بقلم:علي عبود
ودعت ملايينن الأسر السورية محدودة الدخل الفروج وأخرجته من موائدها الأسبوعية!وبعدما كانت الأسرة “تقضيها” بفروج مشوي أوبروستد في معظم أيام الشهر على مدى العقودالماضية .. لم تعد قادرة منذ عام2017 على الأقل على شراء سوى قطع متواضعة من الفروج ، بل أن بعضها يضطر إلى الإكتفاء بـ”النترات” مودعا الفروج الكامل والطازج إلى أجل بعيد جدا جدا ، وغالبا لن تعود أيام زمان!!ولعل الكثير من الشباب ودّع أيضا سندويشة الشاورما التي كان يتناولها يوميا “على الواقف” أو في مقاهي الرصيف ،فقد تحولت إلى”أكلة فاخرة” للمقتدرين ماليا!وعندما أرتفعت أسعار الفروج نسبيا منذ عدة سنوات أبتكر باعة اللحوم “كباب الفروج” و”همبرغر الدجاج” ، وكانوا يقومون بفرم الدجاجة مع جلدها ودهنها وبعض عظامها الهشة وبيعها بـ الوقية” لمحدودي الدخل!ولا أحد كان يعرف في الماضي أو يعرف في الحاضر فيما إذا اشتري قطع فروج فاسدة أوكباب وهمبرغر مصنّع من النترات الممزوج بالمنكهات الصناعية!!ترى ما الذي أوصلنا إلى هذه الحال المزرية؟الغالبية تلوم التجار وباعة اللحوم وغالبا وزارة التجارة الداخلية ، وأحيانا أرباب قطاع الدواجن .. عن الهبّات الجنونية لأسعار الفروج .. فهل هذا صحيح؟
قطعا .. المربون لن يبيعون بخسارة إلا في حال اضطروا لإغلاق مداجنهم بسبب نقص الأعلاف أو المحروقات ، وبالتالي فالمسؤول عن حرمان ملايين السوريين من الفروج برأي الغالبية هم تجار الأعلاف .. فهل هذا الإتهام صحيح؟نعم.. مامن تاجر أعلاف يبيع الذرة الصفراء إلى مربي الدواجن بأسعارها الحقيقية ، فهو يستوردها بدولارات المركزي ويبيعها بسعر الدولار الأسود!!ولن تتمكن أي جهة رقابية من منع حيتان الإستيراد من احتكار الأعلاف مادامت الجهات الحكومية المعنية بـ”رفاه” المواطن غائبة أوفي إجازة طويلة جدا!ولو كان الأمر يتعلق بالسعر الجنوني للأعلاف لاقترحنا أن تقوم وزارة الزراعة باستيرادها عن طريق المناقصات أومباشرة ، ومن ثم توزيعها بسعر مدعوم أوبسعر التكلفة على مربي الدواجن!لكن هذا المقترح حتى لو تبنته الحكومة لن يحل أزمة السعر الجنوني للفروج ، فالمشكلة في مكان آخر؟ نعم .. المشكلة لدى الحكومة فهي المسؤول الوحيد عن حرمان ملايين السوريين من الفروج والبيض باستثناء المناسبات القليلة جدا جدا كالأعياد والأفراح !!وعندما ترفع المؤسسة العامة للأعلاف تنفيذا لقرار اللجنة الإقتصادية أسعار الذرة الصفراء أكثر من مرة في العام الواحد من جهة ، ولا تؤمّن الحاجة الفعلية من الذرة للمداجن من جهة أخرى ، فهي بهذه “الفعلة” تُلزم المربين اما الإرتماء بأحضان تجار الأعلاف أوبإغلاق مداجنهم .. أليس هذا ماحصل ويحصل خلال السنوات الخمس الأخيرة على الأقل!وعندما ترفع وزارة النفط سعر المازوت المرة تلو المرة من جهة ،ولا تؤمّن احتياجات المداجن من هذه المادة بالسعر المدعوم الذي لم ولن تتوقف عن رفعه من جهة أخرى ،فإنها بذلك تدفع بالمربين “الضعفاء” إلى إعلاق مداجنهم،وبالمقتدرين منهم إلى شراء المازوت من السوق السوداء!ولا ننسى أيضا أن تقنين الكهرباء العشوائي أدى إلى إغلاق الكثير من المداجن في المحافظات!بعد كل هذه القرارات الحكومية هل نتوقع سوى ارتفاع تدريجي ومستمر للفروج ؟ الخلاصة : الحكومة قالتها بشكل غير مباشر لملايين الأسر السورية : أرغمناكم بالأمس على توديع اللحوم الحمراء ، ونرغمكم اليوم على توديع الفروج ، واستعدوا من الآن للأتي من الأيام ، فقد يكون.. أعظم !!!
(سيرياهوم نيوز14-11-2021)