أثار مشهد احتجاج مزارعي البطيخ السوريين في سوق الهال بدمشق، أمام شاحنات لبنانية تفرغ حمولتها من منتج زراعي مماثل للسوري في ذروة موسمه، تساؤلات كثيرة حول كفاءة سياسات التجارة الخارجية وإجراءات ضبط إيقاع التوازن بين الصادرات والمستوردات.
وشدد أمين سرّ جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة، على ضرورة ترشيد الاستيراد ووضع ضوابط واضحة في ضوء دراسة واقع الإنتاج والسوق.
استرخاء مؤقت
ولفت حبزة في تصريح لصحيفتنا “الحرية”، إلى أن المنتج الأجنبي المستورد أقل سعراً من المنتج السوري، وهذا قد يبدو مريحاً لجهة الحسابات المتعلقة بالمستهلك، ولكن تأثير ذلك بالغ السلبية على المنظور البعيد، فيما يتعلق بالسوق السورية والاقتصاد الوطني عموماً، سواء على الإنتاج الزراعي أو الصناعي.
حبزة: تصرف غير حضاري لكن لا بد من إعادة النظر بسياسات ضبط المستوردات ودعم الصادرات
الخطير في الأمر أن ما يتسبب به تدفق المنتجات المماثلة لأخرى محلية، يتسبب بإحجام الفلاحين عن زراعة واستثمار الأرض بعد السماح بدخول المنتجات الزراعية المماثلة لمنتجاتهم إلى الأسواق المحلية.
إيقاع مرن
ويشير أمين سر “حماية المستهلك” إلى أنه عند وجود نقص في إحدى المواد أو المنتجات، السماح بالاستيراد يكون طبيعياً لسد الفجوة، ولكن إذا كانت المنتجات المحلية تكفي حاجة السوق فيجب منع الاستيراد وعدم السماح بدخول المنتج المماثل كي لا يتضرر المنتج المحلي سواء كان زراعياً أم صناعياً.
غير حضاري
حديث حبزة جاء بناء على سؤال “الحرية” وطلب التعليق على فيديو احتجاج مزارعي البطيخ في سوق الهال بدمشق.. إذ يعتبر حبزة التصرف غير حضاري، ولكنه يشير بشكل غير مباشر إلى مسؤولية ما يجب أن تضطلع بها الجهات الرسمية المعنية بتنظيم قطاع التجارة الخارجية، وعدم السماح بالاستيراد للمنتجات المماثلة سواء كانت زراعية أو صناعية.
ملف الألبسة
ويلفت حبزة إلى موضوع آخر ولكن في نفس الاتجاه وهو السماح بدخول الألبسة تهريباً من دون جمارك ما انعكس سلباً على الصناعة والصناعيين وقد يدفع بالبعض منهم لإغلاق معاملهم.
ويحذر من خطورة ما بعد فتح الأسواق أمام المنتجات والسلع الأجنبية لجهة تراجع الإنتاج المحلي بسبب عزوف الفلاحين عن الزراعة بعد غزو المنتجات الزراعية الخارجية، إضافة إلى توقف الصناعيين عن الإنتاج لعدم القدرة على منافسة السلع الأجنبية داخل الأسواق السورية، وبالتالي الخسارة المضاعفة يوماً بعد يوم، وهذا ما يؤدي إلى توقف الإنتاج الزراعي والصناعي وبالتالي الإضرار بالاقتصاد الوطني.
فروقات الأسعار
لكن السؤال هنا.. يتعلق بأسباب انخفاض كلفة المنتج المستورد إلى ما دون سعر المنتج المحلي؟
هنا يرى حبزة أن سبب ارتفاع أسعار المنتج السوري عن مثيله الأجنبي لارتفاع تكاليف الإنتاج من محروقات ويد عاملة ولعدم وجود آلية أو سياسة واضحة لدعم الفلاح والصناعي والمصدر، ولكنه يعتبر في الوقت نفسه السماح بدخول أي منتج مماثل حالياً يشكل منافسة خاسرة أمام المنتج المحلي ليذكرنا بالمقولة الشهيرة: (لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع).
مشدداً على ضرورة دعم الإنتاج المحلي حتى لو كانت كلفته عالية، كي لا يهجر الفلاح أرضه والصناعي معمله ونحافظ على ديمومة واستقرار الإنتاج المحلي، ويدرس الدعم الحقيقي للمنتج المحلي ليكون فيما بعد قادراً على منافسة السلع والمنتجات الأجنبية.