زهير أندراوس:
يُواجِه الوطن العربيّ اليوم خطر نقص المواهب البشرية من جيل الشباب، إذْ يظهر استطلاع لرأي الشباب العربيّ أنّ الكثير من الشباب يُفكّرون بالهجرة من بلدانهم، بعضهم بشكلٍ مؤبدٍ ودائمٍ، بحثًا عن المزيد من الفرص.
وكشف استطلاع الشباب العربيّ، الذي نشر نتائجه الموقع الالكتروني للقناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، والذي تصدره أصداء بي سي دبليو بالتعاون مع شركة الأبحاث الدولية PSB، كشف أن حوالي 42 بالمائة من الشباب العرب يفكرون بالهجرة إلى بلد آخر بشكل جدي، بينما قال 32 بالمائة من المُستطلعة أرائهم إنّهم لا يفكرون بالهجرة من بلدهم، و25 بالمائة أكّدوا أنّهم لا يفكرون بالهجرة حاليًا، ولكن توجد احتمالية القيام بذلك في المستقبل.
ويفكر غالبية الشباب في منطقة بلاد الشام (سوريّة، لبنان وفلسطين) بالهجرة بشكلً جديٍّ، إذْ يقول 63 بالمائة منهم إنّهم يخططون للأمر، في حين يعد الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي أقل عرضةً لمغادرة بلدانهم، مع حوالي 13 بالمائة منهم ممن يفكرون في الهجرة، أمّا في شمال أفريقيا، فيفكر حوالي 47 بالمائة من الشباب في الهجرة من بلدانهم بحثًا عن فرص أفضل، كما أكّدت نتائج الاستطلاع.
ويُعتبر الشباب اللبنانيّ الأكثر إقبالاً وبحثًا عن فرص الهجرة من البلاد في منطقة الشرق الأوسط، إذ يشير التقرير إلى أن حوالي 77 بالمائة من الشباب اللبنانيين يفكرون في ترك بلدهم، يتبعهم بعد ذلك الشباب الليبي كالأكثر إقبالاً على الهجرة، بنسبة تبلغ حوالي 69 بالمائة، ومن ثم الشباب العراقي، بنسبة 65 بالمائة، وفق الاستطلاع.
وبحسب الاستطلاع، يلجأ معظم الشباب العربي إلى الهجرة بسبب العوامل الاقتصادية والفساد في بلادهم كأسبابٍ رئيسيّةٍ.
في السياق ذاته، كشف المُستشرِق الإسرائيليّ، إبهود يعاري، الذي نشر نتائج الاستطلاع، كشف النقاب في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، عن أنّه قبل عدّة سنواتٍ، وتحديدًا في أوج “الربيع العربيّ” (!)، وفي جلسةٍ مغلقةٍ بمدينة القدس، تواجد مَنْ أسماه بكبير المُستشرقين، البروفيسور برنارد ليوس، حيثُ تناولوا معه وجبة عشاء وكان عمره آنذاك مائة عامٍ. وأضاف يعاري، أنّ البروفيسور لويس الذي “تنّبأ” (!) بوقوع عدّة تطورّات تاريخيّةٍ لافتةٍ ومفاجئةٍ، سُئل في الجلسة المغلقة عينها ماذا سيحدث بعد خمسة أعوامٍ، فردّ بالقول، لا أعرف ماذا سيحدث بعد خمسة أعوام، ولكننّي أعلم ماذا سيقع بعد خمسين عامًا، وقال: كلّ عربيٍّ قادرٍ على ألّا يكون هنا سيقوم ويُهاجِر إلى نقطةٍ أخرى في العالم، على حدّ البروفيسور لويس.
ولم يُفوّت المُستشرِق الإسرائيليّ يعاري في “تحليله” الفرصة للتحريض على الأمّة العربيّة، مُحاوِلاً تجيير تجييش العامِل الدينيّ لإثبات “نظريته”، علمًا أنّه معروف بعلاقاته الوطيدة مع المؤسسة الأمنيّة في دولة الاحتلال، وعلى نحوٍ خاصٍّ المخابرات، وبناءً على ذلك، أكّد يعاري في “تحليله” أنّ نتائج الاستطلاع الأخير يؤكّد كَمْ كان لويس صادقًا، مُضيفًا في الوقت عينه أننّا نرى كيف تنشأ موجةً جديدًة لهرب المسيحيين الموارنة من لبنان، الأمر الذي سيؤدّي لإضعاف موقفهم في لبنان، علمًا أنّ هذا البلد، أيْ لبنان، أُقيم من أجلهم، على حدّ زعم المُستشرِق الإسرائيليّ.
عُلاوةً على ذلك، “تنبّا” المُستشرِق يعاري، كأستاذه لويس، بانتشار موجة هجرةٍ جماعيّةٍ للأقباط-المسيحيين من مصر، زاعِمًا أنّ الكنيسة الأشوريّة كانت وما زالت تُناشِد أبناءها في العراق بالهجرة من بلاد الرافديْن، أمّا في ليبيا، الغارقة بالدماء بسبب الحرب الأهليّة، فقال يعاري إنّ 87 من الشعب هناك يبحثون عن طريقةٍ ومسارٍ للهرب، تمامًا كما في سوريّة واليمن ودولٍ عربيّةٍ أخرى، على حدّ قوله.
ورأى المُستشرق يعاري أنّ الوضع لدى جيران إسرائيل، أيْ الفلسطينيين لا توجد مفاجآت، إذْ أنّ 58 بالمائة منهم يحاولون عمليًا أوْ يُفكّرون بالهجرة من المناطق التي احتلتها الدولة العبريّة في حرب الأيّام الستّة (النكسة)، عام 1967، وأنّ 44 بالمائة منهم يتوّقعون اندلاع عددٍ من الصدامات بين إسرائيل وبينهم، وأنّهم ليسوا معنيين بالبقاء وانتظار اندلاع المُواجهات، ويصل المُستشرِق يعاري إلى نتيجةٍ، تُعبّر عن حلم الحركة الصهيونيّة، إذْ يقول في ختام “تحليله” لنتائج الاستطلاع: لو تمّ فتح الأبواب أمامهم وُوجدَت دولاً على استعدادٍ لاستيعابهم، فمن الطبيعيّ، حسب زعمه، ستحدث هجرةً كبيرةً جدًا من المناطق الفلسطينيّة المُحتلّة، ولكن، استدرك، فإنّ تحوّل هذه الإمكانية إلى واقعٍ هو ضئيل جدًا، وفق زعمه.
سيرياهوم نيوز 5 – سانا