طرطوس – محمد محمود
حين راجعنا مديرية زراعة طرطوس منذ أشهر للحصول على معلومات متعلقة بعمل المناحل التابعة للمديرية، وعدد الطرود المتوفرة، وإنتاجها السنوي من مادة العسل، بدا كل شيء يسير بشكل طبيعي وآلية عمل مستقرة، ووتيرة تصاعدية لإنتاج الطرود والعسل، حيث وصلت تقديرات الكميات المنتجة من المادة إلى ٤٠٠ طن سنوياً على مستوى المحافظة ، ولم نبلّغ حينها من رئيس دائرة الوقاية المشرف على شعبة النحل والحرير عن أية مشكلات أو صعوبات إلا ضمن المألوف الذي تشكو منه أي مديرية، كضعف الإمكانيات والوسائل المتاحة!.
كما حاولنا حينها التواصل مع رئيس شُعبة النحل بشكل مباشر للحصول على معلومات إضافية، ليفيدنا أن كلّ المعلومات المطلوبة متوفرة لديه، لكن الإفصاح عنها منوط برئيس دائرته “حسن حمادة” والمدير حسب التسلسل الإداري والروتين المتّبع في المديرية، قبل أن يراجعنا رئيس شُعبة النحل المعفى مؤخراً بكمّ من المعلومات والوثائق التي نضعها برسم وزير الزراعة للتدقيق والتحقيق والمتابعة.
بالتفاصيل!!
بتاريخ 11/ 1/ 2021، أرسل المهندس علاء شمعة رئيس شُعبة النحل حينها كتاباً عن طريق التسلسل، يطالب فيه مراكز النحل بإعداد تقارير شهرية عن وضع خلايا النحل، وإعلام رئيس الشعبة بالحالات الطارئة والمرضية والكشف الدوري عنها، وإعداد سجلات للنحل، وفتح سجل يومي للعمليات المنفذة بالمناحل، وترقيم الخلايا بشكل واضح، وتبديل الخلايا التالفة، والعناية بالمراكز، والتعقيم المستمر، ومتابعة عمل المراكز والإشراف المباشر عليها، لكن هذه المحاولات – كما أوضح – كانت تصطدم بعراقيل عديدة، فسيارة الخدمة الوحيدة المخصّصة لمتابعة مراكز النحل بعهدة رئيس الدائرة، ويستخدمها لأغراضه الشخصية، أما تنظيم العمل وترقيم الخلايا فمن شأنه أن يربك أي محاولات للعبث بها، فالفوضى تخدم أحدهم دائماً، وما يزال عمل مراكز النحل دون سجلات أو ترقيم للخلايا لتسهيل عملية المراقبة والضبط!
تهميش متعمد!!
ورغم بداية العمل بوتيرة جيدة، من خلال تواصل المراكز مع رئيس شُعبة النحل وإعداد تقارير شهرية، إلا أن اعتراض رئيس الشُعبة المعفى على تقرير مركز نحل الثورة (عمريت) لشهر تشرين الثاني عام ٢٠٢١، الذي اختفت فيه ثلاث خلايا بتبريرات ضعيفة (هجوم النمل) دون إخطاره ، ورفضه التوقيع على التقرير، أدى إلى بداية تهميشه المتعمّد من رئيس دائرته حسن حمادة.
ففي التقارير الشهرية الثلاثة (تشرين الأول – تشرين الثاني – كانون الأول) كان عدد الخلايا في أول تقرير شهر تشرين الأول ٨٠ خلية، ثم أصبحت ٧٧ خلية في تقرير تشرين الثاني الذي رفض رئيس الشُعبة توقيعه، ثم يعود عدد الخلايا مجدداً في تقرير شهر كانون الأول إلى ٨٠ خلية دون أي تقسيم خلايا أو مبررات وأسباب مفهومة، وهو التقرير الذي وقّع عليه رئيس الدائرة مكان توقيع رئيس الشعبة، بعد أن رفض الأخير التوقيع أيضاً، ليتوقف رؤساء المراكز عن إرسال التقارير الشهرية، مع منع رؤساء المراكز من التواصل معه وتهميشه إلى حين إقصائه من الشعبة، ما دفع الشمعة لتقديم استقالة احتجاجية لمدير الزراعة، مبرراً ذلك بمجموعة أسباب تمّ ذكر بعضها، يضاف لها نقل خلايا مركز عمريت وسرقة العسل في المركز، ومنعه المشاركة في الاجتماعات التي تخصّ عمله، وحضور دورة تدريبية، وكشف الشمعة عن مجموعة مغالطات كالتصرف بمحتويات مستودع النحل وتخريج مواد دون موافقته، والتحكم بطلبات الشراء وعدم إرسال الكميات المطلوبة.
تقرير رقابي..
الاستقالة الاحتجاجية للشمعة حوّلها مدير الزراعة علي يونس لشكوى مسجلة لدى الرقابة الداخلية التي وضعت عدداً من التوصيات منها: القيام بجولات على مراكز النحل والحرير وتدقيق سجلاتها والإعلام عن أي خلل، وتزويد رئيس الشُعبة بمستلزمات العمل، وتفعيل دوره، والطلب إلى العاملين التعاون في أداء الواجبات الوظيفية، وأن ينفذ العامل أوامر رؤسائه ..إلخ.
مفارقة غريبة!!
المفارقة الغريبة أن يصدر مقترح معاكس من رئيس دائرة الوقاية مسجل بتاريخ 20/ 6/ 2022 يوصي بإعفاء رئيس الشُعبة الـ “شمعة” لعدم تعاونه، وتكليف المهندس فادي يونس بدلاً عنه إضافة لعمله، والغريب أن يتمّ الأخذ بالمقترح من قبل الزراعة، قبل أن يمنح المهندس الوقت لتنفيذ توصيات الرقابة، ليصدر لاحقاً الأمر الإداري رقم ٨١٦ بتاريخ 21/ 6/ 2022 بإعادته للشُعبة دون أي صفة رسمية، ولم تفلح محاولات الاعتراض لطيّ القرار أو التراجع عنه لحين تنفيذ توصيات الرقابة.
رغم قرار الإعفاء تقدم رئيس الشُعبة المعفى كشف بتاريخ 19/ 6/ 2022على مراكز النحل في (عمريت، كفرفو، طرطوس)، وقدّم تقريره الذي أظهر نقصاً بخلايا مركز عمريت بأربع خلايا، ورغم العلم المسبق بجدول الزيارات ووضع مجموعة توصيات أكدت أن كلّ المراكز ما تزال لا تحتوي أية سجلات ولا تقدّم تقارير شهرية ولا يوجد ترقيم للخلايا ولا سجل للعمليات النحلية اليومية.
غير مؤهل!!
تواصلنا مع المهندس حسن حمادة رئيس دائرة الوقاية في مديرية الزراعة فأكد أن رئيس شعبة النحل المذكور غير مؤهل للعمل في الشعبة، ويفتقد لأبسط مقومات الخبرة والمهنية، ولديه صفر معلومات حول النحل، وقال: صبرنا عليه لأكثر من سنة ونصف وقمنا بإرساله للمراكز للتدرب دون جدوى، ولم يكن متعاونا متذرعاً بجسده الضعيف، والتعامل مع النحل حساس ودقيق ولا يمكننا المخاطرة بتركه أكثر، فاقترحنا إعفاءه وتأهيله فنياً وإخضاعه لتدريب لمدة ستة أشهر، وفي حال أثبت كفاءته يمكن إعادته، لكن لا يمكننا تحمل أي أخطاء يمكن أن تتسبب بموت النحل!
نترك ما تقدّم حول واقع مراكز النحل في محافظة طرطوس، وآلية العمل المتّبعة برسم وزارة الزراعة فما حدث ويحدث يشي بواقع مؤسف يسبّب تراجع إنتاج العسل، لاسيما أن تربية النحل تعني التعامل مع حشرات فائقة التنظيم، وشديدة الحساسية وتحتاج للكثير من الخبرة والدراية والدقة..!!.
سيرياهوم نيوز 6 – البعث