- طارق علي
- الثلاثاء 2 آذار 2021
على رغم صدور الحكم القضائي في حقّ صاحب مشروع “شجرتي” الذي نَصَب على عدد من السوريين، سالباً إيّاهم مبالغ طائلة وصلت إلى مليارات الليرات السورية بذريعة تشغيلها، إلا أن ذلك لم يَشفِ غليل الضحايا، الذين يطالبون اليوم باستعادة أموالهم، في ظلّ مخاوف من عقبات كثيرة ستعترض عمليةَ تعويضٍ من هذا النوع.
ويكشف مصدر قضائي مطّلع على القضية، في حديث إلى “الأخبار”، أنه بعدما جمع زنبركجي مبلغاً يعادل نحو 5 مليارات ليرة سورية من المودعين، صار يقدّم أرباحاً مرتفعةً جداً لهم. وبحسب المصدر، فإن هذه الأرباح لا تستند إلى أرضية تجارية أو اقتصادية قائمة على أرض الواقع، ليَثبت، من خلال سير التحقيق، أن مصدر الأرباح المفتَرضة كان مبالغ جديدة من أشخاص جدد، يقوم زنبركجي بإعادة توزيعها كأرباح على آخرين، في عملية مداورةٍ دامت لفترة طويلة، ومنحته ثقة المودعين. وفي سياق متّصل، أفادت مصادر مطّلعة على شؤون الترخيص الإداري في العاصمة دمشق، “الأخبار”، بأنّ مؤسّسة “شجرتي”، التي تحمل اسماً آخر هو “مركز الأعمال الكوري”، “لم تكن تمتلك أيّ طابع أو أساس قانوني، بمعنى أنها لم تكن موجودة على الأوراق الرسمية، ليقتصر وجودها على مكاتب في حيّ المزّة الدمشقي الفاخر، حيث تستقبل المودعين، وتتقاضى منهم الأموال، وكلّ ذلك في ظلّ غياب أيّ مستند قانوني يشير إلى حصولها على أيّ نوع من التراخيص”.
قام زنبركجي بتهريب الأموال إلى لبنان بشكل دوري، تحت ذريعة افتتاحه منشأة لتدوير النفايات البلاستيكية
وفي نهاية المسار القضائي للقضية، حُكم على زنبركجي بالاعتقال المؤقّت لمدة خمسة عشر عاماً، مع غرامة قُدّرت بعشرة مليارات ليرة سورية، على خلفية جمعه أموالاً بطريقة غير قانونية، كما حكم عليه لخمس سنوات بجرم تهريب الأموال، ليصار إلى دمج العقوبتين وتنفيذ الأشدّ منهما، بحسب ما يقتضي القانون السوري. ووفق مصدر قضائي، تحدّث إلى “الأخبار”، فقد ثبت، باكتمال الأدلة على المُدان، قيامه بتهريب الأموال إلى لبنان بشكل دوري، وبمبالغ تراوح بين عشرة وعشرين مليون ليرة سورية في كل مرّة، تحت ذريعة افتتاحه منشأة لتدوير النفايات البلاستيكية.
لكن القضية لم تنتهِ عند هذا الحدّ، إذ إن أموال المودعين لم تَعُد إلى أصحابها الذين أنشأوا مجموعةً على “فيسبوك”، سرعان ما بلغ عدد المشتركين فيها نحو ثمانية آلاف شخص. وكتب غالي غريب، أحد ضحايا عملية النصب الكبرى، والعضو الأساسي في التحرّك للمطالبة بحقوق المتضرّرين، منشوراً في المجموعة، تحدّث فيه عن آلية تَجَمُّع المتضرّرين قبل أيام، وتوجُّههم إلى مبنى المحافظة، ومن ثمّ طلبهم مقابلة نائب المحافظ، ليوجِّههم إلى مكتب أمينة سرّ اللجنة المعنية، التي وعدتهم بدورها بتشكيل لجنة لإعادة جزء من المبالغ خلال شهر، مشيرةً إلى تعيين قاضٍ من وزارة العدل للإشراف على إعادة الأموال. وعوّل آخرون في المجموعة، في تدويناتهم، على الحجز الذي تمّ على أملاك صاحب الشركة ومنازله في أحياء راقية في العاصمة السورية، ومجموعة سيارات تعود ملكيّتها إليه، وكذلك مصادرة مبلغ 973 مليون ليرة سورية، و819 ألف دولار أميركي منه، خصوصاً أن قرار المحكمة اكتسب الدرجة القطعية، وصار الأمر مرتبطاً باللجنة المشكَّلة من قِبَل محافظة دمشق.
وعلى رغم تحرُّك القضاء بسرعة لافتة، ووعود محافظة دمشق بتشكيل لجنة تعيد جزءاً من أموال المودعين إليهم خلال شهر، إلا أن مخاوف المتضرّرين لم تتبدّد. فحتى لو تحقّقت الوعود الرسمية، ستواجههم عقبة البيروقراطية في عملية تحصيل أموالهم، هذا أصلاً في حال كانت هناك إمكانية فعلية لإعادة الأموال كاملةً. وتبقى الإشارة اللازمة هنا، إلى أن السوريين، بسبب أهوال سنين الحرب، وضيق ذات اليد، والفقر الذي يعصف بهم من كلّ حدب وصوب، باتوا عرضةً لعمليات نصب كبيرة، بسبب تعلّقهم بأقلّ أملٍ ممكن، لانتشالهم من الفقر والعوَز.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)