رأي ريم منصور سلطان الأطرش
في السابع من أكتوبر 2023، كانت الفرحة عارمة، والمفاجأة مذهلة. وكنتُ قد كتبتُ مقالة قصيرة، نُشِرَت في نشرة التواصل الإلكترونية في اليوم ذاته، ختمتُها بما يلي: «نعم… لقد فعلها المقاومون الأشاوس الأبطال… ويا أيها الصهاينة، أنتم وداعموكم… آنَ أن تنصرفوا!».اليوم، وبعد مرور أشهر على بدء «طوفان الأقصى»، أجدني أصل إلى الاستنتاجات التالية:
– رغم إيماني بالعَلمانية، نظاماً للدولة، وبضرورتها لمشرقنا، تحديداً، من أجل تحقيق المواطَنة، بتطبيق حيادية الدولة أمام العقائد الدينية والسياسية، إلّا أني لم أرَ، خلال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، مقاومة أكثر ثباتاً أمام العدو الصهيو-أميركي، من المقاومة ذات العقيدة الدينية، إذ أثبتت العقيدة الدينية المتجذّرة في المقاومة الفلسطينية واللبنانية أنها راسخة وقويّة وتستحقّ الدعم بكل ما أوتِيَ المحور المقاوِم من سلاح وتدريب، فهي قادرة على تحقيق ما كان بعضنا يظنّه مستحيلاً، لعقود مضت، وهو تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.
– تلك المقاومة الراسخة، ما كانت لتكون بهذا الرسوخ والثبات، لولا البيئة الحاضنة لها: ففي غزة، كان صمود الشعب ولا يزال فوق احتمال البشر وتصوّرهم: ثبات على الأرض رغم الدمار والمآسي، من الأطفال وحتى الشيوخ.
– صحيح أنّ المقاومة مستمرّة ولا تتجزّأ، وأن المقاومة ذات العقيدة الدينية لم تصل إلى وضعها الحالي إلا بعد تضحيات جمّة لكل المقاومين الذين سبقوها؛ وصحيح أيضاً أنّ المقاومة الوطنية الإسلامية تمّ دعمها بشكل نوعي، أكبر بكثير مما دُعِمَت فيه المقاومة الوطنية غير الدينية، لأسباب بعضها موضوعي وبعضها ذاتي، إلّا أن المقاومة ذات العقيدة الدينية استطاعت التجذّر في النسيج الاجتماعي بشكل كبير وواضح.
– لو أنّ البلاد المُحيطة بفلسطين، والملاصقة لغزة والضفة الغربية، بذلت، نصرةً لها، ما بذله أهلنا في اليمن، لما عانى الغزّاويون من الجوع والمرض!
– علينا التحرّر، كشعب، أولاً من الحكّام التابعين للغرب، كي نستطيع تحقيق آمال الناس في بلادنا، في المصير المشترك والتكامل والوحدة: لقد أثبتت «طوفان الأقصى» أن الأيديولوجيات القومية (العربية أو السورية) في وادٍ وواقع الحكّام في وادٍ آخر!
– أثبت «طوفان الأقصى» أن الإنسانية لا تزال بخير، وأنّ شعوب العالم الغربي بالذات، وفي معظمها، تستطيع التعاطف مع القضايا الإنسانية المُحِقّة، رغم التضليل الإعلامي الغربي الفعّال منذ عقود!
– كما أثبت هذا الحَدَث العظيم عنصرية الغرب الرسمي والإعلام الغربي الشهير، وأثبت أيضاً نفاق الغرب في ما يتعلّق بحقوق الإنسان وبمفهوم الإنسانية عند سياسيّيه!
– ملاحظة أخيرة، شعرتُ بها بقوّة، وأنا هنا أطرحها للتساؤل: ما هو سرّ صلابة المقاومة في «جنوب» بلادنا، عامة، تاريخياً وحالياً؟ الثورة السورية الكبرى في جبل العرب، جنوب سورية الحالية؛ المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان؛ المقاومة الفلسطينية في غزة جنوب فلسطين؛ المقاومة الصلبة في اليمن جنوب جزيرة العرب!
* كاتبة ومترجمة
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية