ريم هاني
في أول تصريحاته المفصّلة حول التوغل الأوكراني الأخير داخل روسيا، اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الإثنين، أنّ «أوكرانيا تشنّ هجومها على كورسك، بدعم من أسيادها الغربيين، بهدف تحسين موقفها التفاوضي قبل أي محادثات سلام محتمل»، مؤكداً أنّ مهمتها «ستفشل»، وأنّ روسيا ستسحق أعداءها «وتطردهم» من أراضيها. وتأتي تصريحات بوتين غداة شنّ أوكرانيا هجمات جديدة، بطائرات مُسيّرة، على منطقة كورسك الحدودية، الثلاثاء، وبعدما زعمت كييف، الإثنين، أنّها سيطرت على ألف كلم مربع من الأراضي في تلك المنطقة، منذ بدء الهجوم المباغت عليها في السادس من آب الجاري. ووفقاً لتحليل أجرته وكالة «فرانس برس»، الثلاثاء، استناداً إلى ما قالت إنها بيانات صادرة عن «المعهد الأميركي لدراسة الحرب»، فإنّ القوات الأوكرانية سيطرت، على الأقل، على 800 كلم مربع من الأراضي الروسية هناك.وتنسحب وجهة نظر بوتين على العديد من المراقبين الغربيين، الذين رأى بعضهم في هجوم القوات الأوكرانية «خطوة أولى»، نحو تغيير أوسع في الاستراتيجية الشاملة للحرب. وفي السياق، تقول جين سبيندل، الأستاذة المساعدة في «جامعة نيو هامبشاير» في الولايات المتحدة، خلال حديث إلى شبكة «دويتشه فيله» الألمانية، إنّ «أوكرانيا غير قادرة على الاستمرار في خوض هذه الحرب بنفس الطريقة التي كانت تخوضها خلال العامين الماضيين»، وذلك لسبب بسيط، وهو أنّها لا تملك عدد القوات أو مخزونات الأسلحة للقيام بذلك، بينما لدى موسكو جيش وقدرات أكبر، ما تجعل كييف مضطرة إلى نقل القتال إلى «داخل روسيا، في حال أرادت الاستمرار في المعركة». وفي حين يرى بعض المراقبين أنّ أوكرانيا نجحت في تحقيق «انتصار دعائي واضح»، بعدما أصبحت الأنظار تتركز على كورسك، بدلاً من منطقة دونباس، حيث لا تزال القوات الروسية تحرز تقدماً، يتبنى غوستاف غريسيل، خبير الشؤون العسكرية الألماني في «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية»، وجهة نظر «أكثر تشكّكاً» إزاء الهجوم الأوكراني، واصفاً إياه بأنّه «جيد لرفع المعنويات، إلا أنه غير مهم في الحرب». كما يعتبر الخبير الألماني أنّ «روسيا هي المستفيد الرئيسي من امتداد خط المواجهة إلى أراضيها، نظراً إلى أنّ ذلك يزيد الضغط على القوات المسلحة الأوكرانية».
ويتبنى تقرير أورده «المجلس الأطلسي»، أيضاً، وجهة نظر الكرملين، في ما يتعلق بـ«مفاوضات السلام»، لافتاً إلى أنّ «هجوم كورسك قد يكون، في نهاية المطاف، جزءاً من استعدادات أوكرانيا لعملية سلام مستقبلية، حيث تتطلع كييف إلى احتلال أكبر قدر ممكن من الأراضي الروسية، لاستخدامها كورقة مساومة في أي مفاوضات مع الكرملين»، علماً أنّه خلال الأيام الأولى للهجوم، كانت هناك تكهنات واسعة النطاق بأن الهدف الرئيسي لأوكرانيا قد يكون الاستيلاء على محطة كورسك للطاقة النووية، بهدف استبدالها بـ«محطة زاباروجيا»، التي تسيطر عليها روسيا في جنوب أوكرانيا. وعليه، وطبقاً لوجهة النظر هذه، قد يكون تبادل الأراضي، «على نطاق أوسع»، في النهاية، جزءاً من خطط كييف. ويتابع التقرير أنّ الهجوم الأخير «يتحدى» سردية «الخطوط الحمر» لروسيا، باعتبار أنه يُعد تجاوزاً لـ«أكبر تلك الخطوط»، بعدما قوّض «التخوف من أي تصعيد روسي» الاستجابة الدولية، وقيّد تدفق المساعدات الغربية، وأدى إلى فرض «قيود على استخدامها داخل روسيا»، منذ بداية الحرب، ما جعل أوكرانيا مضطرة إلى شن حرب «فيما إحدى يديها مقيّدة خلف ظهرها».
قد يكون تبادل الأراضي «على نطاق أوسع» في النهاية جزءاً من خطط كييف في الهجوم الأخير
وفي ما يتعلق بالوقائع الميدانية حتى الآن، ذكر أليكسي سميرنوف، القائم بأعمال حاكم كورسك، أن أوكرانيا سيطرت على 28 تجمعاً سكنياً في المنطقة، وتوغلت بعمق 12 كيلومتراً تقريباً، وعرض 40 كيلومتراً، فيما قال مسؤولون محليون إن 121 ألف شخص غادروا كورسك بالفعل أو تم إجلاؤهم، وإن 59 ألفاً آخرين في طور الإجلاء. من جهته، ذكر حاكم منطقة بيلغورود الروسية المتاخمة لكورسك أنه تم إجلاء 11 ألف مدني أيضاً. وطبقاً لعدد من المدوّنين العسكريين، تحاول القوات الأوكرانية في كورسك تطويق منطقة سودجا، التي يتدفق الغاز الطبيعي الروسي منها إلى أوكرانيا، بينما تدور معارك كبرى بالقرب من كورينيفو، الواقعة على بعد حوالي 22 كيلومتراً من الحدود، بالإضافة إلى منطقة مارتينوفكا.
إلا أنّه أمس، أوردت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، نقلاً عن اللواء، أبتي علاء ألدينوف، قائد قوات «أحمد» الروسية، أن الجيش الروسي تمكن من «السيطرة على الوضع في المنطقة المتأزمة في مقاطعة كورسك»، وأنّه «يتم طرد العدو من مراكز سكنية كان قد احتلها». وتابع ألدينوف: «لقد أوقفنا بالفعل رحلة العدو غير المنضبطة، ودمّرنا القوى العاملة والمعدات المعادية لليوم الثالث على التوالي»، معتبراً أنّ «العدو يدرك أنّ الهجوم الخاطف الذي خطّط له قد فشل». وطبقاً للمصدر نفسه، فإنّ «القوات الروسية دمّرت 45 قطعة من المعدات العسكرية الأوكرانية، في منطقة واحدة فقط في كورسك، خلال اليومين الماضيين».
سيرياهوم نيوز١_الاخبار