم الخاصة لاستعادة السيطرة على الأراضي.
وحول مسألة ما إذا كانت ألمانيا تضر بالوحدة الأوروبية لأنها لم تسلم بعد دبابة ليوبارد 2، قال ستولتنبرج: “المشاورات ستتواصل”.
ومنذ بداية الحرب، كان نوع الدعم يتطور باستمرار، بحسب ستولتنبرج.
وأكد ستولتنبرج على أن ألمانيا كانت من أكثر الحلفاء دعما لأوكرانيا.
وقال: “المدفعية والذخيرة وأنظمة الدفاع الجوي والآن أيضا ناقلات الجنود المدرعة من نوع ماردر: إن ألمانيا حقا رائدة في دعم أوكرانيا في العديد والعديد من المجالات”.
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في الاجتماع إن روسيا تعيد تجميع صفوفها وتجند مقاتلين وتحاول إعادة التسلح.
وذكر، بدون أن يشير بشكل محدد إلى الدبابات، “هذه ليست لحظة للتباطؤ. إنه وقت تقديم الدعم بكل الموارد. الشعب الأوكراني يتطلع إلينا”.
وقال مصدر حكومي في ألمانيا إن بلاده ستتخذ قرارا بشأن إرسال الدبابات لأوكرانيا إذا وافقت الولايات المتحدة على القيام بالمثل وأرسلت دبابات أبرامز التي لم تدرجها الولايات المتحدة في إعلانها أمس الخميس الذي تضمن تقديم مساعدات عسكرية جديدة لكييف. وقالت برلين إنه لا يوجد ربط بين المسألتين.
*مستعدون للتنفيذ؟
قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل للصحفيين في مدريد إن بعض الدول الأوروبية مستعدة لإرسال دبابات ثقيلة إلى أوكرانيا وإنه يأمل في اتخاذ قرار بهذا الشأن.
وقالت ليتوانيا التي تخشى على مستقبلها إذا تغلبت روسيا على أوكرانيا إن عدة دول ستُعلن إرسال دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا خلال الاجتماع.
وبعد اجتماع ضم 11 دولة في إستونيا والتعهد بمساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، قال وزير الدفاع الليتواني أرفيداس أنوسوسكاس لرويترز، بشأن التعهدات التي ستُقدم في رامشتاين، “بعض الدول سترسل بالتأكيد دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا. هذا أمر مؤكد”.
وتعهدت فنلندا بتقديم معدات دفاعية لأوكرانيا بأكثر من 400 مليون يورو (434 مليون دولار) لا تشمل دبابات ليوبارد التي قالت إنها قد ترسلها أيضا إذا كان هناك اتفاق مع الحلفاء.
وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي إنه “متشائم إلى حد ما” إزاء احتمال أن تعطي برلين الضوء الأخضر لإرسال الدبابات لأوكرانيا. وأشارت حكومته إلى أنها قد تمضي قدما في ذلك على أي حال.
وقالت الحكومة الألمانية اليوم الجمعة إنها ليس لديها أي معلومات بشأن تقديم أي دولة طلبا رسميا لألمانيا للحصول على إذن بإعادة تصدير دبابات ليوبارد لأوكرانيا.
وتعتمد أوكرانيا وروسيا بشكل أساسي على دبابات تي-72 التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، والتي دُمر المئات منها خلال الحرب التي يصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها “عملية عسكرية خاصة” لحماية روسيا والناطقين بالروسية.
وتقول أوكرانيا وحلفاؤها إن موسكو لا تتعرض لأي تهديد وتحاول فحسب انتزاع الأرض.
وأعلنت الولايات المتحدة أمس الخميس عن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تصل قيمتها إلى 2.5 مليار دولار، وستشمل 59 من مركبات برادلي القتالية و90 ناقلة جند مدرعة من طراز سترايكر، ما يجعل إجمالي ما خصصته الولايات المتحدة من مساعدات أمنية لأوكرانيا يزيد عن 27.4 مليار دولار. ولم تشمل المساعدات دبابات أبرامز التي يقول عنها مسؤولون أمريكيون إنها معقدة وتستهلك كثيرا من الوقود.
*زيارة مدير المخابرات
دأبت كييف على توضيح عدم نيتها مهاجمة روسيا، بل الدفاع عن نفسها فحسب.
وكتبت إيرينا فريشتشوك نائبة رئيس الوزراء عبر تيليجرام “سيقاتل الأوكرانيون! بدبابات أو من دونها. ولكن كل دبابة من رامشتاين تعني إنقاذ أرواح أوكرانية”.
في غضون ذلك، قال مسؤول أمريكي لرويترز أمس الخميس إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز سافر سرا إلى العاصمة الأوكرانية كييف للقاء زيلينسكي، ولكنه أحجم عن الكشف عن موعد الزيارة.
وقالت صحيفة واشنطن بوست، التي كانت أول من أورد النبأ، إن الزيارة تمت في مطلع الأسبوع. وأضافت الصحيفة أن بيرنز أطلع زيلينسكي على توقعاته بشأن الخطط العسكرية الروسية.
ولا يزال القتال محتدما في المنطقة الصناعية المعروفة باسم دونباس على الحدود الشرقية لأوكرانيا مع روسيا والتي أعلنت موسكو ضمها في سبتمبر أيلول بالإضافة إلى منطقتين أخريين في الجنوب.
وأفادت صحيفة دير شبيجل الألمانية اليوم الجمعة بأن وكالة المخابرات الخارجية الألمانية قالت إن الجيش الأوكراني يخسر جنودا بالمئات كل يوم. ولا تتحدث روسيا أو أوكرانيا عادة بالتفصيل عن خسائرهما، ولكن أوكرانيا تقول إن الخسائر الروسية أكبر من خسائرها.
* الضغط على برلين
يقول منتقدون إن المستشار الألماني أولاف شولتس والحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم الذي يتزعمه يتخذان خطوات بطيئة للغاية وينتظران تحرك الحلفاء أولا بدلا من أن تتحمل ألمانيا المسؤولية باعتبارها أقرب قوة غربية لأوكرانيا.
وقالت مصادر من الحكومة الألمانية إنها ستُحرك قضية دبابات ليوبارد إذا وافقت الولايات المتحدة على إرسال دبابات أبرامز لأوكرانيا.
وأوضحت الولايات المتحدة أنها لن ترسل دبابات أبرامز في أي وقت قريب، قائلة إن استخدام الدبابات الأمريكية سيكون بمثابة كابوس لوجستي للقوات الأوكرانية بسبب ما تحتاجه من وقود وصيانة.
وفي واحدة من أولى المقابلات التي أجراها بصفته وزيرا جديدا للدفاع في ألمانيا في وقت متأخر من أمس الخميس، لم يقل بوريس بيستوريوس صراحة إن تسليم دبابات أبرامز شرط لإمداد أوكرانيا بدبابات ليوبارد.
وصرح لقناة (زيد.دي.إف) التلفزيونية “نعلم جيدا أن (ليوبارد) يمكن أن تلعب دورا مهما”، مشددا على أهمية القرارات المشتركة عبر الأطلسي.
وأضاف “لا أحد يستبعد إمكانية تسليم دبابات ليوبارد، أو إمكانية الموافقة على التسليم من شركاء أوروبيين آخرين”.
ويتزايد الضغط الشعبي على برلين.
وكتبت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك على تيليجرام “الأوكرانيون سيقاتلون! بدبابات أو بدونها. لكن كل دبابة من رامشتاين تعني إنقاذ حياة أوكرانيين”.
وقال وزير دفاع ليتوانيا أمس الخميس إن عدة دول ستعلن إرسال دبابات ليوبارد 2 إلى أوكرانيا اليوم الجمعة في اجتماع رامشتاين.
وذكر نائب وزير الخارجية البولندي اليوم الجمعة قبل اجتماع بشأن تقديم أسلحة لكييف إن بلاده قد ترسل دبابات ليوبارد 2 إلى أوكرانيا حتى بدون موافقة ألمانيا على إعادة تصديرها.
وقالت بريطانيا إنها سترسل 14 من دباباتها القتالية الرئيسية إلى جانب دعم إضافي بالمدفعية لأوكرانيا، وهي خطوة يأمل مسؤولون أن تحذو ألمانيا حذوها.
وقال المتحدث باسم الكرملين اليوم الجمعة إن الدول الغربية التي تزود أوكرانيا بدبابات إضافية لن تغير مسار الصراع بل ستزيد من مشاكل الشعب الأوكراني.
من جهته دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى تسريع وتيرة تسليم الأسلحة لبلاده، فيما تواصل حربها ضد القوات الروسية.
وقال، في رابط فيديو في اجتماع وزراء الدفاع والقادة العسكريين من عشرات الدول، في القاعدة التابعة لسلاح الجو الأمريكي، في رامشتاين في ألمانيا إن التوقيت أمر حاسم.
وأضاف “يتعين أن نسرع.. الكرملين يجب أن يخسر”.
وقدم زيلينسكي الشكر للممثلين المجتمعين، من الدول الغربية، لدعم بلاده، حتى الآن، قائلا “نرى النتائج على أرض المعركة في أوكرانيا”.
غير أنه أضاف أن المدافعين عن الحرية ينفد ما لديهم من أسلحة.
وطالب باتخاذ إجراءات ملموسة، في رامشتاين، حول تسليم الطائرات، على سبيل المثال، بالإضافة إلى الصواريخ طويلة المدى والمدفعية.
وعشية الاجتماع في ألمانيا، أعلنت الولايات المتحدة عن حزمة مساعدات أمنية بقيمة 5ر2 مليار دولار إلى أوكرانيا،وهي ثاني أكبر حزمة منفردة من نوعها حتى الآن، تشمل 59 عربة مشاة قتالية من طراز برادلي و 90 ناقلة جند مصفحة من طراز سترايكر، من بين أشياء أخرى. وسترفع الحزمة الجديدة إجمالي المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا إلى حوالي 5ر27 مليار دولار منذ بداية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وفقا لوزارة الدفاع الأمريكية.
وحتى الشهر الماضي، قدّمت ألمانيا مساعدات عسكرية بأكثر من ملياري دولار منذ الغزو الروسي في شهر شباط/فبراير الماضي.
وقدم الاتحاد الأوروبي مساعدات بعدة مليارات من اليورو العام الماضي ، وخصص 18مليار يورو للعام الجاري.
يبحث وزراء الدفاع وضباط عسكريون كبار من جميع أنحاء العالم أفضل السبل لدعم أوكرانيا، مع وجود مسألة توفير دبابات قتال رئيسية قوية على رأس جدول الأعمال، خلال محادثات في وقت لاحق اليوم الجمعة في قاعدة جوية أمريكية بغربي ألمانيا.
ودعا وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أعضاء مجموعة الاتصال الأوكرانية إلى المؤتمر في رامشتاين، أكبر قاعدة جوية أمريكية خارج الولايات المتحدة.
وسيكون من بين الحاضرين وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرج بالإضافة إلى وزير الدفاع الألماني الجديد بوريس بيستوريوس.
وورد أيضا أنه جرى أيضا دعوة ممثلين من دول ليست أعضاء في الناتو، كما حدث في اجتماعين سابقين من هذا النوع.
ويتزايد الضغط على ألمانيا لإرسال دباباتها القتالية من طراز ليوبارد 2 لمساعدة أوكرانيا على محاربة الغزو الروسي.
لكن برلين رفضت حتى الآن التصرف من جانب واحد، وأصرت على أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك إلا بالتنسيق مع حلفائها، على الرغم من تزايد الدعوات في الداخل والخارج لتقديم أسلحة أكثر حداثة وأثقل إلى كييف المحاصرة.
يأتي الاجتماع في الوقت الذي تسيطر فيه موسكو على حوالي 18% من أوكرانيا، بعد غزو شنه الكرملين قبل ما يقرب من 11 شهرا. ولا يزال القتال مستمرا على الرغم من العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا على روسيا.
من جانبه قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة إنه سيتم تخصيص 400 مليار يورو (433.16 مليار دولار) لميزانية فرنسا العسكرية في الفترة من 2024 إلى 2030 ارتفاعا من 295 مليار يورو خلال الفترة بين عامي 2019 و2025.
وقال ماكرون إن ميزانية 2019-2025 الدفاعية كانت تهدف إلى البدء في بناء قدرات احتياطية بعد قصور في الاستثمار على مدى العقود السابقة.
ووصف ميزانية 2024-2030 الجديدة بأنها برنامج “تحول” لإعداد الجيش لاحتمال نشوب صراعات شديدة الحدة، وهو الأمر الذي أصبح أكثر إلحاحا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال في خطابه للجيش بمناسبة العام الجديد بقاعدة مونت دي مارسان الجوية في جنوب غرب البلاد “فرنسا لديها جيوش جاهزة لتحديات القرن وسيكون لديها المزيد”.
وقال إن فرنسا يجب أن تكون مستعدة لعصر جديد مع تراكم التهديدات.
(الدولار = 0.9234 يورو)
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم