آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » استفاقة أميركية إلى الإبادة: هذا ما جنته إدارة بايدن

استفاقة أميركية إلى الإبادة: هذا ما جنته إدارة بايدن

 

ريم هاني

 

 

 

تُذكّر تصريحات المسؤولين الأميركيين، لا سيّما أولئك الذين برزوا أثناء عهد الرئيس السابق، جو بايدن، جنباً إلى جنب التقارير الجديدة المنتشرة في وسائل الإعلام الغربية حول غزة، بـ«أفعال الندامة» التي دأبت واشنطن على تلاوتها خلال العقود الماضية، في كل مرة كان فيها التدخّل أو الدعم الأميركيان، كما هو الحال مع الحرب على غزة، يسفران عن مجازر جماعية أو عمليات انقلاب عسكرية أو ثورات ملوّنة.

 

وحالياً، يقرّ عدد متزايد من المسؤولين والمراقبين بأنّ إدارة بايدن، وعلى غرار إدارة دونالد ترامب الحالية، كانت تدرك أكثر من أي جهة أخرى، أنّ قتل المدنيين في غزة «لم يكن عرضياً»، وأنّ هدف إسرائيل الأخير يتمثّل في «محو قطاع غزة عن وجه الأرض»، واختارت، مع ذلك، الاستمرار في دعم «الإبادة» حتى اللحظة الأخيرة.

 

وفي هذا السياق، يرد في تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي»، أنه حتى في حال افترضنا أنّ بايدن كان يتعرّض «لخداع» إسرائيلي، فإنّ ذلك لا يمكن أن يكون بمثابة عذر له، مشيرةً إلى أنه «في حال لم يكن يعرف بالضبط ما كان يحدث، فمن المؤكّد أنّ كبار أعضاء فريق الأمن القومي الآخرين كانوا يعرفون ذلك».

 

والدليل على ما تقدّم، أنه قبل بضعة أسابيع، أقرّ المتحدّث السابق باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، بأنه ممّا «لا شكّ فيه أنّ إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة»، بعدما كانت وظيفة ميلر السابقة هي التنكّر، مراراً وتكراراً، لكونه يرى أي دليل على ذلك. وتردف المجلة إنّ أي شخص «يحمل هاتفاً ذكياً يدرك هذا بالفعل»، إذ إنّه «لم يتم توثيق أي فظائع جماعية في التاريخ بشكل أكثر شمولاً وبثّها في الوقت الفعلي من قبل ضحاياها ومرتكبيها»، مثلما يحدث الآن.

 

أمّا الكذبة الأساسية التي استندت إليها سياسة إدارة بايدن تجاه غزة، فهي أنّ الضرر الهائل الذي لحق بالمدنيين في القطاع كان غير مقصود، فيما الحقيقة هي أنّ إلحاق الأذى بالمدنيين «هو جزء من إستراتيجية إسرائيل». وبالفعل، وثقت قضية جنوب أفريقيا أمام «محكمة العدل الدولية»، أنّ عدداً من المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين كانوا منفتحين تماماً في شأن نواياهم في هذا الصدد.

 

وبالإضافة إلى التقارير الكثيرة التي خرجت حول مجريات الحرب، والأهم من ذلك من قبل الفلسطينيين أنفسهم، قدّمت قصة غلاف مجلة «نيويورك»، بقلم سوزي هانسن، الرواية الأكثر تفصيلاً حتى الآن عمّا عرفه مسؤولو إدارة بايدن ومتى عرفوه. ورغم أنّ اعتراف ميلر، ينبغي أن يضع حدّاً لأي ادّعاء بأنّ مسؤولي الإدارة لم يكونوا على علم بارتكاب جرائم حرب، فإنّ هؤلاء استمرّوا في توريد الأسلحة، في انتهاك للقوانين الأميركية التي تحظر القيام بذلك للجيوش المتّهمة بشكل موثوق بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتقييد المساعدات الإنسانية.

 

وطبقاً لأصحاب الرأي المتقدّم، وحتى في حال كانت «المبرّرات» التي قدّمتها الإدارة السابقة لاستمرار الدعم لإسرائيل «منطقية»، إلا أنه لم يكن المطلوب منها الاستمرار في تضليل البلاد والعالم في شأن سلوك إسرائيل، بل كان بإمكانها أن تستخدم سلطة الإعفاء القانوني لمواصلة الدعم. وتشير، في الوقت عينه، إلى أنه في حين كانت هناك أدلّة واضحة على وجود سياسة إسرائيلية لمنع المساعدات الإنسانية، فإنّ المصالح الأمنية الأميركية تتحقّق على أفضل وجه عبر الاستمرار في توريد الأسلحة بدلاً من قطعها. «لكنهم لم يفعلوا ذلك.

 

ضابط إسرائيلي سابق: أعطي دروس حول «الإبادة» منذ ربع قرن، وأستطيع التعرّف عليها عندما أراها

 

لقد كذبوا. مراراً»، وزعموا أنهم لم يروا أدلّة على وجود انتهاكات منهجية، مستخدمين صيغاً غربية مثل: «قُتل عدد كبير جداً من الفلسطينيين»، كما لو كان هناك عدد مقبول تم تجاوزه. كما تحدّثوا عن أنّ إسرائيل «لا تفعل ما يكفي» لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية، متظاهرين بأنّ المشكلة هي مشكلة «لوجستية».

 

وحول أسباب عدم حديث المزيد من المسؤولين الديموقراطيين عن تلك الوقائع، يؤكّد مسؤولون سابقون في الإدارة الأميركية وغيرهم من الديموقراطيين، في حديث إلى مُعدّ المقال، أنه يجب التركيز حالياً «على التهديد الحقيقي المتمثّل بترامب والترامبية، وعدم القتال داخل الائتلاف الديمقراطي».

 

على أنّ تلك النظرية تتغاضى عن أمرين أساسيين، وهما إنّ الحديث عن ذلك لا يعدّ «نظراً إلى الوراء»، إذ إن الإبادة الجماعية في غزة مستمرة، «وتتكثف»، كما أنّ «المساءلة ضرورية ليس فقط لمنع الجرائم المستقبلية، بل لمحاولة وقف الجرائم الحالية» أيضاً. ويختم التقرير بأنه «إذا كنا جادّين في إعادة بناء الديموقراطية الأميركية، فإنّ تفكيك النظام وإنهاء هذا الإفلات من العقاب ضروريان، لأنّ النضال من أجل المساءلة عن غزة لا ينفصل عن النضال ضد الترامبية».

 

ولا تقتصر مثل تلك «الاعترافات» على الجانب الأميركي وحده؛ إذ نشر عمر بارتوف، الضابط الإسرائيلي السابق، تقريراً في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أخيراً، جاء فيه: «نشأت في منزل صهيوني، وعشت النصف الأول من حياتي في إسرائيل، وخدمت في قوات الدفاع الإسرائيلية كجندي وضابط، وقضيت معظم حياتي المهنية في البحث والكتابة عن جرائم الحرب والمحرقة، وكان هذا استنتاجاً مؤلماً للوصول إليه، وهو الاستنتاج الذي قاومته بقدر ما استطعت. لكنني أقوم بتدريس دروس حول الإبادة الجماعية منذ ربع قرن. وأستطيع التعرف على الإبادة عندما أراها».

 

ويردف التقرير إنّه بحلول أيار 2024، أمر الجيش الإسرائيلي حوالي مليون فلسطيني يحتمون في رفح بالانتقال إلى منطقة مواصي خانيونس، حيث لم يكن هناك أي مأوى يذكر، قبل أن يشرع في تدمير جزء كبير من رفح، مشيراً إلى أنه «في تلك المرحلة، بدا أنه لم يعد من الممكن إنكار أنّ نمط عمليات قوات الدفاع الإسرائيلية كان متّسقاً مع التصريحات التي تشير إلى نيّة الإبادة الجماعية التي أدلى بها القادة الإسرائيليون في الأيام التي تلت هجوم حماس».

 

ويستند الرأي المشار إليه إلى أنّ نتنياهو كان قد حثّ مواطنيه على أن يتذكّروا «ما فعله بهم العماليق»، وهو اقتباس فسّره الكثيرون على أنه إشارة إلى الطلب الوارد في مقطع من الكتاب المقدّس يدعو بني إسرائيل إلى «قتل الرجال والنساء على حدٍّ سواء، والرضع» في صفوف أعدائهم، جنباً إلى جنب حديث مسؤولين حكوميين وعسكريين عن أنهم يقاتلون «الحيوانات البشرية» في غزة، ودعوتهم «إلى الإبادة الكاملة». وعليه، «لا يمكن فهم تصرفات إسرائيل إلا باعتبارها تنفيذاً للنيّة المعلنة في جعل قطاع غزة غير صالح للسكن بالنسبة إلى سكانه الفلسطينيين».

 

كذلك، كان الهدف ولا يزال حتى اليوم، «إجبار السكان على مغادرة القطاع بالكامل أو نظراً إلى عدم وجود مكان آخر يذهبون إليه، إضعاف القطاع عبر القصف والحرمان الشديد من الغذاء والمياه النظيفة والصرف الصحي والمساعدات الطبية، إلى الحدّ الذي يجعل من المستحيل على الفلسطينيين في غزة الحفاظ على وجودهم»، بحسب المصدر نفسه.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إيران: إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة وندعم سيادة سوريا ووحدة أراضيها وهذه رسالتي للشعوب واستبدلنا أنظمة الدفاع الجوي المتضررة جراء الحرب

أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، اليوم الأحد، أنّ بلاده تجدد وقوفها الدائم إلى جانب الشعب السوري، في ظل العدوان الإسرائيلي عليه، مشدداً ...