آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » استراتيجية تعافي للصناعة السورية.. التنفيذ خلال ثلاث سنوات قادمة.. أولى خطواتها ساعة بدء التنفيذ

استراتيجية تعافي للصناعة السورية.. التنفيذ خلال ثلاث سنوات قادمة.. أولى خطواتها ساعة بدء التنفيذ

التفكير بالصناعة الوطنية وكيفية تطويرها، مسؤولية لها أبعاد مختلفة، ليست محصورة بجهة محددة، أو تحملها جهات حكومية، بل هي مسؤولية الجميع، أفراداً وفعاليات اقتصادية، وجهات عامة وغيرها، فكيف إذا كانت من أهل الخبرة في الاقتصاد والكفاءات العلمية، القادرة على تشخيص الواقع، ورسم الاستراتيجيات التي تكفل حلولاً قابلة للتنفيذ.

خبير اقتصادي يضع رؤية إنقاذية لتعافي الصناعة الوطنية تبدأ برفع نسبة مساهمتها في الناتج الإجمالي المحلي بمعدل 30 ٪ خلال ثلاث سنوات.. وزيادة الصادرات الصناعية بنسبة 5 ٪ سنوياً

وهنا لا نريد أن نخفي حقيقة عشرات الدراسات، والاستراتيجيات التي وضعت خلال المراحل السابقة، والقليل منها أخذ طريقه للتنفيذ الفعلي، لكن للأسف الشديد، غالباً ما تلقى نصيب الكثير من الدراسات التي بقيت حبراً على ورق” مركونة” في أدراج طاولات المكاتب الحكومية، والجهات العامة الأخرى المعنية بتنفيذها، وذلك لفقدان إرادة التنفيذ، وطغيان المصلحة الخاصة على العامة وغيرها من أسباب..!
واليوم الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش يضع استراتيجية، خطواتها مبنية على تحليل علمي وواقعي، يحاكي إلى حد بعيد الواقع الفعلي للصناعة الوطنية، بشقيها ” العام والخاص” وهذا بدوره يتضمن صورة جديدة للتحليل، مبيناً الأسباب والمسببات، والأهداف الواجب تحقيقها لاستكمال خطوات تعافي وتنمية الصناعة الوطنية، والتي حددها الخبير بمجموعة نقاط مدة تنفيذها ثلاث سنوات، تبدأ التنفيذ من تاريخ الاقرار .
رفع نسبة مساهمة الصناعة في الناتج الإجمالي المحلي بمعدل لا يقل عن 10 ٪ سنوياً لتصل الى 30 ٪ خلال ثلاث سنوات، مع زيادة الصادرات الصناعية بنسبة 5 ٪ سنوياً عن معدلها في العام 2024، إلى جانب خفض العجز في الميزان التجاري وفي ميزان المدفوعات بمعدل 5٪ سنوياً عن معدلها في العام الماضي، والمساهمة في خفض معدلات البطالة وإيجاد فرص عمل.
والجانب المهم في ذلك خفض تكلفة الطاقة في المصانع بمعدل 30 ٪ خلال 3 سنوات، وتشجيع ودعم الصناعات القائمة، والتحول نحو اقتصاد المعرفة وإطلاق صناعات جديدة، وتشجيع أطر الصناعة المستدامة والصديقة للبيئة.

عياش: البحث في الواقع وتشخيص التحديات.. وتحديد فرص التطوير ..ضرورة حتمية لوضع استراتيجية فعّالة.. تجعل الصناعة قاطرةً حقيقيةً لعملية التنمية وأساساً متيناً للانتعاش الاقتصادي

إضافة إلى دمج الاقتصاد السوري بالأسواق الإقليمية والعالمية، من خلال استعادة وتنمية الأسواق التقليدية، والتوسع في الأسواق الدولية.

محاور التنفيذ

لكن بعد تحديد بنك الأهداف التي ذكرها الخبير “عياش” يحتاج الأمر أيضاً الى تحديد المحاور الرئيسة لتنفيذ هذه الاستراتيجية التي من شأنها تأكيد حالة التعافي خلال المدة المذكورة، بعد ضبط وقت التنفيذ الفعلي، وهذه المحاور تحمل عدة بنود في مقدمتها: تأمين التمويل وتحفيز المستثمرين، والعمل على حماية الصناعة القائمة عبر خفض التكاليف الصناعية وحماية المنتجات الوطنية، (الحماية الذكية – دعم الصادرات)، إلى جانب تحسين بيئة الأعمال، وتطوير البنى التحتية الصناعية، وإنشاء مدن ومناطق صناعية وحرة وحاضنات أعمال ومسرعات أعمال، دون تجاهل محور مهم جداً يكمن في إنماء وخلق ميزات تنافسية: البناء على القدرات البشرية السورية المتميزة، وإنشاء وإنماء أسواق إقليمية وعالمية، دعم التسويق الدولي ورفع مستوى الوعي ورفع معايير جودة المنتج.

أهم المخرجات

ويرى “عياش” خلال إعداد هذه الاستراتيجية بعد تحديد لبنك الاهداف التي نسعى لتحقيقها من حالة التعافي للصناعة الوطنية، وتحديده لمجموعة القضايات الواجب توافرها للتنفيذ، لا بد من تحديد بعض المخرجات، أولها: الحماية الذكية للصناعة الوطنية، من خلال عوائق جمركية (رسوم – ضميمة) على المستوردات التي تتوفر بدائلها محلياً حتى 40%، إلى جانب دعم مخرجات الإنتاج الصناعي عوضاً عن دعم المدخلات (طاقة – رسوم – ضرائب – تمويل).

عياش: مجموعة مخرجات “بهوية الدعم” بعض مفرداتها الحماية الذكية ودعم مخرجات الإنتاج الصناعي.. بدل المدخلات.. وتسهيلات ائتمانية وتمويلية محصورة بالإنتاج

إلى جانب مخرجات أخرى لا تقل أهمية عما ذكر، تكمن في دعم الصادرات، من خلال عمليات تمويل وتأمين دراسات الأسواق الدولية، وإتاحة المعلومات للصناعيين المصدرين، إضافة لتغطية المشاركة في المعارض الخارجية حتى 80% للمشاركين عند توقيع عقود تصدير، مع تطبيق تقنيات دعم التكاليف لعقود التصدير وبنسبة لا تقل عن 20%، وتغطية نفقات إجراءات ولوجستيات التصدير المتعلقة بتنفيذ عقود التصدير.
لكن الأمر لايقف عند ذلك من مخرجات بل هناك المزيد منها يتعلق بنقاط مهمة في مقدمتها: التفاوض لإعادة تفعيل اتفاقية EURO 1 مع الاتحاد الأوروبي، وتأسيس جهة متخصصة وذات اعتمادية دولية في مطابقة الجودة، وتفعيل التصدير المجمع (الجزئي)، وتفعيل الإدخال المؤقت بغرض إعادة التصدير، والسماح بتمويل مستوردات القطاع الصناعي من أية مصادر تمويل متاحة.

رؤية أولية

مقاربة الباحث الاقتصادي الدكتور “عياش” لهذه الاستراتيجية للواقع الصناعي الفعلي، لصناعة عانت الويلات في زمن حرب، امتدت لسنوات طويلة، وما زالت تأثيراتها جاثمة على صدرها، وبنى هذه المقاربة من خلال رؤية أولية أكد فيها أهمية الصناعة باعتبارها أحد أهم الركائز الاقتصادية، التي تعتمد عليها الدول لتحقيق النمو والتنمية المستدامة، وفي الحالة السورية، يكتسب هذا القطاع أهمية استثنائية في ضوء الظروف الراهنة التي تمرّ بها البلاد، والاحتياج المُلح لإعادة الإعمار وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، وعلى الرغم من ما تعرضت له الصناعة السورية من تحديات جسيمة ودمار هائل خلال السنوات الماضية، بدءاً من فقدان البنى التحتية، مروراً بتضرر المصانع والمنشآت، ووصولاً إلى تراجع كبير في حجم الإنتاج الصناعي، فإنها لا تزال تمتلك من المقومات ما يؤهلها لأن تلعب دوراً محورياً في نهضة سوريا الاقتصادية من جديد.
وعليه، فإن البحث في واقع هذه الصناعة، وتشخيص تحدياتها، وتحديد فرص تطويرها، بات ضرورة حتمية لوضع استراتيجية فعّالة تجعل من الصناعة السورية قاطرةً حقيقيةً لعملية التنمية الشاملة في البلاد، وأساساً متيناً للانتعاش الاقتصادي في المستقبل القريب.

واقع مليء بالتحديات

ويرى صاحب الاستراتيجية “عياش ” أن الصناعة السورية تواجه في الوقت الحالي واقعاً صعباً، ومليئاً بالتحديات التي تعيق نموها وتعافيها بشكل واضح؛ حيث تُشكّل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا من قبل عدة دول إحدى أبرز هذه التحديات وأشدها تأثيراً، إذ تسببت هذه العقوبات في تقييد حركة التجارة الخارجية، وعرقلة استيراد المعدات الصناعية اللازمة للإنتاج، كما حدّت من قدرة المصانع السورية على تسويق منتجاتها في الأسواق الخارجية، ويُضاف إلى ذلك ضعف كبير في البنية التحتية الصناعية، خاصةً في قطاعات الطاقة والكهرباء والنقل، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع تنافسية المنتج السوري محلياً وخارجياً.
كذلك، يعاني القطاع الصناعي من أزمة حادة في التمويل وصعوبة واضحة في الوصول إلى مصادر الاستثمار المحلية أو الأجنبية، بسبب عدم استقرار الوضع الاقتصادي وغياب الدعم الحكومي المباشر للقطاع الصناعي.
كما تُشكّل ظاهرة هجرة الكفاءات والعمالة الماهرة، تحدياً إضافياً بالغ الخطورة، حيث خسرت الصناعة السورية عدداً كبيراً من المهندسين، والفنيين والحرفيين المؤهلين الذين يمثلون العنصر البشري الأساسي للإنتاج الصناعي، ما أثّر بشكل مباشر على القدرة التشغيلية للمنشآت الصناعية، وأضعف إمكانيات الابتكار والتطوير، وزاد من صعوبة إعادة تأهيل هذا القطاع المهم على المدى المنظور.

مقومات وفرص التطوير

إمكانية تنفيذ استراتيجية تعافٍ للصناعة الوطنية موجودة وبقوة، وخاصة أنها تتمتع بمقومات حقيقية، يمكن البناء عليها لتحقيق تطور ملموس وانتعاش اقتصادي واضح، حيث تمتلك سوريا موارد طبيعية غنية ومتنوعة توفر المواد الأولية اللازمة للكثير من الصناعات، وعلى رأسها المنتجات الزراعية مثل القمح، والزيتون، والحمضيات، والخُضر، والقطن، وهي منتجات تتيح المجال واسعاً أمام إقامة صناعات غذائية ونسيجية وتصديرية منافسة.
إلى جانب الوفرة الزراعية، تزخر الأراضي السورية بثروات ومعادن مهمة مثل الفوسفات الذي يدخل في صناعات الأسمدة والمخصّبات، إضافةً إلى المواد الأولية التي تدخل في صناعات البناء كالرخام والبازلت والإسمنت.
كما يتميز الموقع الجغرافي لسوريا بكونه نقطة تقاطع استراتيجية بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، ما يؤهل البلاد لأن تكون مركزاً لوجستياً وتجارياً قادراً على استقطاب الاستثمارات والمشاريع الصناعية والتجارية الكبرى.
إضافةً إلى ذلك، تملك سوريا إرثاً صناعياً تاريخياً يتمثل بخبرات تراكمية طويلة في مجالات الصناعات التقليدية المتميزة مثل النسيج، وصناعة السجاد، والألبسة الجاهزة، والمنتجات اليدوية التراثية، فضلاً عن الصناعات الغذائية الشهيرة كالحلويات، وزيت الزيتون، والأجبان، وهي صناعات تمتاز بجودتها وشهرتها الإقليمية والدولية.
وفي مادة لاحقة نستكمل فيها الحديث عن ما تبقى من محاور استراتيجية تعافي الصناعة الوطنية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

“فرص واعدة لمستقبل مستقر”.. إدلب تطلق مؤتمرها الاستثماري الأول 

إيمان زرزور:   أطلقت محافظة إدلب مؤتمرها الاستثماري الأول تحت شعار “فرص واعدة لمستقبل مستقر”، بمشاركة واسعة من رجال أعمال سوريين في الداخل والخارج، إضافة ...