الرئيسية » ثقافة وفن » احتفاء مصري بفاتن حمامة في ذكرى ميلادها الـ90

احتفاء مصري بفاتن حمامة في ذكرى ميلادها الـ90

انتصار دردير

تحتفي مؤسسات ثقافية وفنية مصرية بمرور 90 عاماً على ميلاد الفنانة المصرية الراحلة فاتن حمامة، ومن بينها مركز الهلال للتراث، الذي أصدر كتاباً توثيقياً عنها بعنوان «فاتن حمامة… مذكرات وذكريات»، كشف عن المذكرات الوحيدة التي كتبتها بنفسها، راصداً رحلتها من خلال مخرجين وكتاب كبار، كما كشف عن أزمتها مع رجل المخابرات صلاح نصر في ستينات القرن الماضي، وكيف دفعها للهروب إلى أوروبا لمدة خمس سنوات، مثلما كان سبباً في هروب كثير من فنانات جيلها للعمل في لبنان وتركيا.

«يوم سعيد»

ولدت فاتن حمامة في 27 مايو (أيار) عام 1931، ووفقاً للناقد أشرف غريب مدير مركز الهلال للتراث فإن «هذا العام شهد ميلاد كل من شادية وهند رستم وماجدة، وهن الفنانات اللاتي صنعن سينما نهاية الأربعينات وما بعدها بلون خاص، وبقيت النجمات الأربع على القمة لسنوات عدة، لكن فاتن بكل ما تمتعت به من قيمة ومكانة تبقى الأبرز والأهم بفضل تجربتها العريضة وأثرها المتجدد، وتعد حالة فريدة بين كل ممثلات السينما العربية فهي «سيدة الشاشة العربية» كأم كلثوم «سيدة الغناء العربي» في عالم الطرب، فأي مكانة تلك التي تساوي بين فاتن في السينما وأم كلثوم في الغناء.

وتروي فاتن في مذكراتها قصة اكتشافها التي تؤكد أنّ والدها كان وراء دخولها عالم الفن منذ طفولتها: «قرأ والدي في إحدى المجلات الأسبوعية عن مسابقة للأطفال نظمتها المجلة، وحين عاد إلى المنزل ظهر ذلك اليوم نظر إلي طويلاً ثم قال وهو يبتسم: (فكرة حلوة)، وفي اليوم التالي كان ينفذ هذه الفكرة، ألبسني ملابس ممرضة من ممرضات الهلال الأحمر، واصطحبني إلى مصور التقط لي صورة بالملابس البيضاء، وتسلم والدي الصورة وأرسلها إلى المجلة التي نشرتها على صفحة كاملة، وبعد أيام تلقى خطاباً يحمل مظروفه كلمتي (فيلم عبد الوهاب)، وفتح الخطاب ليكتشف أنّه من المخرج محمد كريم يخبره بأنّه شاهد صورتي بالمجلة وأنه يرشحني لدور مهم في فيلم عبد الوهاب الجديد. فرح والدي بالخبر، أما أنا فلم أعر الأمر اهتماماً كبيراً، لأنني عجزت يومئذ عن التنبؤ بما أعده لي القدر، وركبت القطار إلى القاهرة، وعندما عدت إلى محطة القاهرة مرة ثانية كنت قد أصبحت نجمة صغيرة».

كانت فاتن قد ظهرت في فيلم «يوم سعيد» أمام محمد عبد الوهاب لأول مرة في دور الطفلة نفيسة وكان بالفعل يوماً سعيداً عليها وعلى السينما.

سينما فاتن

قدمت فاتن حمامة 97 فيلما – حسب فيلموغرافيا الكتاب – بدءاً من فيلم «يوم سعيد» 1940 وحتى آخر أفلامها «أرض الأحلام» عام 1993، وهذه القائمة تعبر عن الأفلام التي عرضت في مصر، بينما هناك أربعة أفلام ظلت مجهولة للجمهور صورتها خلال فترة الستينات خارج مصر هي: «القاهرة، وظل الخيانة، ورجال من ذهب، ودعني لولدي»، كما تخلو القائمة أيضاً من أفلامها القصيرة: «أغنية الموت، أريد هذا الرجل».

من حسن حظ فاتن أنّها تعاونت مع كبار مخرجي عصرها، على اختلاف توجهاتهم ورؤاهم فقدمها حسن الإمام في 12 فيلماً غلب عليها طابع الميلودراما، على غرار «لك يوم يا ظالم»، فيما نقلها أول أزواجها المخرج عز الدين ذو الفقار لأدوار الرومانسية، كما في «نهر الحب»، وقدمها يوسف شاهين بصورة مغايرة في ستة أفلام جمعتهما وأخذ بها إلى آفاق أرحب، كما في «صراع في الوادي» وكانت بطلة لأهم أفلام كمال الشيخ وقدما معاً ستة أفلام من بينها «المنزل رقم 13»، ومع صلاح أبو سيف لعبت بطولة خمسة أفلام عبرت من خلالها عن صورة المرأة في الخمسينات كما صورها أدب إحسان عبد القدوس في أفلام «لا أنام»، و«الطريق المسدود»، و«لا تطفئ الشمس»؛ فيما كان تعاونها الأكبر مع المخرج هنري بركات الذي قدمت معه 16 فيلماً نجح من خلالها في كسر القوالب الثابتة للشخصيات النمطية في السينما.

فاتن والسياسة

استيقظ المصريون صباح أحد أيام شهر يوليو (تموز) 1965، ليكتشفوا أنّ فاتن حمامة قد غادرت مصر من دون سابق تمهيد، وظن الجميع أنّها مجرد رحلة لزيارة زوجها النجم عمر الشريف الذي كان يحقق نجاحاً متواصلاً في السينما العالمية، لكنّ غيابها طال وطال معه صمتها عن أسباب تلك الغيبة، متعللة بأسباب عائلية «عمر بين أوروبا وأميركا وابنتي نادية وابني طارق يدرسان في لندن، وأصور أفلامي بين بيروت وأكثر من عاصمة أوروبية، ولم تكن تلك هي الحقيقة التي أبقت عليها فاتن والتي كشفت عنها بعد ذلك قائلة: «اتصل بي شقيق فنان كان يعمل بهيئة الاستعلامات، كنت قد انتهيت من تصوير فيلمي (الحرام)، و(حكاية العمر كله) والمشاركة في مهرجان كان السينمائي، وطلب المتصل تحديد مقابلة مع أحد رجال المخابرات لأمر مهم، وجاءني الرجل وحدثني عن أمور تخص البلد والتضحيات التي لا بد أن نقوم بها جميعاً، وطلب مني وضع ميكرفونات في شقتي لتسجيل محادثات كل من يزورني وترك لي مجموعة من الكتب عن الجاسوسية، شعرت ليلتها بانقباض شديد ولم أنم لمدة أسبوع، واتصل بي رجل المخابرات فاعتذرت له وأكدت له أنني لو سمعت أي إساءة عن مصر فلن أتردد في إبلاغهم، بعدها زادت المضايقات لا سيما فيما يتعلق بالسفر للخارج ونصحني أحد الأصدقاء بضرورة مغادرة مصر قبل أن تزيد الضغوط، وساعدني السيد زكريا محيي الدين الذي كانت تربطه بأسرتي علاقة عائلية على الخروج من مصر في وقت قياسي».

وقد تعرضت فاتن لحملة تشويه منظمة بعد مغادرتها مصر والإفلات من قبضة صلاح نصر لتقضي خمس سنوات في أوروبا لم تتوقف خلالها عن العمل، وصورت في تلك الفترة عدة أفلام من بينها «رمال من ذهب» في المغرب و«الحب الكبير» في لبنان، ولم تعد للإقامة الدائمة في مصر إلا بعد وفاة الرئيس عبد الناصر وتولي السادات الحكم.

صور نادرة

ويكشف الكتاب تحت عنوان «دراسات وحقائق» قصة هروبها من مصر إلى أوروبا في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ويزخر بتفاصيل عديدة عمن ساندوها، ودور أم كلثوم في عودتها لمصر، ويعرض فيلموغرافيا عن أفلامها، كما ينفرد الإصدار بعدد كبير من الصور النادرة تمثل مراحل مختلفة من حياتها وأفلامها، و«البرس بوك» الذي كان يوزع للجمهور في صالات السينما متضمناً معلومات كاملة عن الفيلم وفريق العمل.

سيرياهوم نيوز 6 – الشرق الأووسط

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...